كان الله في عون هذا الشعب المسكين، الذي يتعرض طوال ال 24 ساعة، لحالة غير مسبوقة في تاريخه، من التضليل الإعلامي الممنهج، والتزوير السياسي المتعمد، عبر حمم مسمومة من الأكاذيب والأباطيل، وقلب مدهش للحقائق، لا يتورع عنها غالبية من هم في صدارة المشهد الإعلامي والسياسي، ولا يرتدع عنها من يتحملون الآن أمانة المسئولية التاريخية، في دولة بحجم ووزن مصر. إنها صفحة سوداء جديدة يسطرها الآن دعاة العلمانية، ومزيفو الليبرالية، وبقايا الماركسية واليسار، والتائهين في هذه اللحظة التاريخية، والباحثين عن المال الحرام في الفضائيات، حتي وإن كان مغموسا بالتدليس والنفاق، وانعدام المروءة وافتقاد حمرة الخجل، بانحيازهم المفضوح ضد إرادة الجماهير التي لا يحترمونها، وهجومهم الفاجر ضد ما أفرزته الديمقراطية التي انتظرناها طويلا، وتحالفهم المشبوه مع دعاة الاستبداد والفساد، وتحريضهم السافر ضد البرلمان المنتخب. طوال الأسابيع الماضية، والتحريض في الصحف والفضائيات علي أشده ضد المسار الديمقراطي، وبذل كل الجهد من أجل الضغط علي المجلس العسكري للانقلاب علي إرادة الشعب، والدعوة الصريحة إلي حل المؤسسات الدستورية المنتخبة، وإثارة الغبار حول الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، والهدف المباشر هو تعطيل وإفشال المسار الديمقراطي، الذي كشف فشلهم وعجزهم، وأظهر حجم تأييد شعب مصر للإسلاميين، إنها سياسة احتقار الشعب التي مارسوها طويلا. لو كان لدينا ميثاق محترم للشرف الصحفي، تقف خلفه نقابة قوية، لأحالت من ينتهكونه للتحقيق والمحاكمة، بتهمة تضليل الشعب في أحرج ظروف يمر بها، لكن نقابتنا، التي يسيطر عليها دعاة العلمانية وبقايا اليسار والماركسية، تتفرغ الآن للانسحاب من أهم مسئولية وطنية في الوقت الحالي، وهي لجنة إعداد دستور مصر، ولو كانت لدينا منظمات مجتمع مدني، لا تبحث عن المال المشبوه علي أبواب السفارات، لمارست دورها في حماية الشعب من كل هذه الحمم المسمومة. ثم ما كل هذا الهجوم المروع علي جماعة الإخوان المسلمين، التي قررت الدفع بمرشح منها لانتخابات الرئاسة، وكأنها اغتصبت حق أحد! أم أن ديمقراطية العلمانيين واليساريين والليبراليين لا تسمح لهم بذلك؟ لقد انصب الهجوم علي أن الإخوان غيروا رأيهم السياسي، مع أن تغيير الرأي لا يعني تغيير المبدأ أو الخلق أو السلوك، ومن حقنا جميعا أن نناقش الأسباب التي دعتهم إلي تغيير القرار، بعيدا عن أسلوب التخوين والتضليل، وادعاء الحرص علي مبادئهم أكثر منهم. لكن عزائي واطمئناني أن أفراد الإخوان يلتفتون أكثر إلي العمل والبذل والعطاء والتضحية، ويتواصلون أقوي، رغم هذه الأجواء الضاغطة، مع كل أبناء مصر البررة، في الكفور والنجوع والقري والمدن علي امتداد ربوع الوطن، ويتحاورون مع الناس في المؤسسات والتجمعات، لتوضيح الصورة الحقيقية، إنهم يدركون جيدا أن الشعب المصري الحر هو وحده صاحب القرار، وأن إيصال الحقائق إليه هو الطريق الصحيح للإقناع وللتغيير، مهما أرجف المرجفون وزيف المضللون. لقد مل الناس من هذا الأسلوب المتردي في التخوين والتزييف وتعمد التضليل وعدم تحري الحقيقة، هذا الأسلوب الذي فاق ما كان يحدث في العهد البائد، وأنا علي ثقة من أن الحقائق سوف تظهر سريعا، وأن الشعب المصري الواعي لا تنطلي عليه أكاذيب العلمانيين، وفي كل مرة يمارس حريته يؤكد ذلك. إن الإخوان سوف يصعدون علي جبل الأحجار التي ألقيت عليهم، وسوف يقدمون أفضل ما عندهم من رجال وأعمال ومشروعات من أجل مصر، وسوف يبذلون جهدهم من أجل تحقيق آمال الشعب في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، فقط يحتاجون إلي الفرصة، وهي قادمة بإذن الله.