سادت جماهير الساحة الرياضية حالة من التحفظ والقلق بعد متابعتها لباكورة المباريات ولقاء السوبر المصري الذي جمع بين الاهلي بطل الدوري وحرس الحدود بطل الكأس وجري باستاد القاهرة وتحت اضوائه الكاشفة وبإدارة مصرية خالصة للكابتن محمد فاروق الحكم الدولي.. فإذا كان المستوي العام لمباراة تجمع بين بطلي الدوري والكأس بهذا التواضع فكيف ستخرج بقية المباريات عندما تنساب وتتابع في أسابيع الدوري الممتاز كبري المسابقات الرياضية علي الاطلاق.. وباستثناء عشرات الآلاف من الجماهير المخلصة الرائعة التي توافدت واقبلت علي متابعة المباراة من المدرجات والملايين العديدة التي تابعتها من الشاشة الصغيرة لم تكن بقية عناصر المباراة بما فيها الحكم عند حسن الظن بها وعمقت ورسخت حالة القلق والتي كان لها دوافع وأسباب فنية سنسعي لتوضيحها في الأسطر القليلة التالية: ندرة الخطورة رغم الحماس والكفاح والسرعة النسبية التي سادت أداء لاعبي الفريقين وانعكست بوضوح في تحركاتهم وتمريراتهم وانتقالاتهم بالخطوط والمجموعات سواء في القلب أو علي الأجناب والجبهات.. فأن حارسي المرميين لم يختبرا اختبارا جديا معظم فترات المباراة من ندرة الخطورة وقلة الكرات التي استقبلاها بين الثلاث خشبات.. وعلي سبيل الحصر لم يكن للأهلي في الشوط الأول سوي الكرة الوحيدة التي سددها أحمد حسن عن بعد وارتطمت بالقائم الأيسر لمرمي علي فرج والهجمة الوحيدة المنظمة التي اقتحم بها محمد بركات الصندوق الحدودي ودفعه المدافع محمد كمال بكلتا يديه ولم يحتسبها الحكم فاروق ضربة جزاء.. بينما جاءت كل كرات الحدود علي شكل بالونات عالية لاستغلال مهارة احمد عبدالغني المفقودة وسرعة صافي العشوائية.. وتفرغ أحمد عيد أما للاعتراض غير المبرر أو للتمثيل غير المنتج وللمراوغة الزائدة والمغالي فيها.. أما الشوط الثاني فأمتلأ بالكر والفر والعدو خلف الكرة اينما وجدت وكيفما كانت ولم تتصاعد الخطورة أو يشهد الشوط فرصا مؤكدة حتي التي طالب فيها أحمد عبدالغني بضربة جزاء وكلف فيها فريقه الكثير بعد طرده الحكم لتجاوز حدود اللياقة الأخلاقية. التمرير العكسي زخرت المباراة بسلبية شديدة واختفت منها بنسبة كبيرة واحدة من أهم المهارات في الكرة الحديثة وهي التمرير المتقن والدقيق لزميل خال في مكان مناسب.. افتقدت معظم التمريرات من الفريقين خاصة من صناع اللعب وبادئ الهجمات من العمق للدقة والرؤية العميقة والتأثير الفعال.. بل لعل الهجمات التي تم تنظيمها بالصدفة جاءت من اخطاء قاتلة وتمريرات معاكسة للاعبي الفريق المقابل.. صحيح مع مرور الوقت انضبطت مهارة التمرير وتوازن الايقاع بعد ان تخلي حسام غالي عن فلسفته وتحلي احمد حسن بالسرعة ولذلك ارتفعت نسبة الاستحواذ بشدة لصالح الاهلي لافتقار لاعبي حرس الحدود وبينهم الكابتن محمد حليم ومحمد الهردة لمهارة التمرير المتقن.. ودفع هذا الكابتن طارق العشري للدفع بلاعبه عبدالرحمن محيي لاستعادة التوازن المفقود من فريقه وسط الملعب بالرغم من عدم استعادته لحساسية المباريات بعد الاصابة. سلبية المهاجمين لم يسع المهاجمون لخلق فرص حقيقية للتهديف والقيام بحلول فردية باستخدام مهارات فذة أو مركبة كالانطلاق والتسديد المتنوع من مسافات مختلفة أو المراوغة المجدية والمؤثرة.. وركنوا لاستقبال الدعم والتموين من لاعبي الوسط الذين كانوا في غير حالتهم من الجانبين.. وإذا استثينا أحمد حسن منهم لانه بذل جهدا كبيرا وحاول مرات لكنها محاولات فردية قام فيها بالتسديد غير الموجه أو المؤثر وذهبت معظم الكرات طائشة بعيدا عن المرمي.. وعلي نفس الشاكلة كان احمد عيد عبدالملك الذي لم يوظف امكاناته المهارية لصالح فريقه وتحلي بنسبة وافرة من النرجسية للدرجة التي دفعت مديره الفني العشري للومه ومعاتبته وللدرجة التي بدا احيانا يلوم نفسه لان الكرة تعانده وتتمرد عليه خاصة تلك التي اوشك بها علي الانفراد وسدد بقدمه الثابتة فخرجت كرته هزيلة لضربة مرمي وكان يتصور انه سيحرز هدفا عالميا كالذي احرزه من قبل مع المنتخب.. وعكست المباراة المشكلة العقيمة التي يعاني منها الاهلي لندرة توفر المهاجم القناص بعد انتقال متعب إلي بلجيكا.. فرانسيس الليبيري لا يصلح ويتحول إلي الأجناب فيزيد من صعوبة مهمته الأساسية وهي التهديف.. أما طلعت فلم ينضج ويجري بالكرة محتاجا لمسافات طويلة إلي ان تضيع منه.. وكنت أري ان العجيزي افضل منهما ولابد ان يحصل اسامة حسني علي فرصة لحل مشكلة العقم التهديفي التي قد تؤثر كثيرا في نتائج الاهلي النهائية. اختفاء النجوم كشفت المباراة عن تواضع غريب في مستوي النجوم وتدني انتاج المشاهير من الموهوبين بدرجة مخيفة.. يأتي علي قمة هؤلاء النجوم الكابتن محمد ابوتريكة الذي مايزال بعيدا عن مستواه الفني والمهاري المتميز.. ولا يشفع لابوتريكة احرازه لهدف المباراة الوحيد لانه جاء من خطأ دفاعي حدودي وصادفه توفيق من الله لان الكرة تهيأت امامه في موقع مثالي وبمعطيات رائعة.. كما لم يظهر حسام غالي بما اشتهر به من امكانات عالية اهلته للاحتراف الأوروبي والآسيوي.. واكتفي حسام عاشور باداء الدور الدفاعي.. وحاول بركات علي قدر طاقته وتعرض لخشونة كبيرة وكان احمد حسن الأفضل في هذا الخط.. وبالمقابل فأن معظم نجوم الحدود الذين سبق ان رجحوا كفته ابتعدوا تماما عن مستواهم بما فيهم المجتهدين المدافع أحمد مكي الذي كان يرهق كل من امامه بقطع المشاوير الطولية والمراوغة وصنع تمريرات تموينية لزملائه والمهاجم أحمد حسن مكي الذي كان يخيف كل المدافعين ولم يكن عند حسن الظن به سوي اسلام الشاطر أكبر اللاعبين سنا واكثرهم خبرة ومهارة.. ولا يمكن ان نبرئ أحمد عيد وأحمد عبدالغني من تواضع المستوي غير ان المشاهد التمثيلية التي ادياها والاعتراضات علي التحكيم التي ابدياها كانت الأسوأ من حالتهما السيئة. المستوي التحكيمي لابد ان نصمت عن انتقاد التحكيم رغم الاخطاء الفادحة التي ارتكبها الحكم الدولي محمد فاروق ومن بينها اغفاله لضربة جزاء واضحة لبركات من الأهلي.. فقد تميز الحكم باللياقة العالية والتواجد قريبا ما امكن من كل الكرات ولم يتهاون في ابراز الكارت الاحمر لمواجهة ظاهرة التجاوز حتي وان تقبل بعض الاعتراضات والهيجان التي صاحبت طرد عبدالغني.. كما كان ايمن دجيش واثقا ومركزا وفاهما لمهامه وواجباته وعاون الحكم في اتخاذ بعض القرارات الصائبة.. ولاشك ان الجماهير ساعدته فلم تبد اعتراضها الحاد علي اخطائه.. كما ان بعض لاعبي الفريقين من اصحاب الخبرة كان لهم محاولات لعدم تصعيد الاعتراض أو افساد الجو العام للمباراة.. ولا يجب ان ننسي ان حساسية المباريات ماتزال غير متوفرة.. فكما انها تأتي بمشاركة اللاعبين في مباريات كثيرة.. فان الحكام ايضا يكتسبونها من ادارتهم للقاءات كيرة ونتمني ان تتوفر لهم في الفترة القادمة.