يتضاءل الاهتمام في الصين بالأدب الجاد. والقارئ العادي في الصين اليوم يقرأ بالأساس لدعم مستقبله وتمضية وقت الفراغ بروايات شعبية والهروب إلى عالم القصص الخيالية. التركيز في الصين - التي تعيش حالة ازدهار اقتصادي متنام - على الأعمال والاستهلاك فهما الاتجاهان السائدان. وقسم كبير من الصينيين الذين صاروا يحددون الاتجاهات السائدة لبلدان أخرى يقرأون أساسا على أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف النقالة (المحمولة) الخاصة بهم. وصار لدى الكتاب الصينيون حرية إبداع أكبر عن ذي قبل ويصفون التغيير السريع الذي يمر به مجتمعهم من أوجه شخصية خاصة بهم غالبا، بيد أنهم نادرا ما يعالجون المشكلات التي يسببها النظام الشيوعي ذو القبضة الحديدية، فالرقابة فضلا عن الرقابة الذاتية هي حدود واضحة للكتاب الذين يريدون النشر في بلادهم. اختيار الصين كي تكون ضيفا خاصا في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب - في الفترة من 14 إلى 18 أكتوبر/ تشرين الأول - يعد واحدا من أهم المحاولات الصينية على الإطلاق لطرح نفسها في الخارج ليس فقط كقوة اقتصادية بل أيضا لتقديم "القوة الناعمة" لثقافتها. لكن من الواضح أن هذا التوجه الحديث يختلف مع المحاولات القديمة التي عفا عليها الزمن في الدعاية. في الصين ما من صناعة أخرى تواجه تدقيقا حكوميا أكثر من النشر الذي يتعارض مع الأيديولوجية. وشريك منظمي فرانكفورت ليس إلا الإدارة العامة للصحافة والنشر أكبر الهيئات الرقابية في الصين التي تقرر ما الذي يمكن نشره في هذا البلد الذي يضم 1.3 مليارا من البشر. كما أن كبار الرقباء في بكين هم المسئولون أيضا عما تقدمه المساهمات الصينية الرسمية في المعرض. وفي حين أن الدول المضيفة عادة ما تترك الترجمة للألمانية وتسويق الكتب المعروضة لدور النشر الألمانية فإن الإدارة العامة للصحافة والنشر الصينية لديها 80 كتابا ترجمتها إلى الألمانية بنفسها وبكلفة مالية باهظة. "جينج بارتس" من مركز معلومات معرض الكتاب الألمانى في بكين – وهو نقطة التقاء تنسيقية تساعد في الإعداد لمعرض 2009 – قال إن "هذا ليس من الذكاء في شئ لأنه صار تحفة وليس منتجا ثقافيا"، وكان من الأجدر بهم أن يقنعوا الهيئة العامة للصحافة والنشر بأن تقدم 25 عنوانا صينيا آخر ينشره ناشرون ألمان. وبرغم كل هذه الجهود الرقابية فإن الكتب التي أعدها النقاد أو المؤلفون المنفيون وحظرها الرقباء الصينيون ستوجد في معرض الكتاب بعيدا عن المضايقات الرسمية. وأضاف "بارتس" أن الإدارة العامة للصحافة والنشر الصينية لا يمكن أن تمارس رقابتها في ألمانيا. وقد تم إيضاح هذا في بداية المحادثات بشأن المشاركة الصينية. والرقباء الصينيون عموما يضعون في القائمة السوداء موضوعات تتناول حركة "فالون جونج" وتطلعات التبت أو الويجور للاستقلال فضلا عن القمع الدموي لحركة الديمقراطية عام 1989. كما أن الكتاب الذين ينتقدون الحزب الشيوعي ويطالبون بالديمقراطية غالبا ما يحاكمون كأعداء للدولة. وقد أدى انتشار الإنترنت وارتفاع شعبية المدونات إلى خلق نوع جديد من الحريات، لكنها لا تنعكس بالضرورة في الأدب. وقال "بارتس - وهو ألماني من أصل صيني - إن هناك انتشارا لمختلف الاآراء لكنها تترجم أكثر في نواحي الحياة اليومية المختلفة وليس في السياسة. كذلك تنعكس التغييرات الاقتصادية في الأدب الصيني، فالناشرون الذين تدعمهم الدولة واقعون تحت ضغوط لتحقيق أرباح ولأول مرة، والناشرين من القطاع الخاص - الذين غالبا ما يعملون تحت لافتة المشروع الثقافي - سمح لهم بالخروج من حالة التجهيل العام 2009 على الرغم من أنهم ينتجون بالفعل 60% من أكثر الكتب مبيعا في الصين الآن.