انقضي الفصل التشريعي الاول لمجلس النواب العراقي الجديد ولم يجتمع غير مرة واحدة لمدة عشر دقائق فقط ثم أفتي رئيس السن للمجلس في نهايتها بأن الجلسة ستعتبر مفتوحة لحين انتخاب رئيس جديد للجمهورية ورئيس جديد للوزراء ورئيس جديد لمجلس النواب. وواضح للجميع ان الكيانات السياسية الحاكمة وهي الاحزاب الدينية والكردية ترفض الاعتراف بفوز القائمة العراقية التي تضم تحالف المعادين للاحتلالين الامريكي والايراني. وقال أحد القياديين في الائتلاف الطائفي الحاكم ان منصب رئيس الوزراء هو من حصة "الشيعة" مهما كانت نتائج الانتخابات! لكنهم لا يقبلون بفوز اياد علاوي رغم انه "شيعي" لانه ليس من اتباع ملالي طهران. وبدلاً من ان يخجل النواب ويتحملون مسئوليتهم الوطنية والاخلاقية والقانونية فيصدرون بياناً يفضحون فيه العملية السياسية الفاسدة ومناورات السياسيين من مختلف القوائم وخاصة من القوائم الصغري التي "تعفرتت" علي القوائم الكبري بسبب انشغال القائمتين الكبيرتين بمعركة "أم الكراسي", بدلاً من ان يتولي النواب ذلك تحركوا لاستلام رواتبهم ومخصصاتهم وامتيازاتهم وسياراتهم وبيوتهم! لقد استلم كل منهم بلا خجل ولا حياء رواتب ومخصصات سبعة أشهر لم يحضر منها سوي عشر دقائق فقط سلم خلالها علي الحبايب والنسايب والقرايب ووضع في جيبه أكثر من 350 الف دولار! ومعروف ان راتب ومخصصات كل نائب عراقي تصل الي خمسين مليون دينار شهرياً (نحو 40 الف دولار) وضعف هذا المبلغ لتحسين أحواله المعاشية يقبضها في بداية عمله كنائب وسيارات مصفحة وسفرات سياحية لدول الجوار للاطلاع علي العالم الخارجي, خاصة بالنسبة للنواب الجدد الذين لم يركبوا طائرة في حياتهم. هل هناك نائب عراقي شريف أو نواب شرفاء يقفون تحت قبة البرلمان ليقولوا في أول جلسة مفتوحة أو غير مفتوحة ان ما يفعله أكثرية النواب العراقيين من سرقة المال العام حرام وستين حرام؟ فليست هناك دولة في العالم تمنح نوابها هذه الرواتب الخرافية والامتيازات الخيالية، لا في امريكا ولا في اوربا ولا في دول الخليج العربي. ليس هناك شيء اسمه تحسين احوال النائب المعاشية, لان المهم هو تحسين احوال الشعب المعاشية. هذه رشوة علنية واستغلال نفوذ قام بها النواب العراقيون الذين شرعوا قوانين ما انزل الله بها من سلطان لمصالحهم الشخصية. هل يعلم القراء ان النائب العراقي الذي يتقاضي اربعين ألف دولار شهرياً ويستلم سيارة مصفحة وسيارة مدنية هدية من رئيس الجمهورية وقطعة أرض هدية من رئيس اقليم كردستان, ثم يتقاضي بعد انتهاء دورة المجلس راتباً تقاعدياً لا يقل عن عشرة آلاف دولار شهرياً؟! ان رئيس الولاياتالمتحدةالامريكية نفسه يتقاضي 35 الف دولار شهرياً أي أقل من راتب النائب العراقي حفظه الله! طبعا ليس هناك في السلم الوظيفي لأي دولة وظيفة اسمها نائب. وليس هناك في الارض تقاعد للنواب. ومتي ما انتهت الدورة البرلمانية فان النواب يعودون كل الي عمله السابق الذي يفترض انه لم يتركه الطبيب يرجع الي عيادته والمحامي يعود الي مكتبه والموظف يرجع الي دائرته والفلاح يرجع الي مزرعته والعامل يرجع الي عمله أو يبحث له عن عمل جديد. ان النواب العراقيين يمارسون سرقة علنية فيقبضون اربعين الف دولار شهرياً لحضور جلستين او ثلاث جلسات في العام الواحد وسفرات وايفادات وعطل بمناسبة وبدون مناسبة وحج وعمرة في الوقت الذي يعيش نصف الشعب العراقي تحت خط الفقر! لقد انتخب الشعب العراقي نواباً لخدمته وليس لسرقة المال العام.