أما في الأجازة فيحلو الحديث عن السعادة، وأمورها وشئونها، ولاأدري هل الشعور بحلاوة الأجازة هو الذي يدفعنا للبحث عن حلاوة الشعور بالسعادة، أم أن حلاوة الشعور بالسعادة هو مايدفعنا للبحث عن حلاوة الشعور بالأجازة ؟ ليس هذا السؤال هو الأهم الآن، فقد تتبخر أجازتي وأجازتكم إذا حاولنا أن نبحث عن الاجابة، فالمهم هو أنه إذا صادفك هذا الإحساس اللذيذ الذي يدغدغ المشاعر ويخدر الجسد ويسرق العقل وينسف الإحساس بحقيقة السن، ويعيد لنا في لحظة نبض الشباب، وارتعاشات الحب، وإنسانيات الوجود ، إذا صادفك فلا تضيعه، بل تشبث بكل لحظة من لحظاته بل بكل ثانية، بل وحتي فمتو الثانية! المهم ألا تحول نفسك في الأجازة إلي سجان يحاول القبض علي نفسه متلبسا بتهمة التشبث بحق السعادة أو حرية اقتناص فرصة الأجازة.. اترك نفسك لجنونك ولانطلاقك العفوي ولبراءة مشاعرك، لاتخش نفسك أو شبحك أو عقلك، لاتجهد نفسك بالتفكير في الأسباب أو التحليل بالمنطق، أو التفسير للأحداث!. فقط أغمض عينيك واسرح بعيدا في عالمك الخاص جدا وخيالك الخاص جدا وفرحك الخاص جدا، أغمض عينيك واجعل آخر ماتراه علي الشاطئ لون مياهه الفيروزي، ورماله الصافية، وأحلامه الذهبية.. أغمض عينيك واترك أشعة الشمس تغازل أحلامك وتبثها دفئا وحنانا وشبابا، أغمض عينيك ودع أمواج الشاطئ تغريك كي تسر إليها بأسرارك التي أثقلت نفسك، وكي تبوح لها بأفكارك التي أهمتك، وبضغوطك التي حاصرتك . أغمض عينيك ودع رمال البحر تبني لك قصورك التي حلمت بالسكن فيها وقلوعك التي تمنيت الاحتماء بحصونها.. تخيل ماشئت في الوجود، وأحب من شئت في الوجود، وحاور من شئت في الوجود، وسافر من لمن شئت في الوجود، وعانق من شئت في الوجود! أما إذا فاجأك ماأيقظك أو من أيقظك، فلا تخشي شيئا، فقد اكتسبت المناعة ضد الحزن والقلق والأرق لأن هذه هي مهمة الأجازة.. ثم لاتقلق فإنك مازلت بعد في أول الأجازة! مسك الكلام.. أحلي مافي الأجازة ديمقراطيتها.. والتي لاتفرق بين عمر وعمر أو رجل أو إمرأة أو شاب أو شيخ أو مواطن أو مهاجر.. إنها اللحظة الوحيدة في الحياة التي تسمح لنا باستعادة طفولتنا!