يجمع غالبية المراقبين على ان جولة الرئيس الايراني احمد محمود نجاد التي شملت افغانستان ومنطقة اسيا الوسطى السوفياتية سابقا جاءت في اطار جهود طهران ترسيخ اقدامها في المنطقة، والدخول في »حلبة اللعبة« مع القوى الكبرى المتنافسة على مصادر الطاقة وطرق نقلها، واحتلال مواقع استراتيجية ذات اهمية جيو سياسية. بيد ان السؤال يدور حول امكانيات طهران تحقيق تلك الاهداف واسفرت زيارة الرئيس محمود نجاد لتركمانيا عن التوقيع على عدد من الاتفاقيات في مختلف المجالات. قدرات محدودة : ويرى مراقبون ان عزم محمود نجاد جعل ايران لاعبا رئيسيا في منطقة اسيا الوسطى حيث تتقاطع مصالح روسيا وامريكا والصين سيكون عاملايمكن ان يصبح عاملا جديدا لا يمكن التكهن بسلوكه في »اللعبة الكبرى« للهيمنة السياسية على ثروات الطاقات في اسيا الوسطى وطرق نقلها. ويقول رئيس قسم اسيا الوسطى وكازاخستان في معهد بلدان رابطة المستقلة اندريه جروزين:»من دون شك ان ايران تسعى لتوسيع نفوذها في اسيا الوسطى السوفياتية سابقا، بيد ان قدراتها محدودة«. اضافة الى ذلك فثمة فروقات عرقية بين ايران وسكان المنطقة ولذلك فان طهران يمكن ان تجد لها فرصة سانحة لتعزيز نفوذها في طاجيكستان فقط. وعلى حد رأي الخبير فان تنوع الولاءات القبلية والمناطقية للنخب السياسية بطاجيكستان يجعل من المبالغة القول بان ايران قادرة على الفوز بمواقع هامة والتضييق على روسيا والصين والدول الغربية حتى هناك. واضاف »سيكون من الصعوبة على ايران ان تضع اقدامها في منطقة نفوذ تاريخية لروسيا والصين«. ويلفت المراقبون الى ان الرئيس الايراني قام »بهجمة دبلوماسية« على اسيا الوسطى في وقت تمر فيه بلاده بمرحلة صعبة. في اشارة الى التداعيات السلبية التي يمكن ان تنجم عن رفض ايران تنفيذ قرار مجلس الامن الذي تبناه في مارس 2007 ويطالب ايران بوقف تخصيب اليورانيوم. وان ايران معرضة الان لتشديد العقوبات. ولم يؤد تكثيف طهران المباحثات مع الوكالة الدولية للطاقة النووية ومع الاتحاد الاوروبي خلال الصيف الحالي، الى بلوغ اتفاق يذكر. وفي الوقت نفسه فان الشكوك تحوم على تورط ايران بتزويد تشكيلات طالبان التي تهاجم قوات حفظ السلام بافغانستان، بالسلاح، الامر الذي تنفيه طهران بشدة. أوراق رابحة : ويرصد بعض المحللين ان ايران من جانبها يمكن ان تستخدم عدد من الاوراق الجيوسياسية الرابحة في سبيل تعزيز اقدامها في اسيا الوسطى والخروج من العزلة الدولية المفروض عليها من قبل الغرب. ويشيرون بذلك بالدرجة الاولى الى العلاقات الاقتصادية الوثيقة مع عواصم المنطقة ومن بينها ان ايران تُعتبر اكبر مستورد بعد روسيا للغاز من تركمانيا. بيد ان الصداقة مع عشق اباد لم تمنع ايران من وضع خططها الخاصة واسعة النطاق للتنافس على اسواق الغاز فان تنفيذ مشروع »نلبوك« لنقل الغاز الايراني الى اوروبا سوف يجعل منها مصدر اقليمي كبير للغاز يمكن ان يزيح الصديقة تركمانيا. ويحظى هذا المشروع بدعم اوروبا بيد ان امريكا تنظر له من دون حماس نظرا لموقفها المعروف من النظام الايراني.ويمكن ان توظف ايران ايضا العامل الديني لتعزيز مواقعها في اسيا الوسطى.ولكن يمكن قد تشأ على هذا المسار صعوبات ايضا، نظرا لان النخب السياسية في كافة جمهوريات اسيا الوسطى السوفياتية سابقا تنظر بحذر الى نموذج التطور الايراني.وثمة مؤشرات على ان هذه الجمهوريات تفضل النموذج العربي على الفارسي. وفقا للمهتمين بشؤون المنطقة.لذلك فان طريق توغل ايران في اسيا الوسطى ومد نفوذها كقوة اقليمية كبرى لن يكون سهلا وغيرمُعبد بالورود.