إذا كانت الصحف الورقية في خطر أمام طغيان الصحافة الإلكترونية، فإن الكارثة في تأثير هذه الصحافة علي تشكيل الرأي العام.. أصبح كل قاريء كاتب أو ناقل خبر أو صاحب رأي من خلال الأشكال المختلفة للصحافة الإلكترونية من مدونات والفيس بوك وغيرها. واصبحت هذه الوسائل الحديثة الأكثر تأثيرا في القراء والاكثر انتشارا وخاصة بين الشباب الامل والمستقبل.. والمؤسف ان الحقيقة غائبة في الكثير مما تتناقله المواقع الالكترونية إما لقصور في المعلومات أو تعمد في قلب المعلومة حسب أهواء وتوجهات مصدرها، وعادة ما يكون هذا المصدر مجهولا. ومن هنا تأتي أهمية الدعوة التي اطلقها الدكتور محمد عهدي فضلي في مقاله المنشور يوم السبت 3 يوليو تحت عنوان »الحرية بين الموقع والجريدة« والذي طالب فيه بتنظيم اصدار الصحف الإلكترونية وأنه أصبح امرا ضروريا لحماية الحرية في النشر وصون حق القاريء في معرفة الحقيقة المؤكدة والمدعمة بالأسانيد والبراهين. دعا الدكتور عهدي في المقال ابناء المهنة بالعمل علي انجاز هذه المهمة. هذه الدعوة الهادئة من الكاتب تدق جرس انذار قوي ورسالة تحذير يجب الانتباه لها الأن، بعد حالة الفوضي السائدة في الصحافة الإلكترونية والمستقبل يحمل المزيد من هذه الفوضي المتسارعة بأقصي مما نتصور مع انتشار وسائل الاتصال التكنولوجية الحديثة والرخيصة في نفس الوقت. الموقف لا يحتاج إلي تدليل بالارقام وهي كثيرة وتنشر كل يوم وآخر عن هذه المواقع واعداد زوارها. ولكن المجهول فيها هو أين الحقيقة فيما ينشر عليها وأهداف من ينشرونها والكارثة الأكبر عن التأثير السلبي للمواقع الالكترونية ليس فقط في انخفاض التوزيع والاعلانات وغيرها. ولكن ايضا علي المادة التحريرية الصحفية التي تنشر ببعض الصحف من مقالات وموضوعات، والتي أصبح محرريها يعتمدون بشكل أساسي علي معلومات الانترنت والصحف الاليكترونية وهي كثيرا ما تكون خاطئة أو مغرضة. ولا يجب أن تنسي أن أكثر القضايا التي تنشرها بعض الصحف الخاصة تعتمد علي الاخبار والمعلومات المستقاة من هذه المصادر وتفتعل فيها قضية عامة، وقد يكون لا اساس لها من الصحة ويتم تكذيبها، ولكن للأسف بعد ان يكون الرأي العام تشبع بهذه المعلومات والمفاهيم وأصبح مقتنعا بها. دعوة الدكتور محمد عهدي فضلي لا تطالب بفرض رقابة أو قيود علي حرية التعبير، ولكنها ملحة في وضع تنظيم وضوابط، والمعني بها ليس فقط المجلس الاعلي للصحافة ونقابة الصحفيين ولكنها في رأيي لكل من يهمه أمر مستقبل مصر!