دعا راعي إحدي الكنائس الامريكية بولاية فلوريدا يدعي تيري جونز الي اعتبار يوم 11 من سبتمبر يوما عالميا لحرق القرآن الكريم وهي دعوة تنضح جنونا وتعصبا وتطرفا. قد صدمني هذا الخبر واعتقد انه صدم الكثيرين خاصة هؤلاء الذين يريدون تقريب وجهات النظر بين اصحاب الديانات السماوية ومد جسور الاخاء والحب والتسامح وقبول الآخر. واحب هنا ان اشير الي موقف الكنيسة الارثوذكسية وقداسة البابا شنودة معروف وواضح من معتقدات الآخرين خاصة الاسلام فهو موقف ثابت لا يتغير وهو احترام هذه المعتقدات واحترام المشاعر الدينية لتابعيها. وكلنا نذكر موقف الكنيسة المصرية الارثوذكسية من ازمة الرسوم المسيئة للنبي فقد ادان قداسة البابا هذه الرسوم وتضامن مع الاخوة المسلمين ضد من اساءوا الي نبي الاسلام. فتعاليم المسيحية تحض علي صنع السلام ومحبة الجميع حتي الاعداء، كم ادان قداسة البابا شنودة القس ودعوته الي حرق القرآن ووصفه بالعنصري الذي يحرض علي الكراهية. فما يدعو اليه هذا القس يثير الحقد والكراهية والتطرف والتعصب بين المسلمين والمسيحيين وهو ما يجب ان نقف ضده جميعنا مسيحيين قبل المسلمين. ويبدو ان العالم الذي نعيش فيه عالم مملوء بالتعصب والتطرف والمشكلة ان تجتمع مثل هذه الصفات في شخص واحد، لا يدرك ان ما يفعله يمكن ان يؤثر علي سلام المجتمع، الذي يعيش بل يتخطي ذلك ليؤثر علي السلام العالمي واستقراره. ويمكن القول بأن هذه الصفات تجتمع في القس الامريكي تيري جونز فهو لا يفرق كثيرا عن اسامة بن لادن فكلاهما متعصب ومجنون، وهؤلاء المجانين يريدون ان يشعلوها حربا دموية ويسعوا لتزكية نزعات التعصب والتطرف والصدام بين اتباع اكبر ديانتين في العالم المسيحية والاسلام. وأمثال القس تيري جونز غالبا لا يدركون ما يقدمون عليه من افعال - افعال قد تسبب الكثير من المواجهات وهو المتوقع مثلما حدث في أزمة الرسوم المسيئة للرسول وهو ما يجيب عن السوال ما الهدف من احراق القرآن الكريم - ليس الا استفزاز المسلمين ليس المتطرفين فحسب، بل المسلم المعتدل الي اتيان رد فعل قد يتعدي الفعل من مظاهرات وحرق واحيانا دعاوي باهدار الدم. ليظهر المسلمون بشكل غير متحضر، وبالتالي يظهر ويضع المسلمين والإسلام موضع تساؤل. وهو ما يجب تجنبه وتفويت الفرصة علي امثال هؤلاء المتطرفين من كلا الجانبين وذلك من خلال رد هاديء يتسم بالعقلانية بما يتناسب مع العقلية الغربية - بأن يدعوا الحدث يمر دون الرد عليه من خلال المظاهرات أو دعاوي اهدار الدم وغيره أو حتي التعليق عليه الا من خلال المؤسسات المعنية مثل وزارة الاوقاف والازهر ووزارة الخارجية ومنظمات المجتمع المدني والجاليات المسلمة في الغرب بالضغط علي الادارة الامريكية للضغط علي القس تيري جونز وكنيسته المحلية لوقف حملته لحرق القرآن. اعزائي القراء.. ما اكثر المتطرفين الذين يثيرون من مشاكل ونزاعات وصراعات بين اتباع الديانات المختلفة. لكن علينا ألا ننساق وراءهم فهؤلاء لن يكفوا عن اثارة المتاعب والجدل بل علينا ان ندين افعالهم من تطرف وتعصب وان نسعي الي المزيد من التفاهم والاحترام المتبادل والسلام ونترك للمعنيين من مسئولين ورجال الدين مهمة الرد عليهم وليس من المجدي ان تكون ردود افعالنا تتسم بالغيرة والحماسة الشديدة علي الدين، فانها تسيء الي الدين اكثر مما تفيد. خاصة مع العقلية الغربية التي تقدس حرية التعبير، حرية يساء استخدامها. كما يجب اعطاء الجاليات المسلمة في الغرب الفرصة للدفاع عن الاسلام فهم يفهمون العقلية الغربية ويعرفون كيف يردون علي الدعوة المسيئة للقرآن. ولا ننسي الدور الذي تلعبه وزارة الاوقاف تحت قيادة الوزير المستنير محمود حمدي زقزوق دورا مهما وذلك من خلال دعاتها الذين يجيدون اللغات المختلفة وايضا هي فرصة يمكن فيها تحويل هذه الدعوة السلبية من حرق القرآن الي فرصة ايجابية في تعريف الغرب بالاسلام الصحيح والوسطي والمعتدل.