اعترف أنني كنت يوم الجمعة الماضي في أقسي حالات النفسنة والغيظ التي رأيتها في حياتي فقد صمم أصغر أبنائي أحمد أن نذهب الي مدرسته التي يدرس في الصف الأول الابتدائي بها، وباءت كل محاولاتي في اقناعه بأن يوم الجمعة هو يوم راحتي الاسبوعية وهو يوم الأسرة والي آخره دون جدوي، ولأنه آخر العنقود طبعا بناء علي رغبته ذهب معنا أخوته، وان كانوا قد ذهبوا لسبب آخر غير التمتع بيوم مرح عائلي وسط زملائهم وعائلاتهم ولكن لأن أولادي عملوا لي كمين محترم لم أعرفه إلا في نهاية ذلك اليوم! فيوم الجمعة الذي يسبق عيد الأم مباشرة اعتادت الدكتورة نيرمين اسماعيل خبيرة التربية والتعليم ان تجعله يوما للأسرة تجتمع فيه كل أسر الطلاب في يوم يشمل مسابقات بين الطلبة وتقديم فقرات فنية كالعزف والغناء بالاضافة الي عرض للأعمال الفنية واليدوية التي من انتاج الطلبة مع اتاحة الفرصة لأولياء الأمور بعرض منتجاتها اذا كانوا أصحاب منتجات، وطبعا مع وجود لعب للأطفال الصغار وتلوين للوجه والي آخره من اساليب المرح التي يسعد بها الصغار، ولكن لأن عيد الأم يحمل بالنسبة لي ذكري »مش ولابد« حيث حرمت من أمي وعمري 01 سنوات وكان من الصعب عليَّ وأنا في هذه السن المبكرة ان اسأل حتي فين ماما أو عاوزه ماما.. لذلك أصبح علي مر الأيام أسوأ أيامي في كل عام هو يوم عيد الأم. ففيه أغلق التليفزيون والراديو ومش بعيد البوتجاز حتي لا أسمع الأغاني التي تتردد ولا أحاديث نجوم الفن والرقص و»التري بتت تو« عن تضحيات أمهاتهم التي لا توصف وكأنهن ناقصات شهرة وتلميع وقرروا حتي عيد الأم يحتلوه! وعندما كبر أبنائي وعرفوا »رغم التعتيم الاعلامي الذي كنت اتعمده معهم في هذه النقطة بالذات« ان هناك عيدا للأم وبدأت المدرسة تعلمهم كيف تصنع كارت بوستال هدية لماما، وكيف ترسم لوحة جميلة هدية لماما كنت أشكرهم جدا، وأقول لهم متنهدة أحسن حاجة ان مدرستكم مانعين هدايا عيد الأم للمدرسات والله عيد الأم ده تحول لبيزنس ليس أكثر.. بيزنس هدايا وبيزنس شو إعلامي وغيره، وطبعا أولادي من كتر ما سمعوا هذا الكلام مني كبروا دماغهم علي الآخر وأصبح هذا اليوم يمر في حياتنا كأي يوم باستثناء كلمة كل سنة وانت طيبة التي أسمعها منهم في صباح ذلك اليوم من كل عام حتي عندما بدأت المدرسة في عمل احتفالية لعيد الأم.. رفضت الذهاب إليها وصممت علي رأيي.. حتي يئس أولادي من محاولات اقناعي، هذا العام الوضع اختلف لأن من طلب مني الذهاب هو آخر العنقود الاستاذ ميدو والذي أكد ان والدة صديقه سوف تكرم وهو عاوز يحضر معاه، وسألته مامة صديقك دي ست كبيرة قوي كده علشان يكرموها في عيد الأم ولا من حبايب الدكتورة نيرمين فقال السؤال الأول هي اصغر منك وصاحبي ابنها الكبير، السؤال الثاني معرفش، وأمام رده الفاهم ذهبت بكامل ارادتي وذهب معنا اخوته لكي يثبتوا لي أن اخوهم نجح في اقناعي لأني مدلعاه أكثر منهم وبحبه زيادة حبتين، ودي كلها افتراءات والله.. المهم ذهبنا للمدرسة وفعلا قضي الأولاد وقت ممتع في اللعب والمسابقات والغناء.. ثم جاء وقت تكريم الأمهات ووقفت الدكتورة نيرمين اسماعيل تقرأ حيثيات اختيار الأمهات وقالت النهارده حنكرم كل الأمهات اللي ابنائهن وبناتهن ارسلوا خطابات لاختيارهم كأمهات مثاليات، وقتها بدأت اثار الغيظ والنفسنة تظهر عليَّ .. ثم تمالكت نفسي حتي أسمع المزيد فإذا بمن كتب من الأطفال عن جدته ورعايتها له ومن كتب عن خالته ومن كتب عن الدادة وهكذا ووسط حشد حافل من الأمهات والجدات والخالات والدادات المكرمات.. وقفت د. نيرمين لتقرأ خطاب طفلة في ابتدائي كتبت تقول أمي تستحق ان تكون أما مثالية لأنها أم خارقة.. تعمل وترعانا وتنظف البيت وتأخذ بالها من مذاكرتي أنا وأخوتي.. وقالت د. نيرمين الحقيقة كل الأمهات خارقات وفي كل بيت أم خارقة ترعي الأبناء وتسهر علي مصالحهم.. وتعمل وتجتهد.. هنا صعد مؤشر النفسنة عندي الي أقصي درجة وزغرت الي أبنائي وقلت لهم.. يعني مفيش حد فيكم كتب ولا كلمة عني إهه.. فقالوا في صوت واحد يا مامي دا عيد الأم كله بيزنس وهدايا وناس بتكسب علي قفا ناس وكمان ليه بننسي الطفل اليتيم والمحروم من والدته.. وهنا أسقط في يدي فما زرعته أحصده.. ولأنني لا أري في الاعتراف بالخطأ عيب.. قلت لأولادي طيب أنا غلطت والسنة الجاية لو مكتبتوش كلكم جوابات تقولوا رأيكم فيّ أنتم حرين، ردوا وانت هتعملي إيه؟ قلت أنا حأناشد الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم ان تنفذ فكرة الدكتورة نيرمين في كل المدارس وتجعل كل طفل في المدرسة يكتب كلمة لوالدته أو جدته أو خالته أو عمته في هذا اليوم وكمان حناشد اخوانا الاعلاميين ان يرحمونا من قصص أمهات الفنانين والراقصين التي زهقنا منها كل عام.. وكل سنة وكل أمهات مصر طيبات.