إذا كان هناك درس يجب أن يخرج به البرلمان من قضية تشكيل الجمعية التأسيسية، فهو أنه لا بد من التأني وعدم التسرع في اتخاذ القرارات أو مشروعات القوانين، حتي يطمئن المجلس أولا وقبل كل شيء، الي أنه لن يقع في خطأ اصدار قرارات مخالفة لصحيح القانون، أو يقر مشروع قانون يحمل شبهة عدم الدستورية، ويسهل الطعن عليه. وفي هذا الإطار فإن المتفحص لما صدر عن محكمة القضاء الاداري في حكمها التاريخي أول أمس، بوقف تنفيذ قرار تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، يجد انها لم تترك شاردة أو واردة من الأسباب التي كانت وراء اللغط والخلافات، التي ثارت حول تشكيل الجمعية الا وتعرضت لها، وبينت موقف صحيح القانون منها، لتضع حداً لكل ما كان موضع خلاف أو التباس. وفي هذا الخصوص، أكدت المحكمة ان الاعلان الدستوري لم يعط لاعضاء البرلمان الحق في المشاركة في عضوية الجمعية التأسيسية، حيث ان الاعلان الدستوري حدد صراحة تشكيل هيئة الناخبين التي تتولي اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية، من الأعضاء المنتخبين من مجلسي الشعب والشوري. اي ان مهمة هؤلاء الأعضاء من البرلمان تكون محددة ومقصورة علي اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية المائة، بطريق الانتخاب، وهي الجمعية المكلفة بإعداد الدستور خلال ستة أشهر من تاريخ تشكيلها. وتؤكد المحكمة ان الإعلان الدستوري، حدد في صراحة ووضوح، وفي غير لبس كيفية تشكيل هيئة الناخبين من مجلسي الشعب والشوري، والمهمة التي تقوم بها هذه الهيئة، ثم حدد بعد ذلك وبكل وضوح مهمة الجمعية التأسيسية، حيث تتولي الأولي انتخاب أعضاء الجمعية، وتتولي الثانية إعداد مشروع الدستور، وهما مهمتان منفصلتان غير متداخلتين، وليس هناك خلط في ذلك. وبذلك يكون هذا التحديد الواضح بتشكيل واختصاص كل منهما ملزماً بالحدود المرسومة لهما دون تدخل أو خلط، وهو ما يحول دون أن يكون أي من المشاركين في الاجتماع المشترك لمجلسي الشعب والشوري، من بين الأعضاء الذين تم اختيارهم في الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور، وان يقتصر دورهم فقط لا غير علي انتخاب أعضاء الجمعية التأسيسية. ولا أعتقد ان هناك ما يمكن أن يضاف الي ذلك، حيث أن الكلام واضح وشامل،..، ولكن العبرة بمن يستوعب الدرس، حتي لا يتكرر الخطأ ، ويخرج علينا البرلمان بقرار آخر ، أو بمشروع قانون جديد غير متسق مع صحيح القانون ، أو فيه عوار ويحمل شبهة عدم الدستورية. ونواصل غدا إن شاء الله.