نتابع في هذا المقال تحليل الدروس المستفادة من كارثة الفيضان وكيفية التعامل معها؟ وإزاء النقد لتقاعس المجتمع الدولي عن مساعدة باكستان لمواجهة كارثة الفيضان، قام الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون بزيارة لباكستان والمناطق المتضررة من الفيضانات، ووجه عدة نداءات للمجتمع الدولي لتقديم مساعدات عاجلة، كما عقدت منظمة المؤتمر الاسلامي اجتماعا طارئا في جدة لبحث تقديم تبرعات لباكستان،وقامت السعودية بتدشين حملة تبرعات شعبية، وقررت عدة دول اخري زيادة مساعداتها لباكستان لمواجهة الكارثة، ونتج عن ذلك جمع ما يقارب من نصف مليار دولار اي نصف التقديرات الضرورية لمساعدة المتضررين من الفيضانات في المرحلة الحرجة، كما اعلنت الولاياتالمتحدة عن انشاء صندوق اغاثة في وزارة الخارجية الامريكية للمواطنين للتبرع لمساعدة باكستان، وعرضت الهند المساعدة وهو ما قبلته باكستان.. وهذا نموذج من التعامل الانساني مع الكوارث الانسانية الكبيرة.. ان الخصوم والاعداء والاصدقاء يتنافسون لتقديم الغوث للمواطنين الابرياء بعيدا عن الاعتبارات السياسية والمصالح الضيقة. ونتساءل ما هي العبرة من كارثة الفيضانات والتعامل معها بالنسبة للمجتمع الدولي والدول الإسلامية والعربية.. وبالنسبة للسلطة الباكستانية ذاتها؟ الدرس الأول ان السلطة في الدول النامية عليها ان تغير من تصوراتها ومنطقها وتدرك ان السلطة والعمل السياسي في اي مجتمع هو مسئولية قبل ان يكون تحقيق مصالح شخصية. الدرس الثاني المستفاد هو ان الزعيم الحزبي أو السياسي الذي ينجح في انتخابات ما فإن الشعب يتربص به في الانتخابات القادمة اذا لم يكن علي مستوي المسئولية.. وهذا ما يحدث في الدول الديمقراطية التي تجري انتخابات حرة أو حتي الدول نصف الديمقراطية التي يكون فيها تنافس سياسي حقيقي مثل باكستان حيث تتنافس الاحزاب بدرجة كبيرة من الحرية، وحيث هناك وعي شعبي بمستوي معقول، ولذا اسقطت الانتخابات احزابا في السلطة بما في ذلك حزب الشعب الذي يحكم الآن واعادت حزب الرابطة الاسلامية المعارض.. وفعلت العكس في احيان اخري وهذا ما يتوقعه الكثيرمن المراقبين لو اجريت الانتخابات اليوم لسقطت الحكومة التي جاءت اساسا للسلطة نتيجة التعاطف الشعبي مع حزب الشعب لوجود قيادة كارزماتية تمثلت في الراحلة بينظير بوتو والتعاطف الوجداني لاغتيالها. الدرس الثالث: ان الدول الاسلامية في حاجة لتطوير نظام المساعدات الانسانية لديها لمواجهة الكوارث المماثلة. وهي كوارث اصبحت متكررة في العديدمن الدول، كما انها بحاجة لإطلاق منظمات المجتمع المدني للقيام بدور اكبر في مثل هذه الازمات لان فاعلي الخير كثيرون ولكنهم في احيان كثيرة لايثقون اجهزة الدولة لكثرة ما فيها من بيروقراطية وفساد. وباكستان ليست استثناء من مثل هذه الحالة بل ان هناك الكثير مما يحكي من قصص التي تشير لقيادات سياسية ذات وزن كبير من جميع الاحزاب السياسية في الحكم والمعارضة بل والاحزاب المسماة اسلامية. الدرس الرابع ان الدول الاسلامية كثيرا ما تتحدث عن الروح الانسانية في الاسلام وهذا صحيح. ولكن شتان بين هذه المثل والقيم وبين الممارسة الفعلية للدول والشعوب الاسلامية. بل ان الدول الغربية التي لاتتحدث كثيرا عن نوازعها الانسانية او دينها تفعل العكس في كثير من الاحيان فهي التي تقود العمل الانساني في مختلف بقاع العالم بغض النظر عن اديان او عقائد الشعوب التي تواجه الكوارث. الدرس الخامس يرتبط بعلم ادارة الازمات وهو ما ينبغي ان نتعلمه ويتعلمه المسئولون في كثير من الدول النامية حتي لايتحدث قادة ومسئولو هذه الدول في كل مرة ان الكارثة كانت مفاجأة فالفيضانات والسيول والحوادث اصبحت متكررة واجهزة التنبؤ بالكوارث معروفة لدي الكثير من الدول التي تتولاها إدارات وحكومات رشيدة تعرف فن الحكم والادارة والمسئولية. ان العاقل من ينظر إلي غيره ويعتبر في السياسة والادارة. بل وفي الحياة العادية للافراد والامم والشعوب. الدرس السادس يرتبط بالمجتمع الدولي وكيفية تعامله مع الدول التي تحدث فيها الكثير من الكوارث الطبيعية وذلك لكثرة الكوارث في هذه الدول. فهناك ما يسمي بالتعب من المساعدات وذلك لكثرتها من ناحية ولفساد الكثير من الدول النامية من ناحية ثانية. ولعل ذلك كان السبب وراء ما يمكن أن نطلق عليه تبلد المجتمع الدولي في حالة باكستان. إلي أن جاء نداء آمين عام الاممالمتحدة وشعر الجميع بالخزي والعار لعدم مسارعتهم في التعامل مع هذه الكارثة الانسانية الخطيرة بغض النظر عن اية اعتبارات أو تحفظات علي الحكومة الباكستانية. الدرس السابع حول الدول الصديقة وجمعيات حقوق الانسان والاجهزة الاعلامية في العديد من الدول.. وهي التي قصرت في نشر الوعي بالكارثة وتركت حتي تفاقمت اثارها علي النحو الذي لمسناه ثم جاء الوعي المتأخر والإعلام المتأخر ليعوض بعض القصور الماضي، وهذا يدعونا لإبراز أهمية الإعلام عن الكوارث خاصة في الدول النامية حتي يمكن تدارك المواقف والتصرف السريع قبل اشتداد حدة الازمة. الدرس الثامن حول حاجة المنظمات الاقليمية مثل منظمة المؤتمر الاسلامي وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي وغيرها إلي اجهزة رصد الازمات والكوارث الانسانية والتقدم بمقترحات لمواجهتها بطريقة سريعة حتي تكون اسوة بما يحدث في الدول الغربية وينبغي ان يكون تقديم المساعدات الانسانية غير مشروط بالعقيدة أو المذهب أو الطائفة.. فالانسان هو الانسان ايا كان لونه او دينه أوعرقه أو وطنه.. وللحديث بقية. كاتب المقال : نائب رئيس جمعية الصداقة المصرية الباكستانية