لا يبدو الجانب الفلسطيني، ومن ورائه الطرف العربي في عجلة من أمره من حسم موقفه ازاء الطلب الأمريكي والذي لم يكن مفاجئا لأحد بالتحول إلي المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين خاصة بعد أن عجزت واشنطن عن ممارسة أي ضغوط حقيقية علي بنيامين نتنياهو وفشل جورج ميشيل في تعديل مواقف إسرائيل، بل علي العكس استجابت للعديد من طلبات رئيس الوزراء الإسرائيلي أثناء القمة الأخيرة له مع أوباما في واشنطن، يعتمد الموقف العربي والفلسطيني علي أن المهلة الزمنية المتاحة للمفاوضات غير المباشرة والتي تمتد إلي أربعة أشهر وفقا للتفويض العربي ينتهي في 8 سبتمبر القادم.. مما يعني أن هناك عدة أسابيع أمام الراعي الأمريكي لتوفير الضمانات التي طلبتها كل من السلطة الوطنية الفلسطينية والدول العربية المعنية بهذا الملف خاصة مصر، الذي طالب وزير الخارجية أحمد أبوالغيط بعد المباحثات الماراثونية التي أجراها الرئيس مبارك الأسبوع الماضي مع كل من الرئيس محمود عباس، وبنيامين نتنياهو وجورج ميتشيل بتهدئة الأجواء المواتية للانتقال للمفاوضات المباشرة. ويعزز هذه الرؤية العديد من العوامل، وفي مقدمتها اتفاق جميع الأطراف العربية والفلسطينية وحتي جورج ميتشيل نفسه بأن المفاوضات المباشرة لم تؤت ثمارها، رغم كل جولات المبعوث الأمريكي ولقاءاته في تل أبيب ورام الله، خاصة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو رفض بشكل حاسم الاجابة عن اسئلة حملها ميتشيل من عباس، تتعلق بالأمن والحدود. واستمر رفضه في بحث هاتين القضيتين، طوال الأسابيع الماضية، محاولا اقناع الأمريكيين بأنهما في حاجة إلي مزيد من التفاصيل وهذا لن يتاح إلا في المفاوضات المباشرة. كما أن الموقف العربي يتحفظ علي الاستئناف ويطالب بضرورة وجود ضمانات وتأكيدات من الجانب الأمريكي والإسرائيلي والا فإن الانتقال من المفاوضات غير المباشرة إلي مباشرة وكما قال عمرو موسي يدخلنا كعرب في دائرة إدارة الأزمة وليس حلها. كما أظهرت الاجتماعات التي عقدها الرئيس محمود عباس خلال الأيام الماضية، للمجلس الثوري واللجنة المركزية لحركة فتح واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير تشددا واضحا. وأصرت في نهاية الاجتماعات علي وجوب تحقيق تقدم في ملفي الحدود والأمن واقرار مرجعية للمفاوضات علي رأسها قبول مبدأ الدولتين علي حدود 7691، ووقف الأنشطة الاستيطانية بما يشمل القدس، مع رعاية دولية للمباحثات المباشرة. وتحديد سقف زمني محدد وعدم الاعتداد بالحدود المؤقتة في دولة غير واضحة المعالم، والغريب في الأمر وعلمت »الأخبار« بأن التوجه العام الذي بدأ في التبلور، وسيتم الاعلان عنه في اجتماعات وزراء خارجية الدول الأعضاء في لجنة المبادرة الخميس القادم، يتضمن صيغة »نعم« ولكن بما يعني الموافقة من حيث المبدأ من الطلب الأمريكي بالتحول إلي المفاوضات المباشرة، مع ربط ذلك بتحقيق عدد من المطالب الفلسطينية والعربية، ومثل هذا السيناريو يحقق »ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد«، الأول بتفادي الصدام مع الإدارة الأمريكية. التي كثفت من اتصالاتها مع أطراف عربية عديدة فاعلة، وتمارس ضغوطا علي الطرف الفلسطيني، اعترف به محمود عباس مؤكدا انه يتحصن في مقاومته لهذه الضغوط بالموقف المصري والأردني. كما أن وحدة الموقف العربي سواء في اجتماع وزراء خارجية مبادرة السلام أو في اجتماع المجلس الوزاري في منتصف سبتمبر القادم، قد يدفع الإدارة الأمريكية إلي الضغط علي إسرائيل لتحقيق أي تقدم خلال الأسابيع القادمة علي صعيد المباحثات غير المباشرة في الملفات المطروحة، أو علي الأقل الاستجابة للمطلب العربي والفلسطيني بتوفير ضمانات أمريكية مكتوبة لاتخاذ مثل هذه الخطوة.