إىمان أنور دخلت الثورة السورية عامها الثاني.. وهي مناسبة لوقفة مراجعة ومصارحة.. أين كنا قبل عام وكيف أصبحنا اليوم ؟.. سؤال يتعين علي كل سوري في النظام والمعارضة أن يطرحه علي نفسه.. وأن يتوقف مليا أمام حساب الربح والخسارة لا لتقييم المسار فحسب.. بل ولتقويمه أيضا.. أكثر من ثمانية آلاف شهيد.. وعشرات ألوف المشردين والنازحين داخل وطنهم .. قوافل من الجرحي والمصابين.. عائلات أبيدت عن بكرة أبيها.. أطفال تيتموا في أعمار الزهور.. ثكالي وأرامل بالمئات.. شرخ مذهبي وطائفي .. دولة تقف علي حافة الفوضي والإنقسام .. إقتصاد يعاني سكرات الموت والإنهيار.. وضائقة إنسانية لم تبق بيتا دون أن تعبث به وتعيث بين جنباته جوعا وفقرا وبؤسا !.. هل يستحق البقاء في السلطة كل هذه التضحيات؟.. وكيف يمكن لحاكم أن يواصل حكمه وتحكمه بشعبه.. وهو يقف علي رأس هرم كبير من الجثث والأشلاء ..هل تستحق سوريا مثل هذه المصائر الصعبة التي جري "طبخها" تحت فيض من الشعارات الخادعة والكاذبة والمنافقة.. بدءا بالوحدة والحرية والإشتراكية وصولا للمقاومة والممانعة ؟.. بعد عام علي الثورة.. ما زال المجتمع الدولي علي إنقسامه وتردده.. روسيا والصين.. وإن إختلفت نبرة مواقفهما.. ما زالتا تدعمان نظام الأسد.. أما الغرب بزعامة الولاياتالمتحدة.. فما زال حائرا بين التدخل وعدم التدخل.. دعم عسكرة الثورة أم الحفاظ علي سلميتها.. بينما سلاح الحصار والعقوبات والعزل هو السلاح الفعال الوحيد الذي ما زال بمقدوره أن يشهره في وجهه.. في المقابل تبدو الجامعة العربية والنظام العربي عامة علي إنقساماتهما حيال الأزمة السورية.. السعودية وقطر ذهبتا إلي نهاية المطاف في الدعوة للتدخل العسكري وتسليح المعارضة.. بينما دول أخري مثل الجزائر والعراق ونصف لبنان تواصل موقفها المؤيد للنظام.. وتراوح مواقف بقية الدول.. ما بين هذين الحدين.. علي أية حال.. وبينما الثورة السورية دخلت عامها الثاني.. فإنها تبدو اليوم بعيدة كل البعد عن تحقيق أهدافها.. أو بالأحري أهداف الشعب السوري في الحرية والكرامة والديمقراطية .. بل وتخيم عليها سيناريوهات شديدة القتامة .. من مخاطر الإنزلاق نحو الفوضي والحرب الأهلية والتقسيم.. إلي إحتمالات مواجهة موجة مريرة من أعمال العنف.. إرهابية الطابع.. مرورا بإفلات النظام من العقاب وبقائه جاثما علي صدور السوريين.. ما لم تخرج المعارضة السورية من شرنقة الإنقسامات وتتخطي الرهانات البائسة علي "المنقذ الخارجي" الذي سيهبط بأساطيله وطائراته علي قصر الشعب ليستأصل نظام الأسد الديكتاتوري.. وتعيد بناء حساباتها وإستراتيجيتها للمرحلة المقبلة.. بالإستناد إلي رهان واحد أوحد.. علي الشعب وطاقته الخلاقة وقدراته اللامتناهية علي التضحية التي برهن عليها قولا وفعلا.. أقول ما لم تفعل المعارضة ذلك.. فإن مصير سوريا وتضحيات شعبها.. ستضيع هدرا.. ولن يرحم التاريخ نظاما يقتل شعبه.. أو معارضة تتركه لمصيره.. لتتلهي بالبحث عن المغانم والمواقع والصلاحيات.. فتعيد بهذا الفعل المتخاذل .. إنتاج سيرة نظام فاسد ومستبد !.