جلال عارف رغم حالة »التشويش« السياسي والاعلامي التي نعيش فيها، لا ينبغي ان يغيب عن أذهاننا لحظة واحدة ان المعركة الاساسية التي علينا الا نتراجع فيها مطلقا هي معركة كتابة دستور الدولة الجديدة التي نحلم بها والتي يريد خفافيش الظلام الانقضاض عليها والامساك بكل مفاصلها السياسية والاقتصادية والاعلامية! اللجنة التي تم تشكيلها لوضع الدستور تحولت الي مهزلة! وفقدت الثقة والاعتبار لدي كل أطياف الشعب المصري.. انسحب الازهر والكنيسة والمحكمة الدستورية والقوي السياسية المؤمنة بالدولة المدنية. وفي انتظار حكم القضاء الذي سيحدد مصير اللجنة ومصير البرلمان الذي أنشأها، لابد ان يكون واضحا أنه لا مجال للترقيع، ولا حل الا إكرام اللجنة التي ولدت ميتة والاسراع بدفنها، وقراءة الفاتحة علي كل الخطوات الخاطئة التي سرنا فيها منذ خديعة استفتاء مارس من العام الماضي التي صورها البعض علي أنها »غزوة صناديق« انتصروا فيها علي »الاعداء!!« من شعب مصر وسرقوا منه ثورته، فكان حتما أن ينتهي المسار بهذه النهاية المفجعة التي يتصور فيها فريق أنه قادر علي »الاستحواذ« علي كل مقدرات مصر، دون أن يأخذ العبرة، أو يقرأ التاريخ!! أمامي شهادة يجب التوقف عندها لانها من داخل اللجنة التي قامت بالتعديلات الدستورية. وصاحب الشهادة هو أستاذ القانون الدستوري الدكتور محمد حسنين عبدالعال عضو هذه اللجنة، والذي يؤكد في شهادته أن اللجنة حين وضعت النص الخاص بتشكيل لجنة الدستور كانت تقصد ان ينتخب مجلسي الشعب والشوري اللجنة من غير اعضاء المجلسين، وان اللجنة كانت تعرف تماما انه لا يجوز للبرلمان ان يضع الدستور، بل ان الدستور هو الذي ينشيء البرلمان وباقي سلطات الدولة وعدد اختصاصاتها. فالدستور هو الاساس والبرلمان هو الفرع.. فكيف يكون للفرع سلطة وضع الاساس والتحكم في باقي السلطات؟! منذ البداية قلنا ان المسار خاطيء ولم يستمع احد! والآن.. من السهل ان نقول »اللي شبكنا.. يخلصنا« ولكننا نعرف ان الخلاص لم يعد ممكنا الا باستعادة التحالف الحقيقي الذي انجز الثورة واسقط رءوس النظام السابق، ليصحح الخطأ ويستعيد الثورة من الذين اختطفوها، ويبدأ مرحلة انتقال حقيقية يكتب فيها الشعب دستور الثورة الذي يحافظ علي مدنية الدولة، ويضمن حقوق المواطنين المتساوية، ويمنع خفافيش الظلام من العصف بالحريات.