ينتظر العالم ذلك الحدث الذي ستنقله كل وكالات الانباء من البيت الابيض بعد غد الخميس (2 سبتمبر) للاعلان عن استئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين واسرائيل، بحضور الرئيس حسني مبارك والرئيس الامريكي باراك اوباما والعاهل الاردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ولا تتوقف التقارير التي تحاول البحث في خلفيات هذا الاحتفال الذي يبدو غريبا في توقيته ومناسبته، والذي يجعل من مجرد التفاوض إنجازا يستحق الاحتفال، بينما تكاد تجزم تقارير اخري بأن الأمر ليس كما يبدو للعيان، وان في الكواليس يجري الاستعداد لما يستحق الاحتفال فعلا! ويتساءل عوديد عيران، مدير معهد بحوث الامن القومي الاسرائيلي في تل ابيب، عما سيفعله كل هؤلاء عند فشل المفاوضات. ويتساءل في اندهاش، في مقال بصحيفة هآرتس الاسرائيلية، بعنوان صريح: "ماذا سيفعلون عند انفجار المحادثات؟"، فيؤكد انه لا توجد أي تحولات في المواقف ولا السياسات كي يجري الاحتفال باستئناف المفاوضات المباشرة، ويتساءل: لماذا ضغط نتنياهو كل هذا الضغط من اجل استئناف المفاوضات المباشرة؟ وحكومته يمينية كما هي، وموقفه الداخلي حرج. ويقول ايضا ان مبارك والعاهل الاردني شاركا من قبل في احتفاليات من هذا النوع، فما الذي يجعلهما يتكبدان مشقة السفر الي واشنطن لحضور هذا الاحتفال غير المبرر، إلا اذا كانا علي علم فعلا بان هناك ما يستحق الاحتفال ولم يتم الاعلان عنه بعد! وتطرق عوديد ايضا الي موقف الرئيس الأمريكي فقال ان أوباما يعاني علي الساحة الداخلية، بسبب مصاعب الحرب في افغانستان وتدهور الاوضاع في العراق واقتراب الانتخابات البرلمانية في الولاياتالمتحدة، وكل ذلك يدفعه لتجنب الحرص في عدم التورط بعمليات فاشلة مجددا والبحث عن انتصار يعيد إليه رونقه الداخلي! وبالتالي لم يكن ليثير كل هذه الضجة حول استئناف المفاوضات لو لم يكن بجعبته ما يستحق! من جانبها ذكرت صحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية ان إدارة أوباما تعتزم ان تعرض علي إسرائيل والسلطة الفلسطينية صيغة جديدة لإنهاء الصراع بينهما. وعلمت "يديعوت أحرونوت" أن الامريكيين سيضغطون علي الطرفين للتوقيع علي اتفاق اطار للتسوية الدائمة في غضون سنة، علي ان يتم تنفيذ الاتفاق نفسه خلال بضع سنوات، قد تصل إلي 10 سنوات في أقصي الأحوال. وقالت الصحيفة ان دان شابيرو، المسئول في مجلس الامن القومي الأمريكي عن الشرق الاوسط، كشف لرؤساء المنظمات اليهودية في الولاياتالمتحدة عن ان اوباما يعتزم زيارة السلطة الفلسطينية واسرائيل خلال السنة القادمة، لاستغلال مكانته واقناع الشعبين بتأييد حل وسط "مؤلم" من اجل السلام. وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلي أن رؤساء المنظمات اليهودية في الولاياتالمتحدة عقدوا مؤتمرا مع 3 من كبار الشخصيات المقررة لسياسة الادارة الامريكية تجاه الشرق الاوسط، اكبرهم دينيس روس، الذي كان مشاركا في كل الاتصالات بين الاسرائيليين والفلسطينيين منذ اتفاقات اوسلو، ويعتبر اليوم الخبير رقم واحد لشئون الشرق الأوسط لدي أوباما. وإلي جانب روس شارك دان شابيرو وديفيد هيل، نائب المبعوث الخاص جورج ميتشيل. وقالت "يديعوت احرونوت" إنها حصلت علي محضر أو مضبطة المؤتمر، التي كتبت في البيت الأبيض، وتلقي الضوء علي مخططات الإدارة الأمريكية للفترة القريبة القادمة. وحسب الخطة الامريكية، فإن أطقم المفاوضات الفلسطينية والإسرائيلية ستدير محادثات مكثفة بهدف الوصول إلي اتفاق إطار علي التسوية الدائمة خلال سنة، علي ان تجري المفاوضات المكثفة في مواقع منعزلة كي تتمكن الطواقم من البحث بهدوء في المواضيع الجوهرية للاتفاق الدائم: مستقبل القدس، الحدود، المستوطنات واللاجئين. وسيكون علي نتنياهو وابو مازن ان يلتقيا في احيان كثيرة ومتتالية لحل المشاكل ودفع المفاوضات الي الامام. وعند تعثر المفاوضات يتدخل كبار مسئولي الادارة الامريكية في المحادثات، ويطرحون علي الطرفين اقتراحات للوساطة. وفي تلك الاثناء ستحاول الولاياتالمتحدة اقناع الدول العربية المعتدلة بتنفيذ بادرات طيبة تجاه اسرائيل والتأثير علي الفلسطينيين للمساومة. في ختام السنة المكثفة، من المقرر ان يتم التوقيع علي اتفاق الإطار لانهاء الصراع، ليتم تنفيذه بالتدريج علي مدي عدة سنوات. ورغم ذلك فانهم في اسرائيل يرفضون هذا الكلام، ويقولون إن نتنياهو لم يعد بعد أي موقف ملموس قبيل المحادثات المباشرة، ولا يوجد في حكومته اتفاق علي صيغة التسوية الدائمة. ووجهت مصادر اسرائيلية اتهامات لنتنياهو بانه يخفي معلومات مهمة عن وزراء حكومته بشأن المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين، لعل أهمها ان الرئيس الأمريكي لم يلتزم بالاتفاقات السرية التي ابرمها مبعوثو نتنياهو الشخصيون إسحاق مولكو وعوزي أراد، خلال اتصالاتهما مع البيت الابيض قبل الاعلان عن استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. وادعت المصادر أن أوباما تصرف مع نتنياهو بعكس الاتفاقات التي تم التوصل إليها مع نتنياهو، خاصة في ملف المفاعل النووي الإيراني في بوشهر، وبدء المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين بلا شروط مسبقة، بل وأعلن علي الملأ عن استعداده لفرض حلول امنية وسياسية علي إسرائيل. ونقلت المصادر الإسرائيلية عن مسئولين امريكيين - لم تذكر اسماءهم - ان من أهم الاتفاقات السرية المبرمة بين البيت الأبيض ونتنياهو الاتفاق علي الا تشن اسرائيل اية عمليات عسكرية ضد ايران لوقف بدء عمل المفاعل النووي الايراني في بوشهر، وتجاهل الامر وكأن شيئا لم يحدث، مقابل وعد من الرئيس اوباما ببدء المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين واسرائيل دون اية شروط مسبقة من جانب الفلسطينيين، سواء ما يتعلق بتجميد الاستيطان أو الالتزام بحدود 1967 كحدود نهائية بين اسرائيل ودولة فلسطين المنتظرة. وقالت المصادر ان الوضع الذي تشكل في الظاهر هو ان إدارة أوباما رفضت كل مطالب الفلسطينيين، وتبنت موقف نتنياهو بشأن المفاوضات. ولكن في اسرائيل توقف الجميع عند الجملة التي وردت خلال زيارة وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون والمبعوث الامريكي جورج ميتشيل، الي اسرائيل يوم 20 اغسطس الجاري وإعلانهما عن استئناف المفاوضات المباشرة، حيث قال ميتشيل: "قد تبادر الولاياتالمتحدة الي طرح حلول وسط عند الضرورة"؛ الامر الذي اعتبره مسئولون اسرائيليون اعلانا بان واشنطن تحتفظ لنفسها بحق طرح مقترحات خلال المفاوضات لحل الخلاف بين الفلسطينيين وإسرائيل، وان واشنطن منذ اللحظة التي ستبدأ فيها تقديم الاقتراحات سوف تكشف عن وجهها الرسمي، وتتطرق الي كل القضايا المهمة والشائكة في المفاوضات، ويكون بوسعها ان تفرض علي إسرائيل الحل السياسي والامني الذي ترتضيه الادارة الامريكية. وتقول مصادر في واشنطن ان البيت الابيض حاول اقناع هيلاري كلينتون بقول هذه العبارة في المؤتمر الصحفي، لكنها رفضت، حتي لا تفسد الاتفاقات التي توصل اليها رجالها مع المسئولين الاسرائيليين، وتم الاتفاق في النهاية علي ان يقولها ميتشيل. وادعت مصادر إسرائيلية ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابو مازن يقول لمنتقديه ومن يتهمونه بالإذعان للضغوط الأمريكية، انهم لا يعرفون حجم الإنجاز الكبير الذي حققه! وان اوباما سيضع علي مائدة المفاوضات مقترحات تجبر نتنياهو علي التراجع عن مواقفه في كل القضايا التي سيجري التفاوض حولها تقريبا.