طبق الفول من الوجبات الرئيسية علي مأدبة الافطار والسحور في شهر رمضان المبارك ولعل ذلك يأخذنا إلي قضية في غاية الاهمية وتمس السواد الاعظم من شعب مصر وهي قضية وضع مواصفات قياسية للمأكولات الشعبية المصرية. اخيرا أعلنت هيئة التوحيد القياسي في مصر أنه تم الاتفاق بين الهيئة ومنظمة الايزو علي أن تأخذ مصر مبادرة لوضع مواصفات قياسية دولية للأغذية الشعبية التقليدية المصرية وتسجيلها عالميا حتي يمكن تصدير هذه الاغذية إلي الأسواق الدولية بمواصفات معتمدة. وقد سبقتنا الكثير من الدول في وضع مواصفات قياسية لاكلاتها الشعبية, والامثلة كثيرة بل ونجحوا في تصدير هذا المذاق أو ذاك مختلف الدول حول العالم ولاشك أن الطعام هو جزء من تراث وثقافة الشعوب, فالمطعم اللبناني في أي من دول العالم له نفس المذاق والشكل وحتي في أسلوب الخدمة, وكذلك المطعم الهندي من دبي الي الولاياتالمتحدة والمطعم الصيني والياباني ناهيك عن سلاسل مطاعم الوجبات السريعة الامريكية التي اجتاحت العالم وما عليها من تحفظات في بعض الاحيان من أنها غير صحية أو تسبب البدانة ومع ذلك فرضت نفسها واسلوبها واصبحت احد اهم مظاهر العولمة. ولدينا في مصر مادبة شهية من الاكلات الشعبية علي سبيل المثال لا الحصر العسل الاسود والجبنة الدمياطي والكشري والفول والطعمية.. وبكل اسف لاتجد مواصفة قياسية واحدة علي الرغم من انتشار مطاعم الاكلات الشعبية في كافة انحاء مصر وفي بعض البلاد العربية والغربية ذات التواجد المصري الكثيف. ولاشك في أن هذه الخطوة التي اتخذتها هيئة التوحيد القياسي هي خطوة مهة ولكنها تأخرت كثيرا لدرجة أن بعض الدول قامت بإنتاج مأكولات مصرية دون الرجوع إلينا وقامت بتسويقها عالميا رغم أن حقوق الملكية الفكرية لها تعود إلينا مثل الجبنة الدمياطي التي تصدرها الدانمارك لكثير من دول العالم. ومن المضحك قيام السيد نيتانياهو خلال حملته الانتخابية أن توقف أمام أحد المطاعم وتناول سندوتشات من الطعمية وأكد أنها أكلة إسرائيلية الأصل مرددا نفس ادعاء الكاتب الإسرائيلي جون ناتان في كتابه( المأكولات في إسرائيل) بان الطعمية أكلة إسرائيلية ترجع أصولها إلي التوراة.. وهذا ليس غريبا فقد سبقه السيد مناحم بيجين فيما هو أكبر من ذلك بإدعائه أن اليهود هم بناة الاهرام... ولم يقتصر الامر علي مجرد اقامة مطاعم للوجبات المصرية أو الادعاء بأنها اسرائيلية بل شاركوا في المهرجانات والمعارض وكان آخرهم فوز شركة إسرائيلية تدعي(بامبا نوجت) بجائزة في معرض للمواد الغذائية بولاية نيوجيرسي الأمريكية عن إنتاجها لأقراص الطعمية الإسرائيلي التقليدي وهو ما أثار غضب اللبنانيين وقرر رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين أن يبعث برسالة إلي مانحي الجائزة يبلغهم فيها احتجاج جمعيته.. ومهما كان الصراع حول الاصل التاريخي للطعمية وكيف ان الجميع يريد أن ينسبها لنفسه إلا أننا في مصر نؤكد بانها مصرية100% ومن الثابت تاريخيا ان المصريين هم أول الشعوب التي عرفت نبات الفول كغذاء, وانما كان اسمها فلافل كما يطلق عليها في الاسكندرية أو طعمية في القاهرة فأصل الاسم عربي لاشك فيه. ولاشك ايضا في اننا في حاجة ماسة إلي تطبيق تلك المواصفات القياسية علي جميع مطاعم الوجبات الشعبية في مصر ومنح المطعم المطابق للمواصفات شهادة بذلك, واعطاء مهلة زمنية لجميع المطاعم بتطبيق المواصفات ويعتبر ذلك مكملا لشروط الترخيص بمزاولة العمل علي أن يصاحب ذلك حملة اعلامية لتوعية المواطن بأهمية التعامل مع المطاعم للتأكد من تطبيقها للمواصفات.