كثيرا ما احرص علي متابعة المؤتمرات التي تعقدها الكليات والمراكز المتخصصة فهي مناسبة طيبة لمواكبة كل جديد، فيما يجري ويدور حولنا من علوم وفنون ودراسات انسانية وادبية، كاشفة عن احدث انجازات الفكر الانساني في عالم متغير تلاشت فيه حدود الزمان والمكان، في ظل سماوات مفتوحة حافلة بكل جديد ومثير وغريب. ويزداد حرصي علي مؤتمرات الدراسات الإعلامية وعلوم الاتصال باعتبارها مجالات مهمة تلعب دورا حيويا في تشكيل العقل الانساني والرأي العام تنويرا وتثقيفا.. الخ. وقد تلقيت بالشكر دعوة من قسم الاعلام بكلية الأداب جامعة الزقازيق بالتعاون مع المعهد الدولي للإعلام باكاديمية الشروق لحضور مؤتمرها العالمي الاول في الفترة من 31 - 41 مارس الحالي.. ولم يسعدني الحظ بالتواصل مع هذا المؤتمر ولقد لفت نظري العنوان الكبير الذي ينعقد المؤتمر تحت مظلة: الدراسات الإعلامية ومتطلبات التطوير في ظل بيئة الاتصال المتجددة.. مشيرا إلي ضرورة التصدي لأزمة الدراسات الاعلامية الراهنة، والتي تتمثل في جمود هذه الدراسات وعدم مواكبتها للتغيرات التي طرأت علي بيئة الاتصال في المجتمع، مما أدي إلي وجود فجوة واسعة بين ما تقدمه هذه الدراسات من معارف نظرية وبين احتياجات المشتغلين بالعمل الإعلامي في دنيا الواقع. وقد تنوعت وسائل الاتصال، فبالاضافة إلي الشبكات والقنوات الارضية والصحف الورقية. اصبح يوجد القنوات الفضائية والبث المباشر والصحف الالكترونية، وقنوات الاتصال التفاعلي عن بعد كالانترنت والفاكس والتليفون النقال. ومن الطبيعي أن يثور تساؤل: كيف تتعايش هذه القنوات معا. وما اوجه التفاعل والتواصل بينها في مجال نقل وتداول المعلومات. واعجبني ما اشارت اليه هذه المحاور في شجاعة، تحسب للقائمين علي امر هذا المؤتمر وبدون التواء أكد القائمون علي المؤتمر ان فهم عملية الاتصال بوضعها الحالي في المجتمع لن يتأتي طالما ظلت المذكرات والمحاضرات والمناهج والنظريات التي كانت تدرس للطلاب في ستينات القرن الماضي قائمة حتي الوقت الحاضر دون تطوير يذكر، مما ينعكس سلبا علي خريجي وممارسي الاعلام بل وعلي هوية التخصص ذاته بين العلوم الاخري. وفي شجاعة تحسب لهم ايضا اكدوا انه توجد مئات بل آلاف البحوث والدراسات الاعلامية علي ان المتابع، يلاحظ ان هذا الحجم الهائل من هذه البحوث هو من قبيل الكم وليس الكيف، بل ويكاد يكون نسخة مكررة لا جديد فيها ويتوقف غالبيته علي مجرد الرصد والوصف وبمسلمات وافتراضات غريبة المنشأ والتي تنقل وتدون بدون نقد أو تحليل مضمون . وبالاضافة إلي ما سجله القائمون، اضيف ان هذه الدراسات، ليس القصد منها التطوير والتحديث والاضافة العلمية والتكنولوجية وبصمة حضارية انما تضاف الي زخم الاوراق المسماه بالابحاث المقدمة للترقيات إلي الوظائف الاعلي في سلك هيئة التدريس، كل الرجاء ان تخرج هذه المؤتمرات من شرنقة الابحاث المعادة فاقدة الصلاحية، حتي لا ينطبق عليها المثل القائل: نري جعجعة ولا نري طحناً.. او للخلف در.. وكله عند العرب صابون! المحرر