رئيس لجنة الشئون العربية والخارجية والأمن القومي بمجلس الشوري يعد قرار انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الفلسطينية قرارا منوطا بالقيادة السياسية المصرية التي تبذل كل الجهود لانهاء هذا الموضوع في ضوء عدة عوامل وهي: الدور الرئيسي لمصر في القضية الفلسطينية علي مدار تاريخها: ارتباط هذا الموضوع بالأمن القومي المصري, وأنه سيؤدي حل هذه القضية الشائكة إلي دعم موقف السلطة الفلسطينية والرئيس أبومازن وعودة السلطة الشرعية إلي قطاع غزة, وهو ما سيدعم في النهاية الرئيس محمود عباس في مفاوضاته مع الإسرائيليين. ارتباطا بهذا التوجه وهذا الهدف, بدأت مصر قبل نحو عام بالاعداد لانهاء هذا الانقسام, وبدأنا حوارا فلسطينيا شاملا في مصر, في26 فبراير2009 شاركت فيه جميع التنظيمات الفلسطينية والقوي الوطنية, مثل المستقلين, ومنها مصطفي البرغوثي رئيس المبادرة الوطنية واضفنا إليهم بعض فصائل المقاومة. وكان هذا هو الاجتماع الأول الذي يعقد علي هذا المستوي منذ اعلان القاهرة في عام2005 ومنذ انقلاب حماس في14 يونيو2007 وبهذا الاجتماع, اسست القاهرة قاعدة قوية للمصالحة الوطنية. بعد ذلك انطلقت مصر لتحويل هذا الاجتماع إلي آليات عمل, فتم تشكيل لجان لكل من الانتخابات والأمن ومنظمة التحرير, والمصالحة الوطنية والحكومة بالاضافة إلي لجنة التوجيه العليا مكونة من الامناء العامين للتنظيمات أو من ينوب عنهم. وفي هذا المجال, نشير إلي ان مصر لم تكتف بالمشاركة في هذه اللجان, بل تولت رئاسته ا وكان الجانب المصري دائم التدخل للتوفيق بين مواقف الاطراف في حالة الاختلاف. وقد شهد الفلسطينيون المشاركون في هذه اللجان بمدي فاعلية الدور المصري والمشاركة المؤثرة التي أسهمت في الوصول إلي العديد من النتائج. وسار الحوار الشامل بمشاركة جميع التنظيمات والقوي الوطنية, حيث عقدت طبقا لهذا المسار اجتماعات مكثفة متواصلة خلال الفترة ما بين10 إلي19 مارس الماضي, وشهدت التوصل إلي العديد من التوافقات في جميع القضايا المطروحة للنقاش, فعلي سبيل المثال, توافق الجميع علي مجموعة من المبادئ اهمها: اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني, وكان هذا أول اعتراف رسمي من حماس والفصائل التي تدور في فلكها بذلك, وكذلك الاتفاق علي تطوير وتفعيل منظمة الفلسطينية وفق اسس, بحيث تضم جميع القوي والفصائل الفلسطينية, وذلك وفقا لاتفاق القاهرة الذي تم التوصل إليه في مارس2005 وكذلك اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني في توقيت واحد في جميع مناطق السلطة الفلسطينية بما فيها القدس مع تحديد موعد الانتخابات بما لايتجاوز25 يناير2010. وتشكيل حكومة وفاق وطني. تم الاتفاق علي طبيعة عمل هذه الحكومة الانتقالية المؤقتة التي تنتهي ولايتها بانتهاء ولاية المجلس التشريعي الحالي وإجراء الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة مع تحديد مهام هذه الحكومية. وفي ضوء تحفظ حركة حماس علي ان يشمل البرنامج السياسي لتلك الحكومة الالتزام بالتزامات منظمة التحرير الفلسطينية وهو ما رفضته حركة فتح والعديد من الفصائل باعتبار ان ذلك سيؤدي إلي استمرار الحصار علي قطاع غزة, فقد تدخلت مصر واقترحت تشكيل لجنة مشتركة في القطاع لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه, وقد حظي هذا الاقتراح بقبول الاطراف وتم التوافق علي العديد من البنود المتعلقة بتشكيل لجنة ومرجعيتها واطارها القانوني, في حين لاتزال هناك خلافات بالنسبة لمهام هذه اللجنة. وهنا نشير إلي أهمية ألا تؤدي هذه اللجنة إلي استمرار الحصار علي قطاع غزة وبالنسبة للجنة الأمن تم الاتفاق علي: اعادة تشكيل الاجهزة الأمنية الفلسطينية علي اسس مهنية وليس فصائلية, والاتفاق علي مرجعية الأجهزة الأمنية ومعايير واسس اعادة بنائها وهيكلتها, كذلك الاتفاق علي عدد الاجهزة الامنية أمن وطني أمن داخلي مخابرات عامة. ومن ضمن القضايا الخلافية المتبقية, قضية المعتقلين: اذ تطالب فتح بالافراج عن معظم المعتقلين الذين ليست عليهم قضايا امنية بعد توقيع الاتفاق ومن يتعذر الافراج عنهم, يتم تحديد اسباب ذلك. وتطالب حماس بالافراج عن جميع المعتقلين قبل توقيع الاتفاق, ومن يتعذر الافراج عنهم, يتم توضيح اسباب ذلك وتحديد موعد قريب للافراج عنهم. وتري مصر ان تقوم كل من فتح وحماس بتحديد قوائم المعتقلين طبقا لاخر موقف, علي ان يتم تسليم مصر ومؤسسة حقوقية يتفق عليها نسخة قبل توقيع الاتفاق, ويقوم كل طرف بالافراج عن المعتقلين الموجودين لديه من كل الفصائل فور توقيع اتفاق المصالحة. وبالاضافة إلي ذلك, ناقشت اللجان الخمس العديد من التفصيلات وتمت الموافقة علي حل معظم القضايا التكتيكية, مثل الاتفاق علي مرجعية الأجهزة الأمنية, والاتفاق علي عدد هذه الأجهزة والاتفاق علي تشكيل لجنة الانتخابات وغيرها. في اعقاب انتهاء عمل هذه اللجان, تبقت بعض المشكلات التي كان لابد من حلها مثل النظام الانتخابي ونسب الانتخابات ونسبة الحسم والوضع الأمني في قطاع غزة.. واستدعي ذلك عقد جلسات حوار ثنائي بين فتح وحماس باعتبار انها مشكلات ثنائية بينهما. وعقد الطرفان7 جلسات علي مدار5 اشهر, ولم يتم التوصل إلي حل مقبول بين الأطراف وقامت مصر بعمل جولات مكوكية بين رام الله ودمشق في يوليو واغسطس2009 وذلك للتعرف علي مواقف الاطراف تمهيدا لتحديد الاسلوب الامثل للتعامل معها. في ضوء تعقد المواقف وعدم التوصل إلي الحلول, وارتباطا بمطالبة الفصائل مصر بالتدخل لفرض حل علي الجميع قامت مصر بطرح رؤيتها في القضايا الخلافية وذلك من أجل انهاء الانقسام وكانت رؤية متكاملة وتم ارسالها إلي جميع الفصائل والقوي الوطنية التي شاركت في الحوار. وقامت مصر بارسالها إلي الرئيس ابومازن والفصائل الفلسطينية في9 سبتمبر2009 وتلقت القاهرة ردودا ايجابية من حيث المبدأ من الجميع بالمواقفة علي مضمون وجوهر هذه الرؤية التي استندت إلي ما تم التوافق عليه فلسطينيا. في ضوء هذه الردود الايجابية من حيث المبدأ قامت مصر بتحديد موعد للاجتماع والتوقيع يوم25 اكتوبر الحالي علي وثيقة المصالحة ايذانا بانتهاء حالة الانقسام وذلك يوم26 أكتوبر الحالي, وتم ارسال نسخة من مشروع الوثيقة إلي الرئيس محمود عباس والفصائل للاطلاع عليها قبل الحضور إلي القاهرة, وكانت الردود ايجابية إلي حد كبير. بدأت حماس في التلويح بعدم امكانية مشاركتها في التوقيع علي الوثيقة والحضور يوم25 من الشهر الحالي, في ضوء ما تردد حول موقف السلطة الفلسطينية من تقرير جولدستون مشيرة إلي انه من الصعب علي حماس الآن ان تتصالح وتتصافح الآن مع الرئيس أبومازن الذي تدعي انه المسئول عن تأجيل تقرير جولدستون. وعقب هذا الموقف ابلغت مصر حركة حماس بأنها ترفض اية مماطلة في التوقيع علي الوثيقة مهما كانت الاسباب, لان المصالحة الفلسطينية يجب ان تعلو علي اية مواقف اخري, وقد وعدت حماس بدراسة الموقف والرد علي مصر, بينما وافقت فتح والفصائل الأخري علي الحضور إلي القاهرة والتوقيع علي وثيقة المصالحة. ولاشك ان هذا الموقف المتوتر بين فتح وحماس اضفي مناخا سلبيا علي موضوع المصالحة واصبح من الصعب حضور جميع الفصائل للتوقيع علي وثيقة الوفاق في موعدها يوم25 اكتوبر الحالي, خاصة بالنسبة ل حماس والفصائل المتحالفة معها اي الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية القيادة العامة والصاعقة. وبالتالي فهناك توجه لتأجيل توقيع الوثيقة إلي مابعد عيد الاضحي حتي تكون الاجواء مهيأة لذلك ونحن ننتظر الآن الموقف النهائي لحركة حماس. وفي يوم16 اكتوبر, اعلن مصد ر مصري مسئول ان مصر قررت تأجيل توقيع اتفاق المصالحة في الوقت الحالي في حين ستواصل جهدها لانهاء الحالة التي نتجت عن تداعيات تقرير جولد ستون. وأكد المصدر في تصريح صحفي له صباح يوم الجمعة16 اكتوبر ان مصر ونتيجة للتداعيات التي حدثت بين كل من السلطة الفلسطينية وحركة حماس بسبب الاختلاف علي تناول تقرير جولد ستون. ونتيجة للالتزام المصري بانهاء حالة الانقسام الذي يتطلب ارادة سياسية ونوايا حسنة وصدقا في التعامل ومناخا مناسبا لتنفيذ الاتفاق, فقد رأت مصر تأجيل التوقيع علي هذا الاتفاق في الوقت الحالي, وسوف تقوم مصر بالجهد اللازم لانهاء الحالة التي نتجت عن تداعيات تقرير جولد ستون.