* أقرت الولاياتالمتحدةالأمريكية أخيراً بأنها عجزت عن ثني إسرائيل عن وقف الاستيطان، تلك المعضلة الحقيقية في توقف عملية السلام ودخولها إلي نفق مظلم لا خروج منه، فسارعت إسرائيل للإعراب عن ارتياحها من هم جثم علي صدرها، في حين عبر الفلسطينيون عن خيبة أملهم ولوحوا بالبدائل. ومن هنا أعطي الرئيس الفلسطيني محمود عباس الضوء الأخضر لمساعديه للتحرك وتفعيل الخيارات الأخري ومنها التحول إلي مجلس الأمن لإعلان الدولة، بعد أن تيقن أن عملية السلام قد دخلت في أزمة عميقة توجتها واشنطن بتراجعها عن مطالبتها إسرائيل بوقف الاستيطان، وهو ما يمثل انتكاسة في السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة إذا كان ذلك مطلبا للرئيس الأمريكي باراك أوباما أيضا وليس للفلسطينيين وحسب، فيما يسود شعور بالانتصار في إسرائيل ويتباهي المستوطنون بإخضاع أمريكا. وتعتبر هذه الخطوة هزيمة جديدة للإدارة الأمريكية التي اضطرت إلي التراجع مسبقا عن مطالبها لتجميد كلي للاستيطان، لتطالب حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بتجميد مؤقت لمدة 95 يوما فقط للسماح بإنجاح المفاوضات المباشرة، وذلك بعد أشهر من المحاولات الأمريكية لإقناع الإسرائيليين بتجميد الاستيطان في الضفة الغربية من أجل استئناف المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين. إن مثل هذا القرار يترك محادثات السلام بالشرق الأوسط عرضة للتقلبات مع رفض الفلسطينيين استئناف المفاوضات المباشرة دون تجميد البناء الاستيطاني، ونضال الولاياتالمتحدة للوصول إلي صيغة أخري لإعادتهم إلي الطاولة، ويعد هذا الوضع بمثابة انتكاسة أخري في حملة أطلقها الرئيس أوباما بدت محكوما عليها بالفشل منذ البداية.. خاصة وأن مسئولي الإدارة الأمريكية لم يطرحوا خطة بديلة لإحياء المحادثات فمن غير الواضح ما إذا كان لدي الإدارة خطة بديلة من الأساس، وراء الالتزام العام بالاستمرار في الحديث إلي الإسرائيليين والفلسطينيين بشأن القضايا الكبري المثيرة للاختلاف من بينها الحدود والأمن ووضع القدس بجانب أخري، وربما يحمل خطاب وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون حول السياسات تجاه الشرق الأوسط الذي ستلقيه أمام معهد بروكنز نظرة عامة علي الخطوة التالية للإدارة، إلا أنه علي ما يبدو لم يتم إقرار استراتيجية محددة للإدارة بهذا الشأن بعد. ويعتقد محللون أنه علي المدي القصير أثار الإخفاق في تمرير الاتفاق الذي تم بين واشنطن ونتنياهو متوجا بسلة من الهدايا الأمريكية لإسرائيل مقابل تجميد الاستيطان الشكوك في قدرة نتنياهو علي التفاوض حول الحل النهائي مما يكشف مدي ضعف ائتلافه، كما أن الفلسطينيين بدلوا أيضا موقفهم حيث أصروا علي أن تجميد المستوطنات يجب أن يشمل القدسالشرقية والضفة الغربية، بينما لم تطلب الولاياتالمتحدة من نتنياهو توسيع دائرة قرار التجميد في القدس، وهذا ما جعل من الشك يقيناً بأن نتنياهو لم يكن ليتمكن نهائيا من إقناع مجلس وزرائه اليميني بالموافقة علي هذا الأمر. القرار الأمريكي الذي ربما لم يكن مفاجئا لقطاع كبير من الشعب الفلسطيني أربك الوضع السياسي في المنطقة ومنها مصر التي أكدت أن القوي الرئيسية يجب أن تضغط علي إسرائيل والفلسطينيين ليوافقوا علي مهلة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، قبل أن يصبح من المستحيل تحقيق حل الدولتين.. ونصحت الرئيس عباس بالتروي وإمهال واشنطن قبل اللجوء إلي البدائل الأخري. فيما أعلنت الجامعة العربية عن اجتماع عاجل للجنة المبادرة العربية للسلام بناء علي طلب الرئيس أبو مازن لمناقشة التطورات بعد عجز الإدارة الأمريكية عن ممارسة ضغوط علي إسرائيل بشأن الاستيطان، وأن جهودها واتصالاتها خلال العام ونصف العام الماضيين خلصت إلي صعوبة إيجاد حل سياسي جديد، وكان من الواضح أن إسرائيل تعد لهذه المرحلة من بداية المفاوضات، فنتنياهو أكد أكثر من مرة عدم استعداده لحل نهائي وأن كل جهوده تتمحور حول اتفاق انتقائي جديد. وبالنسبة للفلسطينيين، فإن الخيار المرجح في حال فشل الجانب الأمريكي في مهمتهم بوقف الاستيطان كما هو ظاهر إعادة الملف إلي الأممالمتحدة، رغم أنهم يرجحون إعطاء الإدارة الأمريكية مزيدا من الوقت حتي نهاية هذا العام قبل أن يتوجه الرئيس محمود عباس إلي لجنة المتابعة العربية لدراسة الخيارات العربية للمرحلة المقبلة!!