جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    «متحرش بفتاة وأصدقاؤه زقوا عربيتي في النيل».. اعترافات سائق «ميكروباص» معدية أبوغالب (خاص)    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    نائب روماني يعض زميله في أنفه تحت قبة البرلمان، وهذه العقوبة الموقعة عليه (فيديو)    السفير محمد حجازي: «نتنياهو» أحرج بايدن وأمريكا تعرف هدفه من اقتحام رفح الفلسطينية    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    روسيا: إسقاط طائرة مسيرة أوكرانية فوق بيلجورود    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    ملف يلا كورة.. إصابة حمدي بالصليبي.. اجتماع الخطيب وجمال علام.. وغياب مرموش    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    سيراميكا كليوباترا : ما نقدمه في الدوري لا يليق بالإمكانيات المتاحة لنا    اجتماع الخطيب مع جمال علام من أجل الاتفاق على تنظيم الأهلي لنهائي إفريقيا    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    إبداعات| «سقانى الغرام».... قصة ل «نور الهدى فؤاد»    تعرض الفنانة تيسير فهمي لحادث سير    زيادة يومية والحسابة بتحسب، أسعار اللحوم البتلو تقفز 17 جنيهًا قبل 25 يومًا من العيد    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    لعيش حياة صحية.. 10 طرق للتخلص من عادة تناول الوجبات السريعة    اليوم.. قافلة طبية مجانية بإحدى قرى قنا لمدة يومين    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    «معجب به جدًا».. جوميز يُعلن رغبته في تعاقد الزمالك مع نجم بيراميدز    دعاء في جوف الليل: اللهم ألبسنا ثوب الطهر والعافية والقناعة والسرور    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    بلينكن: طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية يعقد اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس    عاجل - نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة الجيزة.. رابط نتيجة الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني Natiga.Giza    قناة السويس تتجمل ليلاً بمشاهد رائعة في بورسعيد.. فيديو    محافظ كفر الشيخ يتفقد أعمال تطوير شارع صلاح سالم وحديقة الخالدين    شارك صحافة من وإلى المواطن    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 22 مايو 2024    قبل اجتماع البنك المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    محمد حجازي ل"الشاهد": إسرائيل كانت تترقب "7 أكتوبر" لتنفيذ رؤيتها المتطرفة    ضد الزوج ولا حماية للزوجة؟ جدل حول وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق ب"كلمة أخيرة"    كاميرات مطار القاهرة تكذب أجنبي ادعى استبدال أمواله    بعبوة صدمية.. «القسام» توقع قتلى من جنود الاحتلال في تل الزعتر    مواصفات سيارة BMW X1.. تجمع بين التقنية الحديثة والفخامة    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    أول فوج وصل وهذه الفئات محظورة من فريضة الحج 1445    عمر مرموش يجرى جراحة ناجحة فى يده اليسرى    حظك اليوم برج الجدي الأربعاء 22-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع صادرات مصر السلعية 10% لتسجل 12.9 مليار دولار    "مبقيش كتير".. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    موقع إلكتروني ولجنة استشارية، البلشي يعلن عدة إجراءات تنظيمية لمؤتمر نقابة الصحفيين (صور)    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
نشر في الأخبار يوم 22 - 07 - 2010

كان تشرشل داهية سياسية لكنه كان حكيما.. فيلسوفا.. ذكيا.. متواضعا
السبت:
انتقل الملك »هيرودوس« حاكم منطقة الحليل الي عاصمته الجديدة طبرية.. ليجعل منها قطعة من روما التي كان معجبا بها وبأباطرتها فأنشأ فيها الملاعب واحواض السباحة والملاهي والمسارح ونشر فيها الحدائق كما كان يفعل ابوه هيرودوس الاكبر.. وتأهب للخروج الي روما ليقدم لامبراطور الرومان فروض الطاعة والولاء كما كان يفعل ابوه الملك الكبير كان متزوجا من ابنة الحارث امير العرب صاحبة الجمال الشرقي الاخاذ.. لكن الهواجس هاجمته قبل بدء رحلته مفكرا في أمر ذلك المبشر الجديد بملكوت الله.. يحيي ابن زكريا عليهما السلام والذي قال عنه اعوانه انه يفتن الناس ويهدد الامن العام بدعوته فهو يبشر بنبي جديد يحض علي الثورة ضد المال والسلطان ويستل الملوك من عروشهم، وخشي إن سافر دون أن يحسم امره ان يعود فيجده قد افسد الناس فأمر جنوده ان يقبضوا عليه ويسجنوه في قلعة »ماكيروس« الحصينة والتي كانت مرتعا للهرهيرودس ومقرا لملذاته يحتسي فيها هو ورفاقه الخمر ويجمعون اشهر الراقصات.. ولكنه عاود التفكير فيما فعله فان سجن يحيي قد يهيج انصاره ضده ويوغر صدورهم ويؤجج ثورتهم وسخطهم علي ما حاق بيهم خاصة ان عددهم في تزايد كما تزايد تعلق قلوب المؤمنين به، وان اطلق سراحه لجمع قلوب المتعصبين له حوله وهدد ملكه بالزوال.. فأتخذ حلا وسطا يحكمه العقل وطرد الافكار المدمرة التي تراوده فسمح لحواري يحيي بزيارته وان يبعث الي الشعب من سجنه بما يشاء حتي يترك للصدور الغائرة بالحماسة منفذا.
نزل هيرودس في روما ضيفا عزيزا علي امبراطورها واثناء الزيارة فكر في زيارة اخيه فيليبس الذي حرمه ابوه من الميراث ومن العرش فعاش في روما عيشة اهلها واعجب هيرودس بزوجة اخيه »هيروديا« ذات الاحسن الرائع والجمال الذي يبعث بالافئدة وتهفو اليه القلوب وكان يتحدث الي اخيه ويلاحق زوجته في اعجاب ويرمقها في اشتهاء وتلتقي عيناه الوالهتان بعينيها فتحس حرارتهما وتفهم لغتهما وترف علي شفتيها ابتسامة مشجعة وتشتعل عيناها برغبة طائشة مغرية فتشعل حب هيرودس ضراما.. لقد كانت مغامرة تهفو الي ان يزين تاج الملك جبينها ولم تحقق ذلك مع زوجها فيليبس الذي حرمه ابوه من الملك وتجيئها الفرصة التي لا يمكن ان تتركها فهي تحقق املها وطموحها، فها هو هيرودس أخو زوجها وحاكم الجليل وطبرية يغازلها ويفتح امام اطماعها ابواب الأمل.. ويزداد هيام هيرودس بزوجة اخيه التي تبادله الغرام ويلتقيان في غفلة من العيون ويتفقان علي الهرب وفي غفلة من الاخ المخدوع يفران ومعهما سالومي ابنة »هيروديا« والتي ورثت الجمال عن امها.. ويتزوج هيرودس وهيروديا ويعيشان في قصره بقلعة ماكيروس التي أودع فيها يحيي سجينا.. وعلم يحيي وهيروديا كل بأمر الاخر وتشتاق هيروديا الي رؤية يحيي وتلتمس من زوجها ان تصغي الي ذلك الذي اغلقت دونه الابواب.. وجاء الحراس بيحيي والملك ممدد في فراشه الوثير ونظر الي يحيي فأحس برهبة كان يهابه في قرارة نفسه ولكنه يتظاهر بالقوة وسمعته امرأته من خلف الستار يقول ليحيي بصوت آمر ألا تكف عن هذيانك هذا؟« ويرد يحيي بقوة الحق: اهجر هذه المرأة، انها لا تحل لك. ويشير الي الجنود ليأخذوه وتهتف هيروديا وشرر الغضب يتطاير من عينيها: كيف تسمح له ان ينطق بما قال لابد ان يقتل لكن هيرودس لم يفعل كان يهابه في اعماقه ويخاف ثورة انصاره ان قتله وتحل عليه لعنة السماء.
ويحتفل هيرودس بعيد ميلاده محاكيا الاباطرة الرومان وسط الرومان والامراء واعيان الخليل والراقصات يرقصن شبه عاريات بكل الخلاعة والمجون وتلعب الخمر بالرءوس ويمتلئ هيرودس نشوة وبجواره هيروديا تلاطف ابنتها سالومي الرائعة الحسن وتلتقي عيناه مع عينيها السوداوين كليل الربيع الساحر وتقفز الي ذهنه المخمور فكرة ان ترقص له سالومي وقد ذاعت شهرتها كراقصة ماهرة حتي قرعت ابواب القياصرة في روما ويطلب منها ان ترقص وتمانع سالومي ويزداد إلحاحه ويزداد رفضها وتدفعه رغبته العارمة ان يعرض عليها تلبية ما تشاء ويقسم لها بالآلهة وترقص سالومي في خفة الطيف وتتثني كالافعي في حرارة كأنما تتدفق النار في عروقها وتتمايل معها القلوب وترمقها امها وفي رأسها افكار خبيثة يشعلها تزايد هيرودس اعجابا برقص سالومي التي ما ان تنتهي من رقصتها حتي تهرع الي زوج امها ليلبي لها مطلبها ويقول لها: اطلبي ما شئت وتسأل امها بماذا تجيب وتهمس لها بما فكرت فيه ودبرت له »اطلبي رأس يحيي« وتنقل سالومي رغبة امها الي هيرودس الذي يصدمه الطلب ويردد وجهه وتطير الخمر من رأسه: شيئا آخر يا سالومي.. رأس يحيي علي طبق من فضة.. لا.. لا انه رجل صالح، قديس اسألي نصف مملكتي اي شيء آخر وترد زوجته في إصرار: هل تحنث في قسمك لقد اقسمت بالآلهة ويؤيدها الحاضرون، وتثور بربريته ويجن ان يحنث في قسمه امام علية القوم ويردد في صوت خافت: اجيبوا مطلبها.. ويعود الجنود برأس يحيي علي طبق من فضة وتتناوله سالومي وتقدمه لامها وتهدأ نفسها وتخبو ثورة الحقد داخلها لقد سبها يحيي والحق بها العار وتكون رأسه ثمنا لرقصة سالومي ويذبح يحيي الذي قال عنه عيسي لم تلد النساء مثله، وما اقترف اثما ولا خطيئة، ذبح طاهر الذيل عفيفا.
تشرشل.. الداهية
الأحد:
القاريء لمذكرات ونستون سبنسر تشرشل ذلك الداهية السياسي عن الحرب العالمية الثانية وتكمل مع مذكراته عن الحرب العالمية الاولي فترة تزيد علي الثلاثين عاما يكتشف مواهب اخري في حياته يستفيد منها الناس في حياتهم العملية منها انه كان فيلسوفا حين يتكلم مثلا عن شعار العمل فيقول: انه التصميم في الحرب والتحدي في الهزيمة والشهامة في النصر والنية الطيبة في السلام، يكتشف فيه التواضع في قوله »ليس لي ان اسمي ما اكتبه في هذه المذكرات تاريخا، فهذا امر تعني به الاجيال القادمة، لكني استطيع القول: انني اسهمت في التاريخ بنصيب قد يكون له في المستقبل نفع كبير. ان هذه السنوات الطويلة من العمل الشاق التي صرفت فيها جهد حياتي يسعدني ان تكون النبراس الذي علي ضوئه يحكم الناس لي أو علي. يكتشف القاريء الحكمة من قوله: خطتي في مذكراتي الا اوجه نقدا الي عمل عسكري او سياسي بعد وقوعه ما لم اكن قد عارضته قبل وقوعه وحذرت من الوقوع فيه.. يكتشف الذكاء حين يقول: ربطت بين تاريخ الاحداث العسكرية والسياسية العظمي وبين تجارب الانسان الشخصية ولعلي انا الوحيد الذي اتيح له ان يشهد الكارثتين العظمتيين اللتين سجلهما التاريخ الحديث وهو في منصب كبير مسئول »الحربين العالميتين« فاذا كنت في الحرب الاولي اتبوأ من المناصب ذات المسئولية التابعة فقد اصبحت في الحرب الثانية- مع المانيا- التي اشتعل اوارها خمس سنوات رئيسا للوزارة.. ويعود مرة اخري الي الفلسفة الممزوجة بالحكمة حين يقول: كان طبيعيا ان اخفف من حدة الكثير من المناقشات التي كانت تدور في حينها ويحز في نفسي ويؤلمني ان اعرض لهذه المناقشات واسجل ما كان يحدث فيها من الخلاف بيني وبين كثير من الذين اقدرهم،كن من الخطأ الا نتعرض لدروس الماضي لتكون عبرة للمستقبل، اننا يجب الا نحكم علي أولئك: الرجال المحترمين ذوي النيات الطيبة دون ان نضع في حساباتنا ما يمليه الواجب ونطبق دروس الماضي علي المستقبل. انني لا انتظر من كل انسان ان يوافقني علي ما اقول، كما انني لا اكتب لارضي ذوق الجماهير لكنني ادلي بما افدت علي ضوء التجارب التي اجتزتها وقد اخذت حذري للتأكد من جميع الوقائع وان كانت هناك اشياء ستكشف عنها الايام لانها لاتزال في طي الكتمان. ويصل الي منتهي الحكمة حين يقول: سألني الرئيس روزفلت انه يود ان يرشده عن اسم يصح ان يطلق علي هذه الحرب فبادرته قائلا: انها الحرب التي لا مبرر لها، فلم يكن في الحق اهون ولا اسهل من منع هذه الحرب التي قضت بالهلاك والدمار علي ما خلفت سابقتها وأعني الحرب الاولي.. ومما يضاعف اسفنا ان جهود مئات الملايين والانتصارات الكثيرة التي حققتها البشرية لقضية العدالة لم توصلنا الي السلام ومازلنا مهددين بأخطار اشد سوءا من تلك التي اجتزناها وقضينا عليها.. انني أمل ان يهدينا التفكير في الماضي الي ما يجب عمله في المستقبل، وان يتمكن الجيل القادم من اصلاح اخطاء السنين الماضية وان نتحكم فيما يخفيه الغيب عنا من سيئات لم يكشف عنها النقاب في ضوء حاجات البشرية وعظمتها. حاربت المانيا العالم بأسره وحدها وكانت قاب قوسين أو أدني من الانتصار وكانت نتيجة الحرب في كفة القدر لكن الاحداث العارضة والحظوظ الطارئة مالت الي الجانب الاخر وتضمنت بنود المعاهدة الاقتصادية- التي كانت علي جانب كبير من السوء- فرض مبالغ خيالية بصفة تعويضات علي المانيا، وصادر الحلفاء ما قيمته الف مليون جنيه من ممتلكات الالمان ورغم ذلك قام الحلفاء وفي مقدمتهم بريطانيا والولايات المتحدة باقراض المانيا الفا وخمسمائة مليون جنيه كي تصلح ما خربته الحرب وكان لهذا العمل جناحان الاول ان المانيا لم تظهر مجرد الاعتراف بالجميل والثاني ان التاريخ ينظر الي هذا علي انه نوع من الجنون والحماقة حيث ساعد علي تقوية الروح العسكرية والنزعة الاقتصادية عند الالمان.. اما فرنسا فقد فقدت اكثر منمليون ونصف المليون من ارواح ابنائها الذين صمدوا للقتال امام الغزاة الالمان.. واخذ الفرنسيون بعد ان اعياهم التعب وفقدوا الكثير من الارواح ينظرون الي المستقبل في ذهول وعذاب بين الخوف والنكران، كانت الحرب قد استنزفت فرنسا الي آخر نقطة من دمائها ورغم انتصارها بين الحلفاء فقد كلفها ذلك ثمنا غاليا في قوتها وحياتها فأصبحت منهوكة القوي وشبح الخوف المتأصل من المانيا يعكر عليها صفو حياتها، تدهور المارك الالماني بسرعة نتيجة انهيار حالتها المالية والاقتصادية ودفع التعويضات وطبعت كميات هائلة من اوراق النقد، وترتب علي ذلك تضخم مالي مخيف فاختفت الاموال التي كانت تدخرها الطبقة المتوسطة وتدهورت الصناعات الالمانية ونتج عن هذه الاوضاع الاستعانة بقروض خارجية كبيرة لشعب مفلس.. بالاضافة الي ذلك تم نزع السلاح عن المانيا وتدمير مدافعها واسلحتها جميعا وإغراق اسطولها وتسريح جيشها الجرار.
وبايجاز شديد اذا كانت الحرب العالمية الاولي شهدت مذابح رهيبة ذهب ضحيتها عشرات الالوف من الجنود وتم تدمير ذخائر ضخمة جمعتها الشعوب بتعبها وعرقها إلا ان الحضارة الاوروبية ظلت قائمة بعد انتهاء هذا الصراع وبقي الشعوب- رغم العداوات بينها- تعترف ببعضها البعض وتحترم قوانين الحرب واصولها وبقي اسس محترمة بين القادة العسكريين المتحاربين. ففي الثانية اختفت الروابط الانسانية وارتكب الالمان في ظل الحكم الهتلري جرائم لا نظير لها في شدتها واتساع نطاقها والوحشية التي اتسمت بها لم تشهدها عصور التاريخ المظلمة، وفاقت المذابح البشرية التي طالت ستة او سبعة ملايين من الرجال والنساء والاطفال في معسكرات الموت الالمانية، فاقت في فظاعتها مذابح جنكيز خان القاسية ونصل الي ذروة الدراما في استخدام القنبلة الذرية التي محت من الوجود مدينتي هيروشيما وناجازكي.
الحجر وبراءة موسي
الأحد:
حدث جدل كبير بين الباحثين والمفسرين حول حجر موسي: قيل انه حجر مربع طوري »من الطور« انفجرت منه اثنتا عشرة عينا، ثلاث أعين من كل جانب من جوانبه الاربعة.. كانت الشمس محرقة وبنو إسرائيل في التيه وازداد عطشهم وطلبوا الماء ليشربوا بعد ان كاد الجفاف يهلكهم.. فلا ماء يروي زرعا او يشرب منه ضرع فطلب موسي من ربه السقيا رحمة بقومه علي يقين منه ان الخالق كريم رحيم بعباده.. استجاب الرءوف الرحيم لضراعة موسي عليه السلام لما استسقي لقومه رغم تعنتهم.. لكن كيف يحدث هذا إنهم في الصحراء لا ابار ولا انهار وكأن الخالق يريد للماء ان يخرج من مكان لا يتصور احد ابدا ان يخرج منه ماء إنه الحجر.. وإذا كانت العصا أقل صلابة من الحجر الصلد فإنه في حال ضربه بها ينفجر الماء منه. إنها قدرة الله المتناهية.. إنه قادر علي ان يأتي بالماء العذب من الحجر الصلد.
عندما خرج الماء إلي بني إسرائيل بتلك الصورة التي تذهل العقل البشري كان التعنت مازال يتشبث بهم فقالوا لموسي عليه السلام: هب يا موسي اننا ذهبنا إلي مكان ليس فيه حجر وانك فقدت عصك فهل نموت عطشا.. فحملوا الحجر معهم فكان موسي يضربه بعصاه فينفجر منه الماء ثم يعاود ضربه فيتوقف الماء.. واوحي عز وجل إلي موسي ألا يضرب الحجر بل يكلمه فقط فيخرج الماء منه حتي لا يتعللوا بفقد العصا.. وقالوا: لم يكن حجرا معينا بل كان موسي يضرب أي حجر فينفجر عيونا »ثلاث أعين من كل جانب وليست كلها من جانب واحد« لكل سبط من الاثني عشر سبطا منهم عين يسيل منها الماء في مسارات طويلة تسمح لكل سبط ان يشربوا وكان لكل سبط قوم »الأسباط في بني اسرائيل كالقبائل في العرب« وهم ذرية اولاد يعقوب الاثنا عشر.. وقالوا: كان كل سبط من خمسين ألف شخص بخلاف خيولهم ودوابهم.. ولم تكن المياه تخرج من الجهة التي يضرب بها موسي الحجر فقط فموسي يضرب الحجر علي سطحه فتنفجر العيون من كل جانب وقوله تعالي:»قد علم كل أناس مشربهم« دليل علي ان الماء وصل إلي كل سبط من الأسباط واقوامهم وعن وصف الحجر ذكروا أنه كان حجرا خفيفا مربعا علي قدر رأس الرجل وكان موسي يحمله بين امتعته وقيل: كان من الرخام وهو الحجر الذي وضع موسي ثوبه عليه ليغتسل ففر بالثوب ومر علي ملأ من بني اسرائيل كانوا قد اتهموا موسي »بالأدْره وهو عيب جسماني« فبرأ الحجر موسي مما اتهموه به.. وقالوا: كان موسي يضربه اثنتي عشرة ضربة فيظهر في موضع كل ضربة ما يشبه ثدي المرأة يتفجر منه الماء.
وأيا ما كانت التفسيرات والاقوال فإنها جميعا تتفق في قضية واحدة هي قدة الله تعالي اللا محدودة وحكمته فيما يفعله.. ويعطي الدليل تلو الدليل حتي لا يدع للعاصي مجالا وحجة للشرك والعصيان حتي اذا استمر في ضلاله أخذه بعذاب شديد.
جبل أُحُد .. علي باب الجنة
»أُحُد جبل يحبنا ونحبه وهو علي باب من أبواب الجنة« هذا ما رواه أنس رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم.. وهو شاهد علي نبوءة سيد الخلق صلي الله عليه وسلم في استشهاد عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، فعن انس بن مالك رضي الله عنهما ايضا ان النبي صلي الله عليه وسلم صعد جبل أُحُد ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فارتجف بهم الجبل فقال صلي الله عليه وسلم »اثبت أُحُد فإن عليك نبيا وصديقا وشهيدين، وصدقت نبوءة النبي صلي الله عليه وسلم في استشهاد عمر وعثمان.. أما عن ارتجاف الجبل وزلزلته تحت قدمي رسول الله واصحابه فهذا الجماد يعرف عظمة من صعد عليه ورسول الله يحدثه ويأمره بالثبات.. يقول الحق جل وعلا »لو انزلنا هذا القرآن علي جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله« فما بالنا برسول الله صلي الله عليه وسلم الذي يحمل القرآن في قلبه، صاحب المقام المحمود والحوض المورود، يصعد الجبل ومعه ابوبكر الصديق الذي نزل فيه جبريل علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال له: »ابلغ أبا بكر السلام من رب العالمين واسأله: يا أبا بكر إن الله رضي عنك فهل أنت راض عنه« ابو بكر الذي قال النبي الكريم عنه »ما لاحد عندنا يد إلا كافأناه ما خلا أبو بكر فإن له عندنا يدا يكافئه الله بها يوم القيامة وما نفعني مال أحد قط كما نفعني مال أبي بكر«
يصعد الجبل مع الرسول صلي الله عليه وسلم عمر بن الخطاب، الفاروق الذي دعا فيه الرسول صلي الله عليه وسلم »اللهم اعز الاسلام بأحد العمرين« عمر بن هشام او عمر بن الخطاب واستجاب الله لدعائه وأعز الاسلام بعمر بن الخطاب رضي الله عنه.. ويصعد معهم عثمان بن عفان ذو النورين الذي تزوج بابنتي رسول الله صلي الله عليه وسلم رقية ثم أم كلثوم بعد موت رقية والذي قال فيه الرسول صلي الله عليه وسلم »لو أن لي ابنة ثالثة غير متزوجة لزوجتها عثمان« عثمان جامع آيات القرآن الكريم وسوره في الكتاب الواحد، والذي كانت تستحي منه الملائكة فيستحي منه رسول الله صلي الله عليه وسلم، لذلك ارتجف أحد حين صعد عليه الاربعة الذين لو اجتمعت ما فيهم من صفات ومآثر لجمعت كل ما في الدنيا من خير الصفات والفضائل.
أُحُد جبل ضخم يقارب ستة كيلو مترات من الشرق إلي نهايته الغربية وعرضه يقارب الكيلو متر وله هضبات متتابعة في ارتفاعه يميل لونه إلي الحمرة مما يجعل الناظر إليه يشعر بالسرور.. وهو في حدود حرم المدينة المنورة يقع علي بعد حوالي احد عشر كيلو مترا في شمالها، واختلفت الاقوال في تسميته كذلك اهمها انه سمي بذلك لتوحده عن الجبال لانه محاط بالسهول والأودية، وانه سمي باسم رجل من العمالقة اسمه أُحُد وهو أول من سكنه وقيل إن اسمه يرمز إلي وحدانية الله تعالي وهو القول الراجح.
إبليس طاووس الملائكة!
كانوا يسمون إبليس طاووس الملائكة لانه يزهو في حضورهم بالتزامه بمنهج الله كما يزهو بأنه ليس مثلهم فهو صالح لان يطيع او أن يعصي ولكنه يفضل الطاعة وهذا الغرور ورغبته في تأكيد ذاته هو الذي أو قعه في المعصية حين منعه من السجود لآدم وكما يقول الشيخ الشعراوي - رحمه الله - علي حين يقول الحق سبحانه وتعالي »ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين« لا يفهم منه ان ابليس كان من الملائكة وقد أوضح الحق ذلك في قوله:».. فسجدوا إلا ابليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه« فقوله تعالي »كان من الجن« اخرجه من جنس الملائكة ويعطينا حكما جازما بأن إبليس كان من الجن بنص الاية وقوله تعالي »ففسق عن أمر ربه« تأكيد آخر بأن ابليس من الجن وليس من الملائكة لأن الجن كالإنسان مخلوق له اختيار يستطيع ان يطيع وأن يعصي ومادام له اختيار فهو ليس من الملائكة لان الملائكة ليس لهم اختيار فهم »لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون«.
والغرور الذي كان فيه إبليس ساقه لان يتصور انه خير من آدم كبرا ومعاندة واذا كان الامر كذلك فكيف يسجد له، ويتصور انه افضل من آدم لان الله خلقه من نار وخلق ادم من طين واعتبر ذلك فضلا له.. وكان جزاء الغرور الذي قاده الي المعصية، الطرد من الجنة.
يسجدون علي أنصاف وجوههم!
ذكر المفسرون في وقوله عز وجل »ورفعنا فوقكم الطور« أمر الله جبلا من جبال فلسطين فانقطع من اصله حتي قام علي رءوس اليهود لان الله تعالي انزل التوراه علي موسي عليه السلام والذي امر قومه ان يقبلوها وينفذوا احكامها فرفضوا حيث كانت شريعة ثقيلة.. وكان الجبل علي قدر عددهم، كان فرسخا في فرسخ فرفعه جبريل فوق رءوسهم كالطلة مقدار قامة الرجل وقال لهم: إن لم تقبلوا التوراة اطبقت عليهم هذا الجبل.. وأضاف بعض المفسرين ان الله رفع الطور فوق رءوسهم وبعث نارا من قبل وجوههم واتاهم البحر من خلفهم وقيل لهم: احفظوا التوراة واعملوا بها كي تنجو من الهلاك المحقق في الدنيا والعذاب الدائم في الاخرة.. ولما كانت دلائل العذاب واضحة امامهم وتأكدوا ألا مهرب لهم قبلوا وسجدوا، وجعلوا يلاحظون الجبل وهم سجود فصارت سنة لليهود ألا يسجدوا إلا علي أنصاف وجوههم »علي جهة من وجههم« ليروا الجبل المرفوع فوقهم أثناء سجودهم فظلت هذه الحالة باقية في سجود اليهود حتي اليوم بسبب الخوف من سقوط الجبل عليهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.