عادت الحرب العالمية الثانية لتلقى بظلالها على الشعب اليابانى وتذكره بالتاريخ المظلم الذى ترك بصماته على ملامح شعب بأكمله .. موجة من الغضب والاستنكار في اليابان اثر تصريح وزير الدفاع الياباني فوميو كيوما الذى قال فيه: ان القنابل الذرية التي اطلقتها الولاياتالمتحدة في أغسطس 1945 خلال الحرب العالمية الثانية على هيروشيما ونجازاكي كانت امرا لا يمكن تفاديه لمنع اجتياح سوفييتي لليابان .. تصريحات كيوما قوبلت بإدانة واسعة من طرف الناجين وذوي ضحايا القصف الذرى الأميركي على هيروشيما الذي وقع في السادس من أغسطس 1945 ، وناجازاكي في التاسع من الشهر والعام ذاتهما. تصريح وزير الدفاع اعتبر بنظر الكثير من اليابانيين تبريرا لاستخدام القوة الذرية في بلد معارض بشدةلاستخدام القوة النووية والذرية فى الحروب، وفى وقت لا تزال آثار القصف لهيروشيما ونجازاكي ماثلة في الأذهان. كيوما قال فى معرض تبرير وجهة نظره إن الامريكيين كانوا يعتقدون ان استخدام السلاح الذري سيعمل على الاسراع باستسلام اليابان ومن ثم سيمنع الاتحاد السوفييتي من اعلان الحرب على الارخبيل .. وفي اسوأ الاحوال كان يمكن للاتحاد السوفييتي أن يحتل "هوكايدو" في اشارة إلى الجزيرة الكبرى في شمال اليابان القريبة من الشرق الاقصى الروسي. وطالبت بعض أحزاب المعارضة بإقالة كيوما انتصارا لكرامة 210 آلاف شخص راحوا ضحية قصف المدينتين. لكن رئيس الوزراء شينزو آبي عارض إقالة وزير دفاعه، رغم أنه اعتبر الهجوم النووي عملا لا يغتفر وقال "أريد أن يمارس مهماته القيادية كوزير للدفاع فيما يتعلق بقضايا نزع السلاح النووي في المستقبل". جدير بالذكر ان كيوما (66 عاما) هو أول وزير دفاع في اليابان؛ حيث انشئت هذه الوزارة في يناير 2007 لتحل محل "وكالة الدفاع" في بلد لا يزال دستوره مسالما بشكل رسمي منذ عام 1947 لكنه يسعى الى زيادة تواجده على الساحة الدولية. ولم تكن هذه المرة الاولى التى يدلى فيها كيوما بتصريحات مثيرة للجدل حيث سبق له ان ادلى بتصريحات خرج فيها عن النهج الرسمي للحكومة اليابانية وانتقد الاجتياح الامريكي للعراق، في وقت كان البلدان يتفاوضان فيه على اعادة نشر القوات الامريكية في اليابان. الا ان الضجة التى اثارتها تصريحاته الاخيرة حول تبريرالهجوم الامريكى النووى على هيروشيما ونجازاكى لم تهدأ ، ولم يفلح اعتذاره العلني ولا التوبيخ الذي وجهه اليه رئيس الحكومة شينزو آبي في تخفيف الغضب الشعبي الذي اثاره تصريحه ، الامر الذى دفعه لتقديم استقالته. وقال كيوما مبررا رحيله "ان الامور تحولت بشكل لم اكن اتصوره وليس بوسعي الحصول على تفهم الشعب".. وعقب قبول استقالة وزير الدفاع اعلن اليوم الثلاثاء رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي اختياره مستشارة الأمن القومي -يوريكو كويكي -لتصبح وزيرة للدفاع في البلاد. هذا الجدل الجديد حول وزير الدفاع يأتي في وقت حرج بالنسبة لرئيس الحكومة الذي يواجه انتخابات نيابية جديدة في التاسع والعشرين من الشهر الجاري حيث تظهر استطلاعات الرأي تدني شعبيته الى اقل معدل منذ توليه منصبه. واتسمت ولاية آبي بسلسلة من الفضائح من ضمنها فضيحة ضياع سجلات المتقاعدين التي اغضبت الرأي العام بشكل خاص. يذكر ان كيوما هو ثاني وزير يستقيل من وزارة آبي، حيث سبقه وزير الزراعة الذي انتحر عقب تركه الحكومة. ويرى المحللون إن استقالة كيوما التي تهدف الى تهدئة الغضب من غير المرجح أن تساعد كثيرا آبي ومعسكره الحاكم. ويبدي مسؤولو الحكومة في اليابان، وهي البلد الوحيد في العالم الذي ضرب بقنابل ذرية، تعاطفهم تجاه الضحايا لكن معظمهم يتجنب انتقاد الولاياتالمتحدة نظرا لعلاقات طوكيو مع واشنطن أقرب حلفائها الان . ويقول مؤيدو الولاياتالمتحدة إنها أجبرت اليابان على الاستسلام وأنقذت أرواحا كان من الممكن أن تزهق في حال استمر القتال ، في حين يرى المنتقدون أن الولاياتالمتحدة استخدمت القنبلتين لتعزيز وضعها بعد الحرب في مواجهة الاتحاد السوفييتي السابق. تاريخ الكارثة .. القنبلة الذرية التي انفجرت على ارتفاع 600م ألقتها قاذفة أميريكية من طراز بي29 صباح السادس من أغسطس 1945 ومحت من الوجود في لحظة -وسط مدينة هيروشيما- (نصف سكان المدينة حينها) إما مباشرة بسبب الانفجار أو فيما بعد بسبب الحروق البالغة والتلوث الإشعاعي وراح ضحيتها140اكثر من ألف شخص . وبعد ثلاثة أيام على ضرب هيروشيما ألقيت قنبلة ذرية أخرى على ناجازاكي لتقتل نحو 75 ألف شخص. وفي 15 أغسطس استسلمت اليابان لتضع حدا للنزعة العسكرية العدوانية التي بلغت ذروتها بدخول اليابان الحرب العالمية الثانية ، كما توفي آلاف آخرون بعدئذ في المدينتين بالسرطان أو أمراض أخرى مرتبطة بالإشعاع. وفى هذا الاطار تحرص اليابان فى كل مناسبة على توجيه رسالة إلى العالم بأن التهديد النووي ما زال قائما بعد مرور كل هذه الاعوام من أول صدمة تلقتها البشرية أمام الدمار الشامل الذي يسببه السلاح الذري. يشار إلى أن ثمانية دول على الأقل تملك السلاح النووي، وهي الولاياتالمتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين والهند وباكستان وإسرائيل وكوريا الشمالية. وفرص أن تتخلى هذه الدول عن ترساناتها النووية شبه معدومة بينما تواجه إيران اتهامات أميريكية بأن برنامجها النووي يهدف إلى تطوير سلاح نووي. ويطالب الغرب طهران بالتخلي عن أنشطة تخصيب اليورانيوم مقابل السماح لها فقط بامتلاك برنامج نووي للأغراض السلمية. أما أكثر ما يقلق المجتمع الدولي فهو فرضية تعرض العالم لهجوم "إرهابي نووي"، وهو أمر أشارت إليه مؤخرا الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضمن النظرية القائلة بأن أسلحة نووية قد تقع بين أيدي من وصفتهم بالإرهابيين. 3/7/2007