" سأكتب لك كل شئ .. لن أخفى عنك شيئاً ... ولن أضع فى اعتبارى إلا التاريخ ... تاريخ بلدك وبلدى ، فإننا نشعر دائماً بحاجتنا إلى الحقائق ... كل الحقائق .. فأنا لا أكتب تاريخ صلاح سالم ، ولكن أكتب تاريخ فترة عشتها ومست حياة وطنى .. فترة من أعصب فترات تاريخنا " . كانت تلك كلمات الصاغ " صلاح سالم " فى مذكراته التى بدأها بالحديث عن أسباب استقالته من مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء ، صلاح هو عضو بارز فى مجلس قيادة ثورة 23يوليو 1952 ،و لعب أخطر الأدوار فى الإطاحة بمحمد نجيب لصالح عبد الناصر، و كان المسئول الأول عن السودان فى فترة من أخطر فترات التاريخ الحديث .
مذكرات الصاغ تنقل صورة هامة عن مصر فى ذلك الوقت ، و القيادات التى تصدرت المشهد السياسى فى هذة الفترة ، وصلاح سالم شخصية مثيرة للجدل فهو عصبى حاد المزاج ، كان يرى نفسه أحق بالقيادة من ناصر فدخل فى صراع انتهى بإزاحته عن السلطة ، و من مواقفه المثيرة للجدل مطالبته أثناء حرب 1956 م بأن يقوم مجلس قيادة الثورة بتسليم نفسه للسفير الانجليزي فى القاهرة.
أصدرت ثورة يوليو عدة جرائد ومجلات للتعبير عن توجهاتها والدفاع عنها أمام الرأى العام ، كانت أول جريدة هى الجمهورية التى رأسها “أنور السادات" ، و الثانية جريدة " الشعب " صدرت عام 1956 ، و ترأسها صلاح سالم الذى كان أيضاً رئيساً لمجلس الإدارة ، وكان يوقع مقالاته فيها باسمه وأحياناً باسم صلاح وأحياناً بتوقيع صاد.
ابتداء من 4 يونيو 1956 بدأ صلاح سالم فى كتابة مذكراته بالصحيفة ، ونشرها وكانت الحلقة الأولى بعنوان : " لماذا استقلت من مجلس الثورة ومجلس الوزراء" وتتابعت المذكرات يومياً ، حتى الحلقة الثلاثون يوم 6 يوليو 1956عن " أزمة الجندى المصرى والجاويش السودانى " .
وأعلنت الصحيفة بعدها أن مذكرات صلاح سالم سيتم استئنافها ، ولكن ذلك لم يحدث فى ذلك اليوم ، وتوقفت المذكرات تماماً ، فى الوقت الذى كان أعلن فيه أنه سيكشف الكثير من المعلومات للناس .
صور صلاح مجلس قيادة الثورة فى مذكراته بأنه أسوء من الاحتلال البريطانى وقد دارات مذكراته فى معظمها حول السودان وما دار من مفاوضات بشأنه سواء مع الإنجليز أو مع السودانيين أنفسهم حتى أعلن استقلال السودان ، و قال صلاح عن توليه شئون السودان أنه لم يقرأ سطر واحد عن السودان ، حتى تولى شئونها . وكان سالم يرى أن البلاد تدار بيد مجموعة من الشباب العسكريين عديمى الخبرة فى الإدارة والحياة المدنية ، وكل منهم يتسابق لجمع أكبر عدد ممكن من المصالح والسلطات بين يديه.
سيرة صلاح مصطفى سالم ولد في سبتمبر 1920 في مدينة سنكات شرق السودان، حيث كان والده موظفا هناك ، عاش صلاح طفولته بالسودان ، ، وتعلم في كتاتيب السودان.
عندما عاد إلى القاهرة مع والده تلقى تعليمه الابتدائي، ثم حصل على البكالوريا، وتخرج من الكلية الحربية سنة 1938 وهو في الثامنة عشرة من عمره. تخرج في كلية أركان الحرب سنة 1948، وشارك مع قوات الفدائيين التي كان يقودها الشهيد أحمد عبد العزيز. تعرف على جمال عبد الناصر أثناء حصاره في الفالوجة، وانضم إلى الضباط الأحرار، وكان عضوا في اللجنة التنفيذية لهذا التنظيم، وعندما قام الضباط الأحرار بحركتهم في يوليو 1952 كان صلاح في العريش، وسيطر على القوات الموجودة هناك. ساند صلاح سالم جمال عبد الناصر في صراعه مع الرئيس محمد نجيب على السلطة في أزمة مارس 1954،ويعترف ابنه قائلا:«كان أبي سريع الغضب حاد الطباع».. وأنه «ربما تعدى علي محمد نجيب أثناء أزمة مارس .
ثم ما لبث أن تقدم باستقالة من جميع مناصبه بعد فشله في السودان في نهاية أغسطس 1955، وشارك في مؤتمر باندونج. عمل في الصحافة وشغل منصب رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة جريدة الشعب وعندما وقع العدوان الثلاثي على مصر اقترح وقف القتال والاستسلام للسفير البريطاني
. كان صلاح سالم أول أعضاء مجلس قيادة الثورة وفاة ، فتوفي عن عمر 41 عاما في 18 فبراير 1962 بالسرطان ، وقد عملت الحكومة المصرية على إنشاء طريق يسمى باسمه تخليدا لذكراه. لقد كان صلاح سالم مثيرا للجدل فقد ألقي خطبة في المحلة الكبري عام 1953 نادي فيها بالصلح والتطبيع مع إسرائيل ، و فى أحد حوارته قال :إن مصر علي استعداد لإعادة النظر في موقفها من حلف بغداد، فيما لو وافقت إسرائيل علي السماح لمصر بإقامة ممر بري بين غزة والأردن . نقلا عن المحيط