حولت المسيرة المظفرة لمنتخب اسبانيا حتي المباراة النهائية لكأس العالم لكرة القدم الأنظار عن الوضع المالي المحفوف بالمخاطر للعديد من الاندية التي تعمل بأعلي من امكانياتها في الدوري المحلي. وحتي نادي برشلونة عملاق دوري الدرجة الاولي الاسباني الذي يحتل المركز الثاني في قائمة احدي شركات للاستشارات المحاسبية لأغني اندية العالم من حيث الدخل اعترف بوجود مشاكل تتعلق بالسيولة هذا الأسبوع وقال رئيسه الجديد ساندرو روسيل إن النادي القطالوني طلب قرضا بنكيا تبلغ قيمته 150 مليون يورو لعلاج "مشاكل سيولة". واتحد أسوأ كساد تواجهه اسبانيا منذ 50 عاما علي الأقل مع انهيار سوق التمويل العقاري والارتفاع الشديد في تكاليف انتقالات اللاعبين والرواتب في دفع الاندية بشكل أكبر نحو الانهيار وأجبر بعضها مثل ريال مايوركا علي أن يوضع تحت الحراسة القضائية. وأصبح الوضع خطيرا منذ فترة لكن الاجراءات التي اتخذت لمواجهة ذلك من الاتحاد الاسباني لكرة القدم ورابطة دوري الدرجة الاولي والحكومة الاشتراكية كانت قليلة. وجزء كبير من المشكلة هو النفوذ الذي يمتلكه برشلونة ومنافسه التقليدي صاحب الانفاق الضخم ريال مدريد الذي تصدر قائمة ديلويت لأغني اندية العالم بدخل بلغ 401.4 مليون يورو في موسم 2008-2009 مقارنة بدخل برشلونة البالغ 366 مليون في الفترة ذاتها. وعلي عكس بطولات الدوري الاوروبية الأخري تتفاوض الاندية علي صفقات الحقوق السمعية والبصرية - وهي مصدر دخل أساسي للاندية - بشكل منفرد ويحصل ريال مدريد وبرشلونة معا علي ما يقرب من نصف حصيلة عقود البث التلفزيوني التي تبلغ 600 مليون يورو. وقال انخيل باراخاس وهو أستاذ مساعد للادارة المالية في جامعة فيجو "عدم الاستقرار المالي في اسبانيا سببه بالأساس هو الانفاق المفرط علي اللاعبين." وأضاف "هذا الانفاق المتزايد هو محاولة البقاء في دائرة المنافسة مع اندية مثل ريال مدريد وبرشلونة اللذين يملكان قدرة أكبر كثيرا علي توليد دخل." وتابع "هذا يعني أن العديد من الاندية تستثمر أموالا طائلة في لاعبين بما يتجاوز ايراداتها." واستطرد "تتراكم عليهم ديون لا يستطيعون مواجهتها ويدخلون تحت الحراسة القضائية أو يبيعون أصولا من أجل البقاء." واقترحت رابطة الدوري الاسباني وضع سقف لحجم الانفاق كل عام علي رواتب اللاعبين والانتقالات يبلغ 70 بالمئة من الدخل لكن محللين قالوا إن ذلك سيترك مساحة كبيرة للاندية للالتفاف حول القرار. وتصاعدت المعركة حول الدخل الذي تدره عقود البث التلفزيوني الاسبانية في مايو ايار عندما قالت بعض الاندية الغنية إنها تخطط لانشاء بطولة منفصلة. وحثت الاندية الأكثر فقرا الحكومة علي ادخال نظام الصفقات المجمعة المستخدم في الدوري الانجليزي الممتاز وبطولات أخري لكن خايمي ليسافتسكي وزير الدولة لشؤون الرياضة أبلغ رويترز بانه ليس مستعدا للتدخل. وفي مقابلة مع رويترز بقاعدة المنتخب الاسباني التدريبية في بوتشفستروم بجنوب افريقيا يوم الجمعة قال انخيل ماريا بيار رئيس الاتحاد الاسباني لكرة القدم إنه لا يرغب في مناقشة الأوضاع المالية للاندية في الدوري المحلي ويريد فقط الحديث حول المنتخب الوطني. وأضاف "عندما نعود لاسبانيا هناك العديد من الأمور تثير اهتمامنا ونريد تطويرها وتعديلها." وتابع "عندما نعود لاسبانيا وللعمل اليومي سنتخذ القرارات التي يجب أن نتخذها." وأظهرت دراسة قام بها خوسيه ماريا جاي الأستاذ في جامعة برشلونة ونشرت في مايو أن 20 ناديا في دوري الدرجة الاولي الاسباني يدينون معا بمبلغ 3.526 مليار يورو في موسم 2008/ 2009 ارتفاعا من 3.49 مليار في الموسم السابق. وتقلص الدخل لأكثر من النصف ليصبح اربعة بالمائة فقط من 10 بالمئة في موسم 2007-2008 وارتفعت تكاليف التشغيل الي 1.704 مليار يورو وهو ما يزيد بمقدار 249 مليون عن دخل الاندية الذي بلغ 1.455 مليار. ولم تحقق سوي اندية ريال مدريد وبرشلونة ونومانسيا المتواضع الذي هبط للدرجة الثانية أرباحا تشغيلية بينما بلغ اجمالي تكاليف العمالة 85 بالمئة من ايرادات التشغيل. وقال جاي "مشكلة كرة القدم الاسبانية تماثل تماما ما أدي بالبلاد ككل الي الأزمة الحالية." وأضاف "الانفاق بما يزيد علي حجم الايرادات والاقتراض من البنوك للوفاء بمستحقات اللاعبين." وقال جاي وباراخاس إنهما لا يعتقدان أن الأزمات المالية للاندية ستقوض قدرة اسبانيا علي المنافسة في البطولات الدولية. وقال جاي "نجاح المنتخب (في جنوب افريقيا) قد يعزز السمعة الدولية لدوري الدرجة الاولي الاسباني ومنتجنا سيصبح أكثر سهولة في البيع في كافة ارجاء العالم." وأضاف "المنتخب الوطني يقوم بحملة تسويقية غير عادية ستفتح أعين العالم لرؤية روعة كرة القدم التي نقدمها." وتابع "المسئولون - رابطة الدوري الاسباني والاتحاد والحكومة - والاندية يجب أن يتعاونوا معا لمعرفة كيف يمكن بافضل طريقة جني المال من خلال هذا النجاح الرائع. يتوقف الأمر عليهم."