حسين لبيب يحضر حفل تأبين العامري فاروق داخل النادي الأهلي    عام المليار جنيه.. مكافآت كأس العالم للأندية تحفز الأهلي في 2025    10 توصيات في ختام المؤتمر الثالث لمبادرة اسمع واتكلم بمرصد الأزهر    جهاز العبور الجديدة يحرر محاضر لوحدات إسكان اجتماعي مخالفة    «البترول» تواصل تسجيل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر مايو 2024    الخارجية الأمريكية: نراجع شحنات أسلحة أخرى لإسرائيل    بوتين: 90% من المدفوعات في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي تتم بالعملات الوطنية    أحمد موسى : مصر لا تتحمل أي مسؤولية أمنية في غزة    «المحاربين القدماء وضحايا الحرب» تُكرم عدداً من أسر الشهداء والمصابين    جدول امتحانات الصف السادس الابتدائى 2024 بالجيزة .. اعرف التفاصيل    توت عنخ آمون يتوج ب كأس مصر للسيدات    أمطار حتى الإثنين.. الأرصاد السعودية تحذر من بعض الظواهر الجوية    الثقافة جهاز مناعة الوطن    نجوم الفن ينعون والدة كريم عبد العزيز: «ربنا يصبر قلبك»    أولادكم أمانة عرفوهم على ربنا.. خالد الجندى يوجه نصائحه للأباء والأمهات فى برنامج "لعلهم يفقهون"    بعد قرار "أسترازينيكا" سحب لقاح كورونا.. استشاري مناعة يوجه رسالة طمأنة للمصريين (فيديو)    أسعار الأضاحي في مصر 2024 بمنافذ وزارة الزراعة    «اسمع واتكلم».. المحاضرون بمنتدى الأزهر يحذرون الشباب من الاستخدام العشوائي للذكاء الاصطناعي    لفترة ثانية .. معلومات عن سحر السنباطي أمين المجلس القومي للطفولة والأمومة    السجن 5 سنوات لنائب رئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة بتهمة الرشوة    محافظ أسوان: مشروع متكامل للصرف الصحي ب«عزبة الفرن» بتكلفة 30 مليون جنيه    محلل سياسي: «الجنائية الدولية» تتعرض للتهديد لمنع إصدار مذكرة اعتقال لنتنياهو    حسن الرداد يكشف عن انجازات مسيرته الفنية    «فلسطين» تثني على اعتراف جزر البهاما بها كدولة    أمين الفتوى يوضح حكم وضع المرأة "مكياج" عند خروجها من المنزل    «التجارية البرازيلية»: مصر تستحوذ على 63% من صادرات الأغذية العربية للبرازيل    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد مستشفى الصدر والحميات بالزقازيق    رئيسة المنظمة الدولية للهجرة: اللاجئون الروهينجا في بنجلاديش بحاجة إلى ملاجئ آمنة    تقديم رياض أطفال الأزهر 2024 - 2025.. الموعد والشروط    "عليا الوفد" تلغي قرار تجميد عضوية أحمد ونيس    مناقشة تحديات المرأة العاملة في محاضرة لقصور الثقافة بالغربية    دعاء للميت بالاسم.. احرص عليه عند الوقوف أمام قبره    «تويوتا» تخفض توقعات أرباحها خلال العام المالي الحالي    كريستيانو رونالدو يأمر بضم نجم مانشستر يونايتد لصفوف النصر.. والهلال يترقب    «الجيزة التجارية» تخطر منتسبيها بتخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية    «القاهرة الإخبارية» تعرض تقريرا عن غزة: «الاحتلال الإسرائيلي» يسد شريان الحياة    أحدثهم هاني شاكر وريم البارودي.. تفاصيل 4 قضايا تطارد نجوم الفن    11 جثة بسبب ماكينة ري.. قرار قضائي جديد بشأن المتهمين في "مجزرة أبوحزام" بقنا    يوسف زيدان عن «تكوين»: لسنا في عداء مع الأزهر.. ولا تعارض بين التنوير والدين (حوار)    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    فرقة الحرملك تحيي حفلًا على خشبة المسرح المكشوف بالأوبرا الجمعة    تعرف على التحويلات المرورية لشارع ذاكر حسين بمدينة نصر    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    محافظ كفر الشيخ: نقل جميع المرافق المتعارضة مع مسار إنشاء كوبري سخا العلوي    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد عبداللاه القيادي بالحزب الوطني المنحل في حوار مع الأخبار
عدد كبير من الذين يحسبون أنفسهم علي التيارات الثورية من فلول الوطني
نشر في الأخبار يوم 10 - 04 - 2012


د. محمد عبداللاه أثناء حواره مع » الأخبار«
علاقتي بالعمل السياسي توقفت بعد ثورة يناير
أقول للأغلبية البرلمانية الإسلامية: اتعظوا مما حدث للحزب المنحل
هو شاهد علي عصرين..السادات ومبارك..وأحد مؤسسي الحزب الوطني المنحل مع الوزراء السابقين منصور حسن ومحمد عبد الحميد رضوان وفؤاد محيي الدين.. لا يتنكر لتاريخه ولا يسعي حالياً لمنصب..لكنه يمتلك تفاصيل شهادة هامة عن سنوات قريبة تحكي كواليس إدارة الحكم في مصر..وكمراقب موضوعي ومتابع للأحداث الجارية يري ضرورة أن تتعظ الأغلبية البرلمانية الحالية من دروس الأمس القريب .. وما جرته أفعال الأغلبية السابقة للحزب الوطني من غضب ونفور وعزلة عن الجماهير..وكأكاديمي بارز ينصح بدستور توافقي لكل المصريين..وكخبير في العلاقات الخارجية يقدم روشتة لعودة مصر إلي ريادتها الإقليمية بعد أن تتجاوز محنتها الحالية ..
"الأخبار" حاورت الدكتور محمد عبد اللاه وفتحت معه كل الملفات بوضوح بعيداً عن الدبلوماسية.
ما رؤيتك للأزمة الحالية التي فجرتها الأغلبية البرلمانية بتشكيل الجمعية التأسيسية للدستور.. وذلك بحكم وجودك كأحد قيادات أغلبية سابقة للحزب الوطني المنحل؟.
الحكم علي مدي الشرعية القانونية لتشكيل اللجنة هوأمر متروك للقضاء .. فهي مسألة قانونية بحتة.. لكن من وجهة النظر السياسية وهذا أمر لابد أن يصل إلي كل المصريين..فأنا أري أن الانتخابات البرلمانية يفوز بها من يحرز الأغلبية.. أما الدستور فهولا يتم إلا بأكبر قدر من التوافق للتيارات السياسية المتنوعة في المجتمع..أما النقطة الثانية التي أحب توضيحها أن التشكيل الذي خرجت به علينا اللجنة جانبه الصواب وهذا ليس طعناً في أشخاص الأعضاء.. ولكن من منطلق هام وهو أن مجلسي الشعب والشوري برغم أنهما مجلسان منتخبان.. لكنهما منحا نفسيهما وزناً لا يمثل كل فئات وأطياف الشعب المصري.. خاصة أن الجميع يعلم تركيبة المجلسين ذات الغالبية للإسلام السياسي.. وهذا لا يعكس التنوع الموجود علي أرض الواقع المصري.. لذلك فأنا أميل لتشكيلة جديدة للجمعية التأسيسية للدستور تغلب عليها الخبرات القادرة علي بلورة وصياغة محصلة الحوارات ولجان الاستماع..وحسم الجدل الآن ليس بتغيير المنسحبين بالاحتياطي فهذا تكييف قانوني..ولكن الأمر يحتاج إلي صيغة سياسية تعمل علي المواءمة بين كافة مكونات المجتمع المصري.. وعدم الانسياق لإغراء قوة الأغلبية..ولأن البديهي أن السياسة ليس بها ملائكة فأنا أوجه رسالة للأغلبية الحالية في البرلمان مفادها أن يستفيدوا من دروس الأغلبية السابقة للحزب الوطني .. وأحذرهم ناصحاً بأن إقصاء المعارضة من مجالها الشرعي في مجلس الشعب سيدفعها دفعاً إلي الخروج إلي الشارع.. وأتمني أن يدرك التيار الإسلامي هذا الدرس جيداً ولا يكرره حتي مع الفوارق في المقارنة.
مشوارك السياسي بدأ منذ عام 1975.. هل توقف هذا المسار بعد ثورة يناير وحل الحزب الوطني.. باختصار ماذا يفعل الدكتور محمد عبد اللاه الآن؟
مشاركتي في العمل السياسي بدأت في فرنسا في السبعينيات وعلاقتي الطيبة هناك هي التي رشحتني للعمل في السياسة في مصر بعد عودتي في 1975.. وقد توقفت علاقتي بالسياسة الآن كعمل تنظيمي.. ولكن رؤيتي كشخص مهتم بالشأن العام ومهموم به لا تزال مستمرة.. فأنا أشارك بصورة شبه يومية في تحليل الأحداث والنصح وإبداء الرأي في الأحداث العامة..ولا تزال علاقتي الوثيقة بأطراف دولية ورموز السياسة الخارجية قائمة من خلال زيارتهم لمصر أوسفري للخارج..لكن الدور الحالي الذي يسعدني فهوالمشاركة في مجلس العلاقات الخارجية وهومنظمة مجتمع مدني جادة وكذلك عضويتي في المجلس المصري الأوروبي.. وأنا الآن قد عدت إلي بداياتي متحرراً من ذاتيات العمل التنظيمي.
فلول.. فلول
وصف "الفلول" الذي يلصقه البعض برجال السياسة قبل ثورة يناير.. هل هذا التصور يعوق عودة مجموعة كبيرة من السياسيين المصريين المعتدلين للساحة من جديد .. مثل الدكتور محمد عبد اللاه؟
أريد أن انقل للجيل الحالي خلاصة خبرتي من تعاملاتي واحتكاكي بمجتمعات دولية وكذلك تجربتي الطويلة كرئيس للجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان لأكثر من 20 عاماً.. وهي أن أخطر ما يهدد أي مجتمع هو أن تسود العمل العام مبادئ خاطئة مثل تعميم الاتهامات أوالإقصاء أوالتخوين أوالتكفير.. فهذه المبادئ العامة تعوق حركة المجتمع.. وقد يستخدمها البعض أحيانا "شماعة" لإلقاء مشاكلهم عليها ويبررون لجوءهم إلي تلك الأحكام العامة الخاطئة لبسط سيطرتهم المنفردة.. وهذا تكرار لأخطاء الماضي الذي كان يعتمد الإقصاء التخوين وغير ذلك للانفراد بالسلطة.. وأنا لا أتنكر لتاريخي..لكن من الضروري أن أذكر المتابعين أن وضعي السياسي والحزبي كان أفضل في عام 1982 عنه في عام 2011. إفساد السياسة
ولكنك كنت أحد القيادات في الحزب المتهم بإفساد الحياة السياسية؟
لابد من التفرقة بين أشخاص أساءوا إلي الحزب وآخرين حاولوا التصحيح دون جدوي وهذه حقائق يفصل فيها التاريخ..خاصة هؤلاء الذين انحرفوا سياسياً أومالياً أوفكرياً.. لكن الرؤية الكلية للحقيقة تجعلنا ندرك أن النظام السابق كان امتداداً لثورة 25 يوليو1952 ذات الطابع الشمولي..وهناك من المعارضة من تعايشوا مع نظام مبارك فهل هؤلاء يعتبرون ضمن "الفلول" !!..فوجودهم كان يدعم النظام الذي يتكون من أغلبية ومعارضة.. وأقول بصراحة أن كثيراً ممن يتصدرون الساحة الآن بعد ثورة يناير ويحسبون أنفسهم من التيارات الثورية الحالية كانوا في الحزب الوطني وخرجوا لأسباب شخصية بحتة وليس لاختلافات فكرية أواعتراضاً علي سياسات .. ولن أسهب في تفاصيل وأسماء.. لكن هناك من خرج من الحزب الوطني لرفض صفوت الشريف تصعيده كرئيس تحرير لجريدة كبري..والآن هو قيادة ثورية.. وهناك من اقترب من جمال مبارك طمعاً في ضمه لمنصب قيادي في الحزب وعندما تم اختيار غيره.. ابتعد وعاد بعد الثورة أومعها ليبزغ نجمه الآن.. ولدي قائمة طويلة من الأسماء اللامعة في المشهد السياسي الحالي ممن حاولوا الاقتراب بشدة من النظام السابق وعندما استبعدوا هاجموه ليس لقناعة فكرية مغايرة ولكن لتصفية حسابات شخصية.
وماذا عن مواقفك من انحرافات الحزب الوطني المنحل من خلال موقعك المؤثر؟
مجموعة جمال مبارك لم تكن تهتم لتحذيرات ما أطلق عليهم الحرس القديم .. كانت تعتبرهم من معارضي جمال .. وأنا أول من حذر من تآكل الطبقة الوسطي في مصر في عام 1992 في جلسة علنية لمجلس الشعب وشرحت خطورة ذلك علي انهيار البنية الاجتماعية وكذلك كنت أول من هاجم سياسة الخصخصة وقلت بالحرف نخن نتصرف كمن يبيع أملاكه الراسخة ويشتري أخري "مخوخة" من الداخل رغم الطلاء الخارجي المزركش.. ومواقف كثيرة جميعها مسجلة في مضابط مجلس الشعب..ومواقفي هذه هي التي جعلتني من المبعدين عن المراكز القيادية كما قلت رغم إنني من مؤسسي الحزب مع الرئيس الراحل أنور السادات.
اخطاء.. اخطاء
في رأيك ما أهم أخطاء النظام السابق ورموزه باعتبارك كنت قريباً من دوائر صنع القرار؟
الخطأ الأكبر هوعزل الرئيس من خلال إقصاء المستشارين بالمعني السياسي للكلمة.. فقد كانت هناك مجموعة هدفها عزل مبارك وعملت علي تحقيق هذا الهدف منذ إبعاد الدكتور أسامة الباز كمستشار سياسي والدكتور مصطفي الفقي كسكرتير للمعلومات وأصبحت قنوات الاتصال بين القوي الرئيسية في المجتمع والرئيس مقطوعة..كذلك إهدار البعد الاجتماعي خاصة في السنوات الأخيرة لعهد مبارك.. فنجد ارتفاعا في معدل النمو دون تنمية حقيقية يشعر بها المواطن ولا تصل إلي الطبقات العريضة.
هذا عن أخطاء الداخل وكيف تري الأخطاء في السياسة الخارجية؟
هناك خطا رئيسي أفرز أخطاء ثانوية .. وهوالتبني الكامل للخط السياسي الأمريكي.. حتي لوكان ذلك علي حساب توجهات الرأي العام في الداخل.. وعلي الرغم من أن نظام مبارك كان يستطيع أن يقوي مركزه التفاوضي مع الولايات المتحدة كقوة عظمي عن طريق الاختلاف معها والانحياز للرأي العام في الشارع المصري كورقة ضغط..وقد قلت هذا في عدة لقاءات خلال السنوات الأخيرة للرئيس السابق مبارك.. والأمثلة علي ذلك كثيرة مثل غزة ولبنان.. وضرب غزة..فقد كانت المواقف المصرية لا ترقي إلي مستوي قوة مصر الإقليمية ودورها العربي.
كيف كان يتعامل النظام السابق مع رموز المجتمع من كبار المثقفين وأساتذة الجامعات ورموز الحياة العامة؟
- لا نستطيع أن نتعامل مع نظام مبارك كتلة واحدة خلال 30 عاماً.. فهي مقسمة لمراحل وقد عاصرتها منذ عملي مع الرئيس السادات.. فبداية عصر مبارك كانت مبشرة..الإفراج عن معقلي سبتمبر 1982 واستقبالهم في القصر الجمهوري.. ثم المؤتمر الاقتصادي.. وعودة مصر إلي العالم العربي وتحسين الأجواء إقليمياً.. والمحافظة علي معاهدة السلام مع استعادة طابا.. والاهتمام بالصناعة الوطنية ودعمها..وشعار صنع في مصر وتشجيع المنتج المصري..واستمر حتي مع حربي الخليج الأولي والثانية.. ثم إسقاط ديون مصر والدعم العالمي لها.
وهنا نقطة التحول التي شعر بها الرئيس السابق بعد تلك النجاحات.. وزيادة الشعور بالذات وتضخمها وتصاعد "الأنا".. والاهتمام الزائد بالسياسة الخارجية علي حساب الداخل .. وبدأت الحلقة تضيق حوله وارتفعت تدريجياً مؤشرات الانعزال عن المستشارين..وفوجئنا بتطبيق سياسيات مناقضة لما دعا اليها مبارك في بداياته .. وتجلي ذلك مع تولي وزارة عاطف عبيد في توجه اقتصاد مغاير تماماً بدأ في عام 1999.. ومنذ عام 2000 بدأ مبارك يركز علي القضايا الخارجية .. وتضخمت الذاتية لدرجة أن المقربين من الرئيس كانوا ينصحوننا عند مقابلته ألا نتحدث في موضوعات معينة تثير غضبه..فهناك محظورات لا يجب أن نتحدث فيها.. بمعني قل ولا تقل.
كيف بدأت ملامح إعداد المسرح السياسي لصعود جمال مبارك وماذا كانت مواقفكم كتيارات قديمة؟
جمال مبارك جاء بمجموعته المتوائمة معه في العمر والتوجه الرأسمالي البحت الذي يؤمن تماماً بآليات السوق ويعتبرها أداة التحكم في الاقتصاد.. أما جيلي فيؤمن بضوابط للرأسمالية وضرورة إفساح المجال للبعد الاجتماعي للغلابة ..ولكن هذا الفكر تم إقصاؤه.. ولكن المذهل أن التوجه الرأسمالي لمجموعة جمال لم يواكبها توجه لتفعيل آليات الديمقراطية تمنع احتكار الحياة السياسية وإقصاء المعارضة وتهميشها مما أدي إلي تراكم الغضب وهوأحد عوامل الثورة..برغم ادعاءات جمال مبارك بتطبيق فكر جديد علي غرار توني بلير في بريطانيا وانتخابات من القاعدة للقمة لإعادة صياغة الحزب وتفريغ كوادر جديدة .. ولكن ما حدث هواحتكار مجموعة جمال العمل السياسي بمفردها.. دون صدي شعبي أوجماهيري.. وأتذكر حديثي مع يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق بأن العالم الرأسمالي كله يعيد دور وتدخل الدولة في الاقتصاد.. ونحن في مصر ننسحب من السوق وهذا خطر.
التعامل الأمني
هل فوجئت بالثورة.. أم كانت هناك بوادر بحدوث انفجار في الشعب المصري..وما رأيك في تعامل النظام السابق مع بوادر ثورة يناير؟
لقد عايشت أزمة كبيرة منذ اندلاع إضرابات ومظاهرات عمال شركات الغزل في عام 2008.. وحينها رفضت بشدة التعامل الأمني فقط مع تلك الأزمات وغيرها دون التعامل السياسي..فقد وقفت في اجتماع الحزب وأعلنت دهشتي من عدم إدراج سلسلة إضرابات عمال شركات النسيج في جدول الأعمال..وأن ميزة مصر النسبية في صناعة الغزل تنهار ولابد من وضع حلول جذرية قبل أن تتفاقم..دون ترك الأمن وحده يتعامل مع سلاسل الإضرابات والاحتجاجات بلا معالجات سياسية..وكانت الكارثة الكبري أن قيادات الحزب تقاعست عن تقديم حلول سياسية وفضلت الحل الأمني وهذا النهج هوالمؤشر الأكبر لاندلاع ثورة يناير..وبعد وقائع ثورة تونس تعرضت لتهكمات بالغة عندما حذرت من وقوع انفجار ثوري مماثل في مصر.. وردوا عليّ أن "مصر غير تونس".. وقلت لصفوت الشريف بالحرف.."هناك ما يسمي بأثر المحاكاة..برغم اختلاف الظروف".. ولكن الثقة المفرطة في القدرة الأمنية والتحكم في قدرات المعارضة وتحجيمها والتعامل باستعلاء مع الخصوم السياسيين كان سيد الموقف.. برغم أن تحذيري كان مستنداً علي معطيات واقعية.
هل اقترابك من الحزب الوطني يعوق مشاركتك في الحياة السياسية بعد ثورة يناير ..وإلي أي الأحزاب يميل الدكتور محمد عبد اللاه حالياً؟
احتفظ بعلاقات طيبة مع جميع التيارات السياسية في مصر.. وقد عاتبني مبارك عدة مرات بلهجة شديدة عن علاقتي بالمعارضة.. وخاصة حزب الوفد فأنا أميل للوفد كقيمة تاريخية ووطنية..وقال مبارك يوماً بسخرية .."هوانت وفدي ولا معانا" .. وكذلك عندما لبيت دعوة الإخوان المسلمين لإفطار في جامعة الإسكندرية ..تلقيت لوماً شديداً من مبارك وقيادات أخري..رغم أن رأيي كان ولا يزال إلا ندفن رأسنا في الرمال كالنعامة..ونقول المحظورة علي جماعة الإخوان.. ولماذا لا نتركهم يخرجون للنور ويشاركون حسب وزنهم النسبي في الشارع السياسي..والخلاصة أقول انه آن الأوان لجيلي أن يستريح .. ولكن أقول لشباب الثورة النقي الذي خرج يوم 25 يناير..من الخطأ أن ينسحب كل أصحاب الخبرة السياسية التي تنقص الشباب فهذا يحدث هوة..لأن المفترض أن يجمع هذا الشباب النقي بين اكتساب خبرة القدامي وبين حماسهم المتدفق وتطلعهم للمستقبل .. وينسحب القدامي بالتدريج.
وهل يعني هذا انك سترفض منصب وزير لوتم عرضه عليك في أي حكومة بعد الثورة؟
أرفض..عملاً بنصيحة الدكتور كمال أبوالمجد الذي قال لي بصراحة ..إن من يقبل تولي المسئولية في تلك المرحلة الانتقالية قد يعرض نفسه للتفريط في كرامته!!
هل ارتباط الوطني برئيس الجمهورية كان أحد أسباب التعتيم علي أخطائه الفادحة وضعف ارتباطه بالشارع؟
بالعكس كان الحزب سيضعف أكثر لأنه كان يستمد بقاءه من رئاسة مبارك ودعمه له..والتف الناس حوله لأنه حزب الرئيس .. وهذا ميراث 60 عاماً من الحكم الشمولي منذ الاتحاد الاشتراكي ثم حزب الوسط ثم الوطني.. وقد كانت بدايات الحزب في عهد السادات مفعمة بالأمل فقد كان السادات يتابع بنفسه كل صغيرة وكبيرة مع القيادات .. أما في عصر مبارك فتم تهميش القيادات ولم يأت وزيراً منهم في حكومة الحزب..وكل الوزراء بعد اختيارهم يقومون بتوقيع استمارات عضوية وهذا أمر غريب..فأنا أري أن العصر الذهبي للحزب الوطني كان أيام السادات مع بدايات تأسيسه وتولي فؤاد محيي الدين رئاسة الوزراء ولكن بعد ذلك أصبح الحزب تابعاً للحكومة وليس العكس.
وهل تري أننا تخلصنا من الحكم الشمولي والانفراد بالحكم أم هناك عودة بوجوه مغايرة؟
أعتقد أن ثورة يناير وما رسخته من مفاهيم جديدة تجعل صنع فرعون جديد أمراً مستحيلاً.. ونأمل في مرور المرحلة الانتقالية بسلام..لأن الرئيس المقبل سوف يحكم اختصاصاته دستور توافقي..والشواهد الحالية تدل علي رفض القوي الوطنية لأي حكم منفرد واستحواذ جديد علي السلطات ..مع كل تحفظاتي علي الفوضي الحالية..ولابد أن نتحدث بصراحة عن مسألة إطلاق وصف الفلول علي كل من عمل مع النظام السابق .. فهي مسألة غير منطقية لأن كل من عمل طوال 30 عاماً مضت بقرار جمهوري لا يمكن أن نعتبره من الفلول..فهناك الكثير من الشرفاء ممن تصدوا للعمل العام وهناك كفاءات عديدة لا يجب أن نقصيها ..وعلينا أن نركز علي الايجابيات في ثورة يناير..وأولها أن حاجز الخوف قد انتهي.. ولن يعود فرعون جديد.. لأن التركيبة السابقة هي التي كانت تخلق فرعوناً.. ولكن مع تحديد مدة الرئاسة سيحاول الرئيس أن يضع بصمته خلال فترة توليه المحدودة..لأنك لوأتيت بملاك وتركته في منصبه عشرات السنوات سوف يتحول قطعاً الي فرعون.
ما أهم السلبيات التي ترصدها الآن في المرحلة الانتقالية ما بعد ثورة يناير؟
أبرز السلبيات ذلك الخيط الشديد بين الحرية والفوضي فما يحدث الآن هو هدم للمنظومة الاجتماعية في مصر فالحرية لها قواعد وليست فوضي .. أنت حر لا يعني أن تلقي برئيسك بالعمل من النافذة.. ويطلب كل مرؤوس بإزاحة قيادته عند أي مشكلة وهذه الحالة تعتبر تمرداً لا مبرراً له..فهناك قواعد للحرية والنظام ومصر دولة مركزية قديمة وقوية وأي تفريط في وحدة مصر سيدين الحكومة التي تسمح بها ولا تأخذ موقفاً حازماً تجاه محاولات إثارة الفوضي.
روشتة
بصفتك أستاذ في الاقتصاد ما الخطوات العاجلة التي يجب اتخاذها لتجاوز الضائقة الاقتصادية حالياً؟
يجب العمل بسرعة علي وضع دستور توافقي يرضي عنه جميع المصريين ويضمن المواطنة والمساواة لكل أبناء الوطن .. وكذلك المعالجة الحكيمة للنتوءات التي تظهر بشكل مصطنع والتي تؤثر في تماسك النسيج الاجتماعي .. فمصر دولة موحدة لكل المصريين .. ويتوازي مع ذلك وضع أطر من القوانين النافذة الناجزة القوية .. وعدم السماح للادعاءات بأن تلك القوانين تمنع الحرية .. أقول أن القانون هوالمنظم للحرية .. وأن الذي يقضي علي الحرية هي حالة الفوضي ..فلا سياحة بدون أمن ولا صادرات مع قطع السكة الحديد أوتعطيل الموانيء أوإضرابات متتالية بدون إنذار أو إخطار أوتفاوض .. ولابد من الجدية في عدم الاستجابة العشوائية للمطالب الفئوية هنا أوهناك .. لأن عجز الموازنة تعدي ال 70 ٪ والاحتياطي النقدي تم استنفاذه .. فالاستجابة العشوائية تخلق سلسلة أخري من المطالب تحاول اللحاق لتلبية مطالبها .. والعلاج لابد أن يكون بلا مزايدات في إطار خطة عامة للنهوض بكل فئات المجتمع وربط المقابل المادي بالإنتاج والعمل .. وهنا لابد وأن أتذكر نصيحة مهاتير محمد للنهوض بالمجتمع المصري في زيارته لجامعة الإسكندرية .. وهي "روشتة" فاعلة تتضمن 3 بنود .. أولها جودة التعليم وخاصة الفني .. والانضباط في العمل .. وأن يكون إتقان العمل عقيدة راسخة لدي كل المواطنين .. فإن التطبيق الصارم لتلك البنود والتربية علي تلك القيم في الحالة المصرية ستجعل الكثافة السكانية قوة دفع وليست عبئا علي الدولة.
ما تعليقك علي الإقبال المثير والعدد الكبير ممن ترشحوا لمنصب الرئاسة؟
الديمقراطية تمنح الجميع الحق في الترشح ولكن في أي بلد بالعالم توجد ضوابط للترشح علي الأقل الحصول علي 500 توقيع قبل استلام استمارة الترشح أودفع مبلغ محدد لشراء الاستمارة كما يحدث بمجلس الشعب .. ولكن ما حدث ليس ديمقراطية بل إهانة لهيبة المنصب.
كيف تصنف مرشحي الرئاسة؟ ولأي توجه تميل؟
الرئاسة تنحصر بين 3 تصنيفات مدني وعسكري وديني وأنا أتصور إذا حدث أن امتلكت قوة سياسية منفردة كافة السلطات فهذا يعني العودة للاستحواذ والانفراد بالسلطة دون توازن وتمثيلا نسبيا للتيارات السياسية الأخري .. وأتمني ألا نري ذلك علي أرض الواقع خاصة بعد الثورة العظيمة للشعب المصري وأن يتخذ تيار الإسلام السياسي قرارا من داخله بالعدول عن الرغبة في الاستحواذ وخاصة أن ذلك كان مطروحا من البداية .. أما بالنسبة للتوجه وأي النماذج التي أميل إليها فأنا ضد تطبيق النماذج لأن كل بلد لها ظروفها فهناك نماذج متطرفة كالإيراني ونماذج بدول إسلامية أخري مثل التركي أوالماليزي والاندونيسي.. وأنا أميل أن يكون النظام شبه رئاسي وهو ما يعني أن يكون للرئيس اليد العليا في الخارجية والأمن القومي والأمن عموما وهذا ما يحدث في فرنسا.. ولكن هذا لا يعني أن الرئيس هوكل شيء ولكن له مكانته ويكون هوالحكم والفيصل بين السلطات ولا يعمل بمفرده مرة أخري.
عشاء أمريكاني!!
أين كنت يوم 25يناير وبداية مظاهرات وأحداث الثورة ..وهل توقعت تطورها إلي انفجار شعبي يطيح بنظام مبارك؟
مساء يوم 25 يناير حضرت عشاء بدعوة من السفيرة الأمريكية مرجريت سكوبي..وفوجئت وأنا علي الطاولة بمن يقدم نفسه لي بأنه "فلان الفلاني ..من »السي آي إيه« المخابرات الأمريكية.. واندهشت كيف يعلن عن نفسه بهذه الفجاجة ..وخلال الحديث أخبرني أن المعلومات لديه تؤكد أن الانفجار بدأ في مصر.. وان النظام سوف يسقط مثلما حدث في تونس ..وأن مصر مقبلة علي مرحلة جديدة ..رغم أن المظاهرات يومها لم تكن تؤشر علي قيام ثورة .وبعد خروجي اتصل بي المذيع تامر أمين يدعوني كي أكون ضيفا ببرنامج "مصر النهاردة" بناء علي طلب وزير الإعلام أنس الفقي.. وسألني في البرنامج عن الأسلوب الحضاري الذي تعاملت به الداخلية مع المتظاهرين والزهور التي قدمها الشباب للشرطة والحراك الاجتماعي ..وأجبته علي الهواء علي خلفية معلوماتية من عشاء الأمريكان .. وقلت "إن هذا الحراك يجب أن ننظر إليه كمقدمة لانفجار شعبي ولابد من اتخاذ إجراءات سريعة ".. وسألني تامر أمين عن اقتراحاتي ..ولخصتها بسرعة في أن يخرج الرئيس فورا في كلمة إلي الشعب ويقيل الحكومة..وتعيد الدولة بقرار رئاسي التزامها بتحقيق عدالة اجتماعية ويعلن مبارك إنها ركيزة الحكم كما تعهد في بداية توليه..وأن يتم الفصل بين المال والسلطة ..وأن يؤكد الرئيس والحزب الوطني حرصهما علي المال العام من خلال محاسبة فورية وجادة لكل الفاسدين ..وان يتم تعديل عدة مواد في الدستور لا تلقي قبولا لدي الرأي العام ..وأن يلزم الرئيس مجلس الشعب بتطبيق أحكام محكمة النقض بالطعون في صحة العضوية لعدد كبير من النواب.
ومع انتهاء اقتراحاتي تغيرت ملامح المذيع تامر أمين مندهشاً.. وطلب فاصلا أنهي بعده حواره معي..وسألني في مصعد ماسبيرو قبل خروجي من ماسبيرو عما قلته....فأجبته .."لدي أمل لو يسمعني الرئيس مبارك ويلبي كل الطلبات حتي ولو أغضبته
ولكن رسالتي لم تصل !!.أوربما لم يعرها أحد اهتماما


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.