إما ان يهرول الخطاب الي المستقبل، واما أن يتراجع بسرعة الي الماضي، اما الحاضر فهو في حالة تغييب، هذا ما يلاحظه كاتب هذه السطور لدي المنظرين العرب، مع ان كل الأزمنة لابد ان تتلاقي في اللحظة الحاضرة، فلماذا الهروب من الراهن والاختباء في المطلق؟ تلكم هي المشكلة: خطاب عربي قائم علي »الرؤيا« الوهمية وليست الرؤية الموضوعية وإلا قولوا لنا ما معني اننا في العالم العربي لانزال منذ مائة عام في متاهة الدوران في فلك البحث عن الذات، فلا بحثنا استمر، ولا ذاتنا قابلناها، اجهاض للاحلام واسقاط للايام، ضياع وتوهان في عصر الاستعارة، ولانزال نجرب ونعيد ونزيد فيما تركه لنا حملة مشاعل التنوير، نفس القضايا التي طرحوها وبحثوها وارتضوا حلولها حسب ارضيتهم المعرفية، نطرحها نحن الآن ولا نزال نتهافت حولها، والأدهي اننا لا نعثر علي حل، ولانزال نتقاتل. هل نكون مع الغرب أم مع الشرق؟ هل نندفع الي الحداثة أم نكتفي بتراثنا، هل نتمسك بالاصالة أم نأخذ بالمعاصرة، المرأة والحجاب والعمل، الانفتاح والانغلاق، نضفر عجزنا بثقافة الاسئلة: نفتح الباب أم نغلقه، أم نواربه، أم نسد الباب الذي يأتي منه الريح فنريح ونستريح؟! العالم من حولنا يتحرك نحو الغد بسرعة الضوء، ونحن لا نزال نردد قول الشاعر الجاهلي »قفا نبك من ذكري حبيب ومنزل« ولا توجد كلمة تهز النفس هزا، وتؤزها ازا مثل كلمة »ولكن« انها كلمة قاتلة مجهضة تجعلنا فريستها، معظم مشاريعنا القومية الكبري تبدأ متوهجة بالنور والنار، وتأتي »لكن« لتعلن »كأنك يا أبوزيد ما غزيت« اكان لابد ان يحدث ما حدث لنا علي مدي الخمسين عاما الأخيرة من مشوارنا العربي ومشروعنا القومي؟ أكان لابد ان يموت نصفنا، ويبيض دمنا، وتذبل شجرة أملنا، ويذوي طموحنا، ويتجمد حلمنا، وينزوي في جب مفقود؟ أكان لابد ان تتعرض هويتنا للاهتزاز والابتزاز، وان تتهدد خصوصيتنا بالاغتيال؟! أكان لابد من تفريقنا وتقريعنا؟ ونهبط الي قاع الجب ليلتقطنا بعض السيارة أو.. لا؟ وان التقطونا باعونا بثمن بخس دولارات معدودة؟ كل شيء في حياتنا مبني للمجهول وبالمجهول، نبحث دائما عن »الفاعل« فنحن »المفعول به، وفيه، ومن أجله« لا يهمنا الفعل إلا قليلا، كل شيء عندنا مفاجيء، والمفاجأة احد مفاتيح شخصيتنا. مجدي العفيفي [email protected]