اذا أردت أن تتعرف علي تقدم أي مجتمع فعليك بدراسة ومتابعة إعلامه المسموع والمرئي، وصحافته بالطبع، ولكننا نتحدث الآن عن الإعلام فقط. فالاعلام صورة المجتمع، وفي نفس الوقت هو الذي يبني هذا المجتمع ويضع له قيمه ومثله وأخلاقه وفنه الذي يرقي ويتقدم به. ونحن نحتفل هذا العام بمرور 67 عاما علي تأسيس الاذاعة المصرية التي لعبت دورا مجيدا مهما في بناء الانسان المصري ودفعته الي تأكيد عاداته وتقاليده في الشجاعة والايمان بالله والصدق والعمل الجادوحب الحياة والوطن والتغني به كل وقت والأمانة والتحلي بالعلم والثقة بالنفس واحترام الآخر واعطاء المرأة حقها في الحياة والعمل والحرية كنصف المجتمع. كل هذه القيم والمثل والأخلاق هي جزء من الرسالة الاعلامية التي قدمتها الاذاعة المصرية علي مدي ساعات ارسالها طوال السنوات السابقة. والاذاعة هي مذيع ناجح مثقف ومقدم برامج له تجاربه الحياتية وعنده من الفكر ما يعطيه ويقدمه للمستمع. ومعد البرنامج والمذيع ومقدم البرامج هم الذين يسهرون من أجل المستمع وسعادته، يبحثون عن كل ما هو جميل من أجله.. الخ. وبعد 67 عاما كان ينبغي أن تكون الرسالة الاذاعية سواء المسموعة أو المرئية علي أعلي مستوي ومتقدمة اكثر مما كانت عليه، وبخاصة ان التكنولوجيا أتت لنا بأجهزة تساعد علي الإبهار والوضوح والإبداع الفني. لكن للأسف نحن نتقدم اعلاميا للخلف أو نصعد الي الهاوية. حقيقة انه توجد برامج ممتازة مخدومة مفيدة، لكنها تعد علي الأصابع فقط. العاملون بالاذاعة يصلون الي الميكرفون بعد فترات تدريب واختبارات صوت وخبرة طويلة ويتقاضون مرتبات واهية ضعيفة يتقاضي العاملون العمال في وزارة الكهرباء أكثر منها، لكنهم لا يشتكون لأنهم يحبون عملهم ويشعرون أن الميكرفون والكاميرا هي حياتهم. ويفاجأ هؤلاء الفريق المعد صاحب الخبرة والاصوات المدربة والثقافة الرفيعة انه لا يعمل بسبب استضافة الأجهزة الاذاعية والتليفزيونية لنجوم الكرة وبعض الصحفيين أو العاملين في أي شيء.. يأتي هؤلاء ليعملوا في وسائل الاعلام وأمام الميكرفون والشاشة دون وجه حق، ودون خبرة ليعطلوا العاملين الذين وهبوا حياتهم للعمل الاعلامي واستعدوا له بالدراسة والعمل الجاد، ثم كيف يمنح واحد من هؤلاء الهابطين علي الاعلام أجرا سنويا سبعة ملايين جنيه !! في نفس الوقت الذي لا يجد العاملون في الاذاعة والتليفزيون مرتباتهم الكاملة شهريا فقط لهم وهي في نفس الوقت متواضعة جدا جدا وأشبه بالملاليم بالنسبة لما يتقاضاه الهابط من الهواء؟! وكاتب هذه السطور يعتقد ان سبب تخلف الرسالة الاعلامية هم هؤلاء الهابطون علي الاعلام والمذيعون الذين لا يعرفون شيئا عن الاذاعة والميكرفون والأخلاق الاعلامية ومن هنا فهم يقعون في اخطاء فادحة لغويا وفكريا، لا يعرفون آداب الحوار ولا كيفية الحوار وأصواتهم نفسها غير سليمة أو صالحة، ولو تقدم أحد هؤلاء للاذاعة ليعمل مذيعا سيرسب بالثلث فكيف نسمح لمثل هؤلاء باقتحام العمل الاذاعي العزيز علينا والذي عشنا حياتنا من أجله؟! ولنا الله يا سادة في هذا الزمن الرديء