السىد الغضبان نجح نظام الرئيس السابق مبارك في الاستيلاء علي النقابات المهنية حتي يحكم الحصار علي المعارضة التي اتخذت من بعض هذه النقابات منبراً يحتضن الأصوات المعارضة.. ورغم هذا النجاح بالنسبة لغالبية النقابات المهنية فقد فشلت كل المحاولات التي بذلها نظام مبارك للاستيلاء الكامل علي »نقابة الصحفيين« وأقصي ما استطاع ان يحققه هو احتلال كرسي النقيب ومعه بعض أعضاء مجلس النقابة، بينما ظلت النقابة بأغلبية أعضائها عصية علي محاولات الترغيب والترهيب التي مارسها نظام مبارك. واستطاعت نقابة الصحفيين في ظل ظروف بالغة الصعوبة، أن تضمن للصحافة الحد الأدني من »الالتزام المهني« وان توفر الحماية بدرجة معقولة لأعضائها عندما يتعرضون لحملات القمع الشرسة من أجهزة النظام السابق.. وفي محاولة لاختراق هذا الحصن المنيع قدم بعض وزراء اعلام مبارك صفقة مغرية من وجهة نظرهم توفر للنقابة موارد مادية هائلة بضم الاذاعيين »في الاذاعة والتليفزيون« لعضوية النقابة، لتصبح حسب وعود وزراء الإعلام نقابة ضخمة ولتزداد قوة بالعدد الهائل الذي سينضم إليها. ووقفت نقابة الصحفيين بكل اتجاهات أعضائها موقفاً صلباً ضد هذه الدعوة لأن الصحفيين أدركوا أن هذه الدعوة تمثل شركاً خادعاً واستندوا في رفضهم إلي منطق واضح أولاً: مع التسليم بأن »الاذاعيين« في الاذاعة والتليفزيون زملاء يشاطرونهم الانتماء إلي »الجماعة الإعلامية« بمعناها الواسع إلا أن لكل وسيلة إعلامية »خصائصها« التي تتطلب »مواصفات« خاصة ومواهب وملكات تتباين من وسيلة إعلامية إلي أخري. والجمع بين المهنيين في مختلف الوسائل الإعلامية في »نقابة مهنية« واحدة يفقد هذه النقابة أهم عناصر قوتها وهو »تجانس« أعضائها. ثانياً: مع افتراض تخصيص »شعبة« للصحافة وشعبة للإذاعة والتليفزيون فإن قبول الاذاعيين سيحدث خللاً كبيراً في بنية نقابة الصحفيين نظراً لأن عدد الاذاعيين أضعاف أضعاف عدد الصحفيين وهذا الخلل في بنية النقابة سيصيبها بضعف شديد.. وتفهم الاذاعيون منطق زملائهم أعضاء نقابة الصحفيين الشقيقة وحاولوا إنشاء نقابة مهنية للاذاعيين علي غرار نقابة الصحفيين الشقيقة.. ووجه الإذاعيون بمقاومة ضارية من وزراء الإعلام المتعاقبين وذلك لإبقاء الإذاعيين تحت رحمة وسطوة وزراء الإعلام بغير نقابة مهنية تحمي المهنة وتحمي الاذاعيين مهنياً. وأخيراً نجح الاذاعيون في انتزاع اعتراف بحقهم في إنشاء نقابة مهنية من خلال حركة احتجاجية رائعة أرغمت أنس الفقي وزير الإعلام الأسبق علي القبول بمبدأ إنشاء نقابة مهنية. ورغم رضوخ أنس الفقي لمطالب الاذاعيين المحتجين فقد بذل محاولات كثيرة لإجهاض فكرة »النقابة المهنية« وتحويلها إلي مجرد نقابة فضفاضة تجمع اشتاتاً ممن يمارسون بعض المهن التي تنتمي »الجماعة المهنية« بمعناها العام.. وخاض الإذاعيون صراعاً مريراً ضد محاولات الالتفاف علي نقابتهم المهنية حتي تمكنوا من أن يشكلوا لجنة من الاذاعيين اعدت مشروع قانون لنقابة مهنية هي »نقابة الإذاعيين« »راديو وتليفزيون« وبدأت المناورات لإجهاض هذه النقابة المهنية. والحديث متصل في الإسبوع المقبل إن شاء الله.