خطوة واحدة تفصل بين الحلم والكابوس! التقنية خادم مطيع، قد يستثمرها البشر في الخير والسلام وللاغراض المدنية فحسب، وربما يتم تسخيرها في إلحاق الدمار وشن الحرب والقيام بأعمال التجسس. حتي وقت قريب كان ثمة حلم يسهر العلماء علي انجازه وتحويله إلي حقيقة، بتصنيع طائرة فضائية تجمع بين مزايا المركبات الفضائية، لاسيما السرعة الفائقة، وسمات الطائرة بدون طيار بالتحكم فيها عن بُعد، واخيرا أصبحوا علي مشارف تحقيق ما يحلمون به، وبالفعل بدأت التجارب علي أول طائرة فضائية دون طيار، وعلي ضوء ما تسفر عنه سوف يتقرر انتاجها، وتحديد توقيت دخولها الخدمة الفعلية. في البدء كان طموح انتاج الطائرة الفضائية مرتبطا بالاغراض المدنية، خاصة السياحة في الفضاء، إلي جانب رحلات للركاب ونقل البضائع، لكن فيما يبدو فان اعضاء نادي الفضاء الدولي، خاصة الولاياتالمتحدة، فضلوا- كالعادة- الاستثمار في الحرب! ربما بدأت فكرة المزاوجة بين الأمرين، أي تصميم الطائرة الفضائية، وكونها دون طيار، بعد النجاح الواسع النطاق الذي احاط بالمهام التي قامت بها الطائرات بدون طيار للاغراض الحربية، ثم التفكير في استثمار ذلك النجاح في انتاج طائرات مدنية دون طيار، وبالتوازي مع هذا التوجه كان يجري تصميم طائرة فضائية يتم فيه استثمار ما تحقق من تقدم تقني في بناء المركبات الفضائية خلال العقود الماضية، والتي تراكمت خبراتها، وأصبح بالامكان »تطويعها« و»تطعيمها« لتصبح احدث وليد في ترسانة حرب النجوم! ولا بأس بعد ذلك ان تكون وافدا جديدا في دنيا الطيران التجاري! سلاح الجو الأمريكي يطمح إلي ان يكون صاحب السبق في اقتحام هذا المجال، والمفارقة انه ينفي ان الخطط المستقبلية لانتاج الطائرة الفضائية دون طيار، سوف تدشن مرحلة جديدة من سباق التسلح الفضائي. وإذا كانت الاجيال التي دخلت الخدمة من الطائرات دون طيار تبقي قادرة علي التحليق لعدة أيام، فان مصممي الطائرة الجديدة يستهدفون تحقيق رقم قياسي غير مسبوق بقدرتها علي البقاء في مدار فضائي منخفض نحو 072 يوما. ومازال الغموض يحيط بنوعية التجارب التي ستقوم بها الطائرة خلال تحليقها التجريبي وينسحب الأمر علي طبيعة الحمولة التي تنقلها. ومثل أجيال سبقتها، فانها تجمع بين الخلايا الشمسية للعمل نهارا، والبطاريات للتشغيل الليلي، لكنها تختلف من حيث الأبعاد التي تتجاوز الطائرات دون طيار العاملة بالفعل، إذ يصل طول جناحها إلي 5.4 متر، بينما يبلغ طول جسمها 9.8 متر، وإذا كانت سابقاتها تزن ما يتراوح بين عدة كيلوجرامات، والعشرات من الكيلوجرامات، فان الوليد الجديد يزن 0994 كيلوجراما. ويفتح حجمها وأبعادها باب التكهنات واسعا امام المهام التي سوف يتم اسنادها لهذه الطائرة، بعد مراحل الاختبارات والتجريب، وعلي الارجح فانها ستستخدم في عمليات التجسس علي الاتصالات، وربما في نشر اقمار صناعية صغيرة. وفي ضوء ما يتم الكشف عنه من حقائق بعد الفترة التجريبية، خاصة ما يتعلق بطبيعة الطائرة الفضائية دون طيار، والمهام التي ستضطلع بها يمكن استشراف ملامح المرحلة المقبلة لاستخدام الفضاء في الاغراض العسكرية، خاصة وان روسيا والصين، وغيرهما من أعضاء نادي الفضاء الدولي لن يقفوا مكتوفي الأيدي إزاء الخطوة الأمريكية التي تسعي إلي تعزيز القبضة علي الفضاء الكوني. يبدو أن حقبة جديدة من الصراع حول الهيمنة الفضائية توشك علي اكتمال ملامحها ولا عزاء لمن يكتفون بلعب أدوار المتفرجين!