اقبال نسائى كبير على ارتياد المقهى الحريمى بكفر الشيخ انتشرت في الآونة الأخيرة مخصصات المرأة ما بين عربة أو مقاعد للسيدات في وسائل المواصلات، إلي كوتة المرأة في مجلس الشعب.. ولكن أكثر ما يشد الانتباه هو تخصيص مقهي للسيدات غير مسموح للرجال بدخوله وارتياده!.. خصوصا إذا كان ذلك بمدينة كفر الشيخ عاصمة لمحافظة تعد زراعية أو ريفية تتمسك بالتقاليد وتتسم بالتحفظ، خطوة تتسم بالجرأة إلي حد المجازفة.. قوبلت بالاعتراض والمقاومة من قبل المغالين.. الذين اشاعوا أن هذه الظروف التي تعمل فيها المقهي.. تجعل البنات في هذه السن الحرجة بلا رقيب.. مما يشجعهن علي التصرفات غير المنضبطة والتي من أقلها التدخين! ساعين نحو الدفع بالأسر إلي منع بناتهن من ارتياد هذا المقهي. عندما وصلت هذه الأقاويل الينا كان علينا ان نتحري الدقة عن هذا المقهي.. بعثنا باحد مصادرنا الموثوق وجاءت التحريات لتنفي هذه الأقاويل.. وتجئ الخطوة التالية وهي الأصعب.. وهي الانتقال إلي هذا المقهي للتحقق ورصد ما به علي الطبيعة. اتصلت بصاحبي المقهي وهما من الشباب الجامعي احمد خضر وماجد زكريا وعرضت عليهما الفكرة.. فكرة زيارة المقهي دون ترتيب مسبق، وكان ردهما مشجعا حيث أكدا أن ثقتهما في جريدة الأخبار تدفعهما إلي الموافقة.. لنري علي الطبيعة وننقل ما بها بمصداقية شديدة. اصطحبت الدكتورة عزة محجوب »وهي زوجة لصيدلي وأم لصيدلانية حديثة التخرج وطالب شاب بكلية الطب« وبصحبتها ابنتها سماء طالبة بكلية الطب والصغيرة علياء طالبة بالصف الثاني الاعدادي.. لنبدأ المرحلة الأدق.. دخلت الدكتورة عزة.. واعطت لمجموعة السيدات والبنات فكرة عن طبيعة المهمة الصحفية.. وكشفت عن شخصية المطلع بها.. لتتعرف علي رد فعلهن من حيث القبول أو التحفظ والاعتذار.. وجاء الرد بمثابة مفاجأة سارة اسعدتني كثيرا.. حيث ان الترحيب من جانبهن مؤكدات علي ثقتهن في الصحيفة. وبدأت بلقاء السيدات »هدي هاشم« ربة منزل حاصلة علي مؤهل عال وزوجة دكتور باحث بمركز البحوث الزراعية تقول: تخوفنا في البداية من الفكرة.. خشية ان يكون المناخ داخل المقهي غير مناسب ودافع لسلوك وتصرفات غير سوية، من بينها التدخين »السجائر والشيشة«.. ولذا قررت ان اخوض التجربة بنفسي واشاهد بعيني ما يدور داخل هذا المقهي.. ذهبت بمفردي ودخلت المقهي فوجدت المناخ مناسبا تماما.. هناك انضباط تام يبدأ برجل أمن علي باب المقهي الذي يحول دون دخول الشباب والرجال الي المقهي.. ثم بالداخل رأيت مجموعات من السيدات او من البنات، أو من السيدات والبنات.. يجلسن مع بعضهن يتجاذبن اطراف الحديث بهدوء دون ضوضاء.. ويتناولن بعض المشروبات الدافئة أو الباردة، ثم بدأت اصطحب بناتي معي.. وبعد ان اطمأننت تماما.. سمحت لبناتي بالذهاب مع صديقاتهن لهذا الكافيه. كسر الرتابة هذا ما أكدته الدكتورة عزة محجوب.. مستدركة: ان الخروج من البيت والسير والتوجه إلي هذا المقهي، والجلوس فيه بعض الوقت.. ثم تجاذب اطراف الحديث بين الصديقات يعد نوعا من التغيير وخروجا عن الرتابة والروتين اليومي الممل.. وهو ما يعد مطلوبا لكي يكون هناك حراك واقبال علي الحياة. ثم التقي بمجموعة من البنات الصغيرات بالصف الثاني الاعدادي.. وهن بسمة محسن شليل وريم محمد عبدالحميد وايمان محمد عبدالغني وشقيقتها الصغيرة اسراء بالصف الرابع الابتدائي.. وأولياء أمورهن.. إما مهندسون أو كيميائيون.. والأمهات إما مدرسات أو ربات بيوت حاصلات علي مؤهلات عليا.. واسألهن عن وجود مصاعب ومعارضة من قبل الأهل في الحضور بمفردهن الي هذا الكافيه؟ فأجبن: بعد ان اطمأن الاهل.. لم تعد هناك صعوبة.. واضفن: ان هذا الكافيه سيكون له فائدة كبيرة بالنسبة لهن.. عند بدء الدروس حيث يمكن الانتظار في المقهي ومراجعة المواد قبل التوجه إلي مقار الدروس الخصوصية.. بدلا من الانتظار في الشارع والذي تتعرض خلاله البنات للمضايقات من قبل بعض الشباب. كما التقينا بمجموعة من الفتيات احداهن منقبة والاخري تحمل الجنسية الامريكية تربطها علاقة دم وقرابة بمجموعة الفتيات وهن شيماء السعدني بكلية التجارة وريم منير بكلية الهندسة وشقيقتها منة الله بالصف الثاني الثانوي وريباكا مصطفي طالبة بقسم الرياضيات بجامعة كاليفورنيا.. واكدن علي ان اهلهن اصبحن مطمئنين تماما بالتواجد في هذا الكافيه.. خاصة في ظل وجود مشرفة هي مربية فاضلة عملت وكيلة لمدرسة اللغات قبل ان تحال للمعاش وهي السيدة خيرية عبدالعزيز والدة ماجد زكريا احد صاحبي المقهي.. وان أمهاتهن كثيرا ما يتركهن بالمقهي إلي حين الانتهاء من التسوق وشراء احتياجات المنزل.. ثم يعدن ليجلسن معهن بعض الوقت في هذا الكافيه.. ثم يعدن سويا. وعن كيفية قضاء الوقت في هذا المقهي اوضحن: انه يكون بتجاذب اطراف الحديث في مواضيع شتي اجتماعية وتعليمية.. مما يقوي الصلات والترابط الاجتماعي، بالاضافة إلي ممارسة بعض الالعاب الذهنية التي تنمي الذاكرة و الذكاء.. وكل هذا في ظل تناول مشروبات جيدة.. وهذا من شأنه حل مشكلة الفراغ الكبير الذي تعاني منه مدينة كفر الشيخ خاصة بالنسبة للبنات.. حيث تعوزها وجود سينما او مسرح علي درجة عالية من الجودة.. كما ان الاندية المتاحة والمتنزهات العامة محدودة للغاية، واسأل ريباكا عن موقفها من هذا الكافيه؟ اجابت انها تسعد بصحبة البنات اقاربها وصديقاتها.