أصبح شيئاً معتاداً وفي ظل الضعف وتراجع النفوذ والتأثير العربي أن تواصل الولاياتالمتحدة ضغوطها علي الجانب العربي الفلسطيني لصالح العدوانية الاسرائيلية رافعة شعاراً مزيفاً اسمه حل الدولتين. تستهدف هذه الضغوط في الوقت الحالي دفع الفلسطينيين إلي طاولة المفاوضات المباشرة مع الكيان الصهيوني دون أن يكون هناك قبول أو اتفاق فيما يتعلق بالعناصر المطلوبة لجدول أعمالها.. كل الشواهد والدلائل والجهود الأمريكية التي تجسدها رحلات مبعوثها جورج ميتشيل المكوكية تتسم بالانحياز لوجهة نظر البلطجي نتنياهو رئيس حكومة اسرائيل التي تضم كل عناصر الإجرام والتطرف العنصري. إنهم يريدون من الفلسطينيين الذهاب إلي هذه المفاوضات العبثية دون تحديد للمواقف تجاه العديد من القضايا الأساسية وفي مقدمتها حدود الدولة الفلسطينية ووقف الاستيطان ووضع القدسالشرقية التي تجري فيها عمليات التهويد علي قدم وساق علي مشهد ومسمع من الوسيط الأمريكي. ولتأكيد التحدي الاسرائيلي الذي يعبر عن الاطمئنان الكامل للموقف الأمريكي فقد احترفت تل أبيب القيام بأعمال تكثيف عمليات هدم المباني العربية وتشريد أصحابها وتجريف الأراضي الفلسطينية مع كل زيارة يقوم بها هذا المبعوث الأمريكي للمنطقة وكأنها بذلك تتعمد إخراج لسانها للمجتمع الدولي. لم يعد خافياً من تطورات الأحداث وتصاعد ضغوط الابتزاز الأمريكي إلي درجة التهديد أن الهدف من وراء الإصرار علي بدء المفاوضات المباشرة دون أن يكون لها أي هدف محدد هو مساعدة اسرائيل علي احتواء سخط الرأي العام العالمي من ممارساتها الإجرامية كدولة احتلال تضرب عرض الحائط بكل القوانين والمواثيق الدولية. وفقاً لما يجري حالياً فإنه يمكن القول بعدم وجود أي فرق بين سياسات إدارة بوش وما تقوم به إدارة أوباما في ظل تخليها عن وعودها والتزاماتها بالعمل من أجل تحقيق السلام العادل في منطقة الشرق الأوسط. وهنا يثور التساؤل عن الدواعي التي يمكن أن تدفع واشنطن إلي القيام بدور فعال لإجبار اسرائيل علي القبول بمتطلبات هذا السلام بينما الدول العربية مستسلمة مشغولة بخلافاتها ومواجهة الأخطار التي تهددها بالانقسام والتشرذم والوقوع في فخ الاستقطاب خاصة بعد جريمة أمريكا بغزو العراق وإتاحة الفرصة لاستفحال الخطر الإيراني. من ناحية أخري فإن حال الانقسام الذي يعاني منه الفلسطينيون وباعتبارهم جزءا من المنظومة العربية الفاسدة تمثل عنصراً سلبياً لغير صالح القضية الفلسطينية. وفي هذا المجال فإنه من الطبيعي أن توجه اسرائيل جهودها وتحركات عملائها علي تكريس الانفصال وعدم تحقيق المصالحة وهو الأمر الذي تتوافق فيه توجهاتها مع السياسة الإيرانية - السورية التي تعرقل أي تقارب في هذا الاتجاه والمحصلة في النهاية هو المزيد من معاناة الشعب الفلسطيني. يأتي ذلك في الوقت الذي توقفت فيه تماماً أعمال المقاومة التي أصبحت مرهونة بالضغوط الاسرائيلية والاتفاق غير المكتوب الذي يقايض علي استمرار الانفصال وحكم حماس لغزة مقابل وقف الهجمات العسكرية التي تزيد من نقمة وغضب الشعب الغزاوي ومطالبته بعودة الوئام الفلسطيني. إن ما يجري حالياً في عالمنا العربي هو كارثة بكل المعايير وكما أن القضية الفلسطينية كانت دوماً مدعاة لوحدة العرب فإنها وللأسف ونتيجة لمواقف القيادات الفلسطينية أصبحت عبئاً ثقيلاً نتيجة الخلافات وعمليات الاستقطاب الاقليمي. إن ما يجري حالياً لا يبشر أبداً بأي خير بل إنه يدعو إلي أن تسود روح التشاؤم. جلال دويدار [email protected]