الأتمته والاعتماد علي التسيير الذاتي للمعدات والمركبات، واطلاق العنان لدور الكمبيوتر في التحكم والتوجيه، والمزاوجة بين أنواع التقنيات، أمور قادت إلي مزيد من الاعتماد علي الآلة، خصما من رصيد وأدوار البشر، ولم يستثن مجال أو حقل، حتي الطائرات انطلقت محلقة دون طيار، و الآن جاء دور السيارات! الفكرة شديدة الطموح في غزلها للمستقبل ليست سيارة واحدة، لكنها اثنتان.. المسافة لن تقتصر علي بضعة كيلو مترات، أو حتي بعض المئات منها، لكنها تصل إلي 31 ألف كيلو متر، تخترق خلالها سيارتا الاختبار دون قائد طرقا ومناخات في محاكاة لما يشبه قصص ألف ليلة وليلة، والحكايات الأسطورية! من الحر القائظ إلي البرد القارص.. بين الطرق المنبسطة حيث لا أثر لبشر، والشوارع المكتظة بالناس، تسير بلا عوائق، بل تناور بسلاسة.. الهدف ليس استعراض الامكانات غير المسبوقة، بقدر ما يعني القائمين علي التجربة - وعيونهم علي المستقبل- تشغيل الأنظمة التي تحتويها السيارتان تحت ضغوط قوية وحقيقية. فصل جديد في تاريخ السيارات يتم اقتحامه بهذه التجربة الفريدة. ظروف تشغيل متباينة، لكنها خارج المختبرات والمعامل والطرق المرسومة، بيئة حقيقية بطقسها وشوارعها، وما يحيط بها من سيارات ومشاة، واشارات ضوئية، و...و... واختبار واقعي هدفه وضع مفاهيم التقدم التقني الفائق علي المحك مع مفهوم التنقل في غياب قائد للمركبة! التطورات الطفرية في تقنيات الالكترونيات الدقيقة، والتحكم عن بُعد، والذكاء الاصطناعي، والأنظمة المتكاملة للقيادة والسيطرة والانذار المبكر، باتت في خدمة انتاج سيارات غير مأهولة، لا تحتاج إلي سائق، ويمكن ان تتيح في المستقبل فرصة تسيير شاحنات ضخمة لنقل البضائع عبر الطرق السريعة، داخل الدولة الواحدة أو مخترقة للحدود بين الدول. ثمة تجارب أشد تواضعا بكثير انطلقت في السابق، لكن التجربة التي انطلقت في العشرين من يوليو 0102 سوف تبقي علامة فارقة، لانها تكتب صفحة فريدة، باستشرافها آفاقا غير مسبوقة في تاريخ النقل البري وصناعة السيارات، ربما تحدث انقلابا في كليهما في مدي غير بعيد. خلال التجربة، ثمة استعانة بمن يتابع فصولها عن كثب، من خلال سيارتين تقتفيان أثر سيارتي التجربة كظلهما، للتدخل عندما يتطلب الأمر ذلك، فهي علي أي حال التجربة الأولي من نوعها في العالم، وقد يتم النظر إلي ما يحدث الآن بعد عقد من الزمان علي انه كان مجرد مخاوف مبالغ فيها! وإذا ما تلي هذه التجربة تجارب أخري، ليتم بعدها اتخاذ قرارات باعتماد انشاء خطوط انتاج لشاحنات نقل بضائع تجري دون سائق، فان الأمر يتطلب وضع انظمة مرورية خاصة، تتضمن ضوابط وقيودا لضمان الأمن و السلامة للجميع: السيارات التي تمرق إلي جانبها سيارة ضخمة غير مأهولة، وبشر يعبرون الطرق، ومنشآت قد تتعرض للخطر إذا ما حدث وان فُقدت السيطرة علي سيارة لا يقودها سائق و... و... منظومة كاملة، متكاملة، سوف تنشأ لمتابعة السيارات غير المأهولة حال دخولها الخدمة الفعلية، لكن بعيدا عما يتعلق بكل ما هو تقني في تلك المنظومة، فان ثمة سلوكيات جديدة سوف تطرأ علي جيران أي سيارة تجري دون سائق؛ سواء أكانوا يحتمون بسيارتهم، أو يمضون علي اقدامهم!