من لا يعرف تفاصيل حقوق الملكية الفكرية واهميتها في تحقيق العائد المستدام، ربما يهز رأسه في دهشة وتعجب عندما يقرأ، أو يسمع عن الاتفاق الذي اعلن عنه د. هاني بركات رئيس هيئة التوحيد القياسي بين الهيئة ومنظمة الايزو لكي تأخذ مصر المبادرة لوضع مواصفات قياسية دولية للأكلات الشعبية المصرية لكي يتم تسجيلها عالميا، وعندما يتحقق ذلك ستتمكن مصر من تصدير هذه الأغذية إلي الأسواق الدولية بمواصفات معتمدة، وقد اصاب د. بركات عندما قال إن هذه الخطوة تأخرت كثيرا، مما اتاح لبعض الدول القيام بإنتاج مأكولات مصرية وتسويقها عالميا، ونسبتها إلي نفسها وأكل ما لنا من حقوق تنص عليها الملكية الفكرية، واقرب دليل لذلك الجبنة الدمياطي التي تصدرها الدنمارك لجميع دول العالم بعد ان قامت بتسجيلها علي انها دنماركية الابتكار والاصل، لهذا فعملية الاسراع بتسجيل المأكولات المصرية الشعبية سوف تحفظ لها حقوقها وتفتح امامها الاسواق وفق المواصفات القياسية العالمية، وسيمنع ذلك اي دولة اخري من السطو علي المأكولات المصرية او نسبتها لنفسها بالزور والباطل. تملكتنا الدهشة عندما فوجئنا بعجينة الطعمية المستوردة من الصين في المجمعات والسوبر ماركت ، فيا للخيبة الثقيلة عندما تبيع لنا الصين عجينة الطعمية التي هي في الاساس ابتكار مصري له تاريخ طويل. لقد اكد د. هاني بركات علي ان تسجيل المأكولات الشعبية المصرية سوف يبدأ بالعسل الأسود، والحلاوة الطحينية، والمش الصعيدي، والكشري، والجبن القريش، والطعمية المصنوعة من الفول، والفطير المشلتت، لان هذه الأطعمة لها مريدوها وعشاقها في الدول العربية والاوروبية ويمكن بسهولة تسويقها رسميا طالما تم تصنيعها وفقا لمواصفات قياسية مصرية معترف بها عالميا، واضيف للقائمة التي ذكرها د. هاني الابتكار المصري التاريخي للأكلات المتنوعة والمتعددة التي صنعها المصري الشعبي من نبات الفول، الذي يعبأ الان في معلبات جاهزة للأسف الشديد عن طريق شركة اجنبية، والجميع يعلم ان الفول صناعة مصرية متعددة الاشكال، فول البصارة، وفول الطعمية، والفول النابت المسلوق، والفول المدمس علي الطريقة الدمياطية، والفول علي الطريقة الاسكندرانية، والفول بالبيض، والفول بالبسطرمة، والفول بالطماطم والفلفل الاخضر او الاحمر، والفول بالطحينة، والفول بالزيت الحار، وزيت الزيتون، والسمن البلدي. بعيدا عن خطوط التماس وطلقات الرصاص علي الحدود المتوترة بين اسرائيل ولبنان ، هناك معركة اخري بينهما لاثبات ان الطعمية المصنوعة من الحمص هي اكلة شعبية لبنانية سرقتها اسرائيل وروجتها باسمها في الاسواق العالمية في غفلة من الاخرين ، وتحمل الحرب التي تخوضها لبنان لاسترداد حقها في تلك الاكلة الشعبية شعار " ما تخبصوا برات الصحن .. الحمص لبناني "، وقد لجأت لبنان من اجل ذلك لرفع دعوي قضائية دولية ضد اسرائيل امام المحافل الدولية المختصة، ودخل علي الخط في تلك المعركة جهات فلسطينية تقدم اثباتات بأن الفلافل المصنوعة من الحمص فلسطينية النشأة والمنبع، فهل بعد ذلك نترك فلافلنا المصنوعة من الفول مشاعا للسرقة وتأتينا من الصين؟!