ارتفعت وتيرة زرع العبوات الناسفة بدائية الصنع هذا الأسبوع، تزامنا مع الذكرى السنوية الأولى لفض اعتصامي أنصار الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، ميداني رابعة العدوية بمدينة نصر، والنهضة في الجيزة. ويخشى خبراء من تصاعد اتجاه استخدام العبوات الناسفة بدائية الصنع، والذي ظهر منذ أغسطس/ آب الماضي 2013، وتطورها لتتخذ أشكالا أكثر تطورا وتأثيرا أكثر حدة.
ويحذر رئيس قسم المفرقعات بمديرية أمن الإسماعيلية، المقدم محمد نبيل عمر، قائلا: "إن نضوب المواد المستخدمة في التفجيرات وخطورتها على الإرهابيين قد يجعلهم يسعون لاستخدام أنابيب البوتاجاز، لذا فاحذروها واحذروهم 14/ 8".
تفجيرات متوالية
خلال الأسبوع الجاري تلقت أجهزة الأمن أربعة بلاغات، على الأقل، بالعثور على أو انفجار عبوات بدائية الصنع في القاهرة والإسكندرية والشرقية. وفي يوم الإثنين الماضي تمكن رجال الحماية المدينةبالقاهرة من إبطال مفعول 3 قنابل، زرع مجهولون القنبلة الأولى أمام وزارة البترول بشارع ذاكر حسين بمدينة نصر، والثانية تم زرعها بجوار كشك المرور بشارع مصطفى النحاس، والعبوة الثالثة تم زرعها بالحديقة الوسطى بشارع عباس العقاد.
وشهدت محافظة الشرقية انفجارا، يوم الثلاثاء، أسفل برج كهرباء ضغط عال بمنطقة صحراوية بطريق بلبيس- العاشر من رمضان، وعلى الفور انتقلت الأجهزة الأمنية ورجال الحماية المدنية والمفرقعات التي تمكنت من تفكيك عبوتين آخريتين مثبتتين أسفل برج للكهرباء وأحبطت سقوط البرج، ولم تسفر تلك المحاولة عن حدوث أية تلفيات.
وأصيب يوم الثلاثاء أيضا، طفل جراء انفجار عبوة عثر عليها أثناء لهوه بمدينة المعراج في حي المعادي، في الوقت الذي أبطلت فيه قوات الأمن مفعول قنبلتين آخريتين في محيط الانفجار. وقالت وزارة الداخلية، في بيان لها، إن حارس عقار بمدينة المعراج، أبلغ أنه أثناء قيام ابنه طفل، 6 سنوات، باللهو في المنطقة الصحراوية القريبة لمحل إقامته عثر داخل كومة من الرمال على عبوة وأثناء عبثه بها انفجرت، ما أدى إلى تعرضه لإصابات بسيطة.
وشهد يوم الثلاثاء كذلك، إصابة شاب بعد انفجار برطمان زجاجي عبث به بعد العثور عليه في منطقة الهانوفيل بالإسكندرية. وقالت أجهزة الأمن إن البرطمان كان عبوة بدائية الصنع، وبتمشيط المنطقة عثرت على عبوات آخرى.
خبراء المفرقعات
مع تزايد عدد البلاغات عن العثور أو انفجار عبوات ناسفة بدائية الصنع، تصارع أجهزة الأمن المصرية للاستجابة لتلك البلاغات بإرسال خبراء مفرقعات، يعجز عددهم عن مواكبة البلاغات المتلاحقة لمناطق الأحداث.
ويقول رئيس قسم المفرقعات بمديرية أمن الإسماعيلية: "إن قلة عدد خبراء المفرقعات هي المشكلة التي تعاني منها مصر في ذلك المجال، والتي تؤدي أحيانا إلى أن يمتد عمل الخبير حتى 24 ساعة متواصلة، وذلك يرجع إلى عزوف الكثيرين عن الالتحاق بذلك التخصص الخطر، مقارنة بحجم العمل الملقى على عاتقهم"، مضيفا بأن وزارة الداخلية عكفت مؤخرا على إدراج مزيد من الضباط في فرق التدريب على أعمال مجال المفرقعات لسد العجز في ذلك التخصص.
شرك خداعي
يؤكد خبير المفرقعات المقدم محمد نبيل عمر، في تصريحات ل"دوت مصر"، أن العبوات الناسفة بدائية الصنع هي "قنابل مبتكرة" تستخدم العناصر الموجودة في الحياة اليومية للمواطنين مثل علب "الكانز" و"الزجاجات" و"البن" و"نشارة الخشب"، مُقرا بصعوبة رصد المواد المستخدمة في صناعة العبوات الناسفة بدائية الصنع، لإنها مواد من البيئة المحيطة، مشيرا إلى أن "البن" أحد المشروبات الشعبية في مصر، كما أن نشارة الخشب متوافرة لدى كل النجارين.
ويضيف عمر بأن خبراء المفرقعات يتعاملون مع ما يسميه "شرك خداعي"، الذي لا يتخذ شكل القنبلة التقليدية، متابعا بأن القنابل بدائية الصنع لا حدود لتطويرها، كما أن تأثيرها الانفجاري يتطور بتطور المادة التفجيرية المستخدمة في صناعتها.
غياب ثقافة
وأكد خبير المفرقعات أن "الجسم الغريب" الذي يعثر عليه المواطن، هو الشيء الغريب عن بيئته سواء كان في بيته أو محيط عمله، ضاربا مثلا بنوع الموبايل الذي يتم استخدامه من قبل المواطنين، فإذا وجدت غيره على مكتبك، فإنه إذن جسم غريب عن بيئتك وعليك الاحتراز في التعامل معه.
ويعيب المقدم عمر على غياب ثقافة الأمن لدى المواطنين، مشيرا إلى أن آخر قنبلة تم التعامل معها في مدينة نصر كان الناس يلتفون حولها، قائلا: "دا جسم غريب وممكن ينفجر.. محدش عايزك تساعد، إنت مستني إيه.. مستني تنفجر فيك".
وفي كثير من المواقف التي التقطتها عدسات الكاميرات لخبراء المفرقعات المصريين، وهم يتعاملون مع عبوات ناسفة، كانوا محاطين بمواطنين ممن دفعهم الفضول لرؤية عبوة ناسفة بدائية.
نصائح للأمان
ويطالب خبير المفرقعات بشن حملات توعية للمواطنين بضرورة الحفاظ على أمنهم ضد خطر المفرقعات، وأعد ورقة جاء فيها:
"احرص حال اكتشافك لجسم غريب على أن تضع في اعتبارك أنه قد يكون من المفرقعات، لذا يجب عليك أن تطبق القاعدة التالية: (لا تحرك ساكنا ولا تسكن متحركا ولا تقطع موصولا ولا توصل مقطوعا)".
وجاء فيها أيضا: "في حالة اكتشاف جسم غريب برجاء عدم العبث أو فتح أو تحريك ذلك الجسم حتى من نابع الفضول، ويلزم إخلاء المكان لمسافة لا تقل عن 50 مترا وإخطار الجهات المختصة (رقم الطوارئ 180) للتعامل مع تلك الظروف".