المراكب النيلية متهالكة وبعيدة عن الرقابة وتسبب الكوارث المستمرة أي نزهة نيلية قد تتحول الي مأساة والسبب الاهمال الشديد الذي طال المراكب التي تسير في النهر العظيم. لا أحد يتحرك إلا بعد وقوع الكارثة ولعل اخر تلك الكوارث ما حدث للفتيات اللاتي اردن التنزه في نهر النيل.. واخذن مركبا حمولتها 8 أفراد فقام صاحب المركب بتحميل 91 شخصا لتقع الكارثة. المراكب النيلية تسير ببركة دعاء الوالدين، وتفتقد ابسط عناصر الامان، كما ان القائمين عليها من الصبية غير المؤهلين للقيادة والذين يلجأون الي فرض الحمولة الزائدة علي متن المراكب والمعديات، هذا هو الواقع المؤلم في نهر النيل فهل يسمع أحد اجراس الانذار لعدم تكرار مثل تلك الحوادث؟ حوادث المعديات والمراكب النيلية الصغيرة في مصر لها تاريخ طويل، خاصة مع غياب الرقابة علي هذه المراكب.. اكتشفنا مفاجآت تنذر بأن حادث غرق مركب صغير بمنطقة طره يحمل 91 شخصا راح ضحيتها 5 فتيات واصابة 4 ونجاة 11 آخرين لن يكون الاخير لان هذه المراكب تشبه »الرجل المريض« الذي ينتظر الموت في أي لحظة، فهي متهالكة وغير مطابقة للمواصفات ولا توجد رقابة عليها وتمنح التراخيص الخاصة بها دون معايير محددة فتكون النتيجة حوادث كوارث مروعة يروح ضحيتها ابرياء. حسين عبدالسميع صاحب احد مراكب التنزه يقول انه يعمل علي المركب منذ اكثر من 01 سنوات وهو ملتزم بالمعايير والشروط الخاصة بالحمولة ووسائل الامان وغيرها وانه يستخدم المركب الخاص به لنقل الركاب من منطقة التحرير حتي منطقة القناطر الخيرية، موضحا ان هناك الكثير من اصحاب المراكب لا يلتزمون بالحمولة المخصصة فتكون حمولة المركب الواحد 05 راكبا بدلا من 52 وهي الحمولة المخصصة لمثل هذا النوع من المراكب، ويساعدهم علي ذلك عدم وجود رقابة صارمة ومتابعة دورية من شرطة المسطحات علي هذه المراكب. ويضيف سيد عبدالعليم صاحب مركب اخر ان هذه المراكب هي مصدر رزقه الوحيد ولا يعمل في أي مهنة اخري غيرها مؤكدا انه يسير ب »ستر ربنا« وانه يلتزم بالحمولة المحددة ولكن البعض الاخر لا يلتزم وهو ما يعرض جميع اصحاب المراكب للمساءلة والاتهام من جانب المسئولين. الخبراء واساتذة النقل طرحوا بعض الحلول لتفادي المشاكل الناجمة عن المراكب النيلية المستخدمة للرحلات والتنزه، وكيف يمكن مواجهتها والوصول بها الي شواطيء الامان. يقول الدكتور مخلص ابوسعده استاذ هندسة الموانيء والملاحة بجامعة القاهرة ان سائقي المعديات غير مؤهلين عادة بالاضافة الي تهالك المراكب النيلية البدائية في تصنيعها مع عدم وجود صيانة دورية لها، كما ان هذه المراكب تلجأ الي زيادة الحمولة من الركاب علي متنها الامر الذي يعرضها للغرق في النيل كما حدث مؤخرا في معدية رشيد ومعدية حلوان. ويضيف د. مخلص أن المراكب النيلية التي تجري في مياه النيل ونراها يوميا علي مرأي ومسمع من الجميع تفتقد الي أبسط عناصر الامان، فعلي سبيل المثال بالنسبة للمراكب النيلية التي نراها في الاعياد تجوب كورنيش النيل بدلا من شبرا الخيمة وحتي المعادي تقوم بزيادة الحمولة علي ظهرها لتحقيق اكبر قدر من الربح علي حساب ارواح المواطنين، كذلك الامر نفسه للمعديات تفتقد الي وسائل الامان فهي متهالكة وتتكون من ألواح خشبية يسيطر عليها التلف والاهمال الامر الذي قد يعرضها للغرق ووفقا للاحصائيات الرسمية فهناك اكثر من 01 آلاف معدية يستخدمها الملايين من ابناء الريف يوميا يعبرون النيل والرياحات والترع الي قراهم وحقولهم. ويشدد د. مخلص علي ضرورة توفير وسائل الامان لهذه المعديات والمراكب النيلية.. وذلك بالتأكد من صلاحية كل مركب أو معدية للابحار في النيل.. مع ضرورة عمل صيانة دورية للمعديات -سنوية وشهرية- ومتابعة المعديات للتأكد من عدم انتهاء العمر الافتراضي لها ووجود طفايات الحريق وصيانة الزيوت والمواتير وكذلك المراسي التي يجب تصميمها علي الطرز الحديثة التي يتوافر بها عوامل الامان وان تكون مجهزة بجميع وسائل الامان. ويري د. جمال السعيد استاذ هندسة الاشغال العامة بجامعة بنها ان تكرار وقوع حوادث المركبات النيلية والمعديات في مصر ترجع الي التهالك وطريقة التشغيل العشوائية وعدم الالتزام بضوابط الحمولة وطريقة السير ومستوي الماء وغياب الرقابة عليها وانتشار المراكب الصغيرة التي يشتريها اشخاص ويقومون بتشغيلها لنقل الركاب ولا تعلم الاجهزة الأمنية عنها شيئا، موضحا ان اشراف المحليات علي تلك المعديات اشراف صوري فقط، لذلك يجب ان يكون هناك جهاز لسلامة النقل النهري الملاحة البحرية وان تخضع المركبات والمعديات لرقابة هذا الجهاز.