يعتبر الحزب الشيوعي السوداني أحد أقدم الأحزاب في السودان. فبحلول العشرينات كانت الأفكار الماركسية قد وجدت طريقها إلى السودان عن طريق الحزب الشيوعي المصرى. تأسس الحزب رسمياً في عام 1946، أي قبل عشرة أعوام من استقلال السودان، وسرعان ما أصبح أحد الأحزاب الشيوعية الأكثر نفوذاً في أفريقيا والشرق الأوسط، إضافة إلى كونه من الأحزاب القليلة التي نظمت أعضاء لها في الجنوب. في الواقع كان أول حزب يدعو في الخمسينات إلى حكم ذاتي في الجنوب . حصل أحد أعضاء الحزب على أحد مقاعد الخريجين الخمسة في أول انتخابات جرت في عام 1953. وعندما أطاح العسكر بالنظام الديمقراطي في 1958 كان الحزب الشيوعي السوداني الحزب الوحيد الذي عارض النظام الجديد، مما اضطره إلى اللجوء للعمل السري لكنه تابع نشاطه المعارض من خلال دعوته إلى العصيان المدني على الرغم من إجراءات القمع الشديدة، وكانت له مساهمة نشطة بقيادة عبد الخالق محجوب للإطاحة بحكم عبود العسكري في عام 1964، نتج عنه تولي أحد أعضائه لحقيبة وزارية في الحكومة الانتقالية. لكنه اعتبر حزباً غير شرعي مرة أخرى بعد انتخابات 1965. وقد تابع على الرغم من ذلك أنشطته المعارضة انطلاقاً من قواعده القوية في الجامعات وفي النقابات العمالية. أيد الحزب ثورة مايو التي قام بها ضباط الجيش اليساريون بقيادة العقيد جعفر النميري في عام 1969. تبنى النظام الجديد سياسة الحزب الشيوعي السوداني فيما يخص الحكم الذاتي للجنوب مما أفسح المجال للتوصل إلى اتفاق السلام في أديس أبابا في عام 1972، وهي الاتفاقية التي وضعت حداً لحرب استمرت 17 عاماً. ظل الحزب منحلاً من الناحية الرسمية، لكن بعض السياسيين من أعضائه دخلوا الحكومة. في عام 1971 اتهم النميري الحزب بالاشتراك في المحاولة الانقلابية الفاشلة التي قادها هاشم العطا أحد أعضاء الحزب. تم إعدام عبد الخالق محجوب ووزير شؤون الجنوب جوزيف جرنج ورئيس نقابات العمال الشفيع أحمد الشيخ والعديد من الأعضاء أسوة بهاشم العطا. نظراً لهذه الموجة الجديدة من القمع، أرغم الحزب على العودة إلى العمل السري. وبعد سقوط النميري في عام 1985، سرعان ما برز الحزب في الميدان السياسي حاملاً لواء المعارضة الشديدة "لقوانين سبتمبر" الجائرة التي سنها النميري في 1983 بدعوى تطبيق الشريعة ، وأيد إصدار دستور علماني. حصل الحزب على ثلاثة مقاعد في انتخابات عام 1986. انضم أسوة بغيره من الأحزاب إلى الحوار مع الحركة الشعبية لتحرير السودان/جيش تحرير شعب السودان بغية إيجاد حل للحرب الأهلية الدائرة في الجنوب للمرة الثانية منذ 1983. انضم الحزب بعد تولي الإنقلاب العسكري وجبهة الإنقاذ للسلطة في 1989 إلى التحالف الوطني الديمقراطي وهي الإطار الذي يضم مجموعة الأحزاب والقوى المعارضة لحكم "ثورة الخلاص الوطني" بزعامة الفريق عمر البشير. استمر الحزب في ممارسة نشاطه من داخل السودان وأصدر سراً صحيفته الأسبوعية "الميدان" . وبقي محمد ابراهيم نقد الذي تولى منصب الأمين العام للحزب منذ 1972 متخفياً داخل السودان منذ 1994 وحتى 2006. وقد صرح مؤخراً: "لا زلنا ملتزمين بتوجهنا الماركسي. وإننا نعتقد بأن تحليل ماركس للرأسمالية في القرن 19 لا زال صالحاً، ونحن نستخدم منهجه كأداة تحليل للواقع الراهن.