لاجدال اننا معجبون بالطفرة الهائلة التي حققتها وتحققها الصين دولة المليار و053 مليون نسمة في الانتاج والتصدير وهو ماجعلها تسيطر علي الاسواق التجارية ليس في الدول الفقيرة فحسب وانما في الدول المتقدمة.. انها لم تعد هناك سلعة في العالم استهلاكية او رأسمالية لاتقوم المصانع الصينية بانتاجها.. كما اصبحت مراكز الانتاج في المدن الصناعية الصينية مصدرا لانتاج الماركات العالمية من هذه السلع لحساب الشركات في الدول المتقدمة التي تستثمر انخفاض اجور العمالة الصينية لتحقيق ارباح هائلة. كان لهذا الغزو الصيني انعكاسات سلبية علي اقتصاديات الكثير من الدول وهو ما أدي الي ازدياد البطالة في قطاع تصنيع الكثير من المنتجات التي تحولت مراكز انتاجها الي مستوردة للبضاعة الصينية الرخيصة. وفي هذا المجال ادهشني ما اصاب صناعة الاثاث المصرية من تراجع نتيجة اتجاه الكثير من مواقع انتاجها الي عمليات استيراد وتجارة الاثاث الصيني. اعرف بعض الذين يمارسون هذا الانتاج علي سبيل المثال في حي مثل »المناصرة« القريب من حي الازهر بالقاهرة. حيث اذهلني عندما سألت عن احدهم واسمه عدنان فقيل لي انه اوقف نشاطه في تصنيع وتجارة ونقل الاثاث المصري وتوجه الي الانتاج الصيني. لم يقف الامر عند هذا الحد بل فوجئت بانه نقل اقامته الي الصين منذ عدة شهور ليقوم بتصدير منتجات الاثاث الصيني الي مصر. وبمناسبة الحديث عن اغراق المنتجات الصينية للسوق المصري ورداءة البعض منها اذكر انني واثناء زيارة رسمية بصحبة الرئيس مبارك لاحدي مدن صناعات التصدير ان بهرني المستوي العالي جدا للانتاج الذي تقوم بتصنيعه لصالح احدي الشركات العالمية.. دفعني هذا الي أن اسأل احد المسئولين في هذا المصنع عن السبب في رداءة بعض المنتجات الصينية التي تباع في السوق المصري. ابتسم هذا المسئول عندما نقلت اليه المترجمة سؤالي وهو يقول لي ان هناك عشرات من المستويات تقوم المصانع الصينية بانتاجها ولكل مستوي سعر خاص، وفقا لجودته وان المستورد المصري وغيره من المستوردين من كل دول العالم هم الذين يحددون المستوي الذي يتعاقدون علي شرائه. وسكت المسئول الصيني وعاد ليقول وهو مازال محتفظا بابتسامته ان كثيرا من المستوردين المصريين يختارون الدرجة الدنيا من المستوي الانتاجي. انه يفضل التعاقد علي استيراد السلعة الاقل سعرا ليقوم ببيعها عندكم بالسعر الذي يحقق له ربحا كبيرا جدا.. ويواصل هذا المسئول قوله ان صاحب المصنع الصيني والذي يريد ان ينتج ويبيع ليس امامه سوي الاستجابة لرغبة هذا المستورد. تذكرت هذا الحوار وهذا الحديث عندما قرأت عن الاجراءات التي اقدم علي اتخاذها المهندس رشيد محمد رشيد تجاه المستوردين الذين احترفوا تقديم شهادات جودة مزورة فيما يتعلق بعمليات فحص السلع الصينية. انهم وللأسف الشديد لا يكتفون بتقديم هذه الشهادات بل انهم يقدمون فواتير مضروبة حول اسعار هذه المنتجات ليدفعوا عنها رسوما جمركية متدنية ليضمنوا ان يحصلوا علي ارباح هائلة من عرضها في الاسواق بعد ذلك. اننا لايسعنا سوي الترحيب بهذه القرارات في مواجهة هذا الغزو المريع للمنتجات الصينية بالمستندات المزورة وما ترتب ويترتب علي ذلك من قضاء علي استمرار مساهمة المصانع المصرية في سد حاجة هذا السوق من بعض المنتجات. كم أرجو من المهندس رشيد وبصفته وزيرا للصناعة إلي جانب التجارة ان يضيف إلي الاجراءات التي تستهدف حماية الصناعة المصرية من الاغراق وكذلك سوق التجارة من الفساد ان يقوم بدراسة التجربة الصينية والاسباب التي جعلت منتجاتها تغزونا وتغزو العالم بهذه الصورة المفزعة اننا لاينقصنا في مصر الانتاج السكاني الوفير كما اننا لانفتقد امكانات استيعاب القدرة الفنية التي تسمح لنا بتقديم المنتج اللازم لاستهلاكنا وللتصدير مثل دول اخري كنا متقدمين عنها في هذا المجال مثل كوريا والهند وماليزيا.. ان كل مانحتاج اليه لتحقيق هذا الحلم هو الفكر والتنظيم والانضباط والوعي والضمير. هل يمكن ان يحدث هذا؟!