غداً.. بدء امتحانات الدور الثاني للعام الدراسي 2024 / 2025 بالقاهرة    هبوط سعر الذهب اليوم الجمعة 25-7-2025 وقائمة بأسعار جميع الأعيرة الآن    معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية يواصل جهودة لدعم التصنيع الغذائي في مصر    أسعار حديد التسليح مساء اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    وزير الخارجية يفتتح مصنع «سيلتال» المصري لإنتاج الأدوات الكهربائية في السنغال (صور)    الوكالة الدولية للطاقة الذرية: إيران مستعدة لاستئناف المحادثات الفنية    «الآن سيتم مطاردتهم».. ترامب: حماس تريد الموت وعلى إسرائيل التخلص منهم (فيديو)    بدلاء الأهلي أمام البنزرتي التونسي.. أبرزهم بن شرقي ومحمد شريف    جيسوس يوجه رسالة إلى جماهير النصر    درجات الحرارة تصل 45.. تحذير شديد من الموجة الحارة غدًا السبت 26 يوليو 2025    بالأسماء00 إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب سيارة عمالة زراعية بطريق وادى النطرون العلمين الصحراوي    أسيل عمران تكشف سبب انتفاخ وجهها: «بتعالج من الغدة بقالي 5 سنين»    «كونغرس العربية والصناعات الإبداعية» يعقد فعالياته في أبوظبي    مهرجان البحرين السينمائي يكشف عن هويته الجديدة ويستعد لدورة خامسة تحت شعار قصص عظيمة    فيديو يثير الجدل لنقيب الموسيقيين.. رواد التواصل الاجتماعي يطالبون بمحاسبة واستقالة مصطفى كامل بسبب واقعة مشابهة لمشهد راغب علامة    مصرع سيدة وإصابة زوجها في تصادم سيارتين بالمقطم    زيلينسكي: يجب إجراء محادثات على مستوى القادة لإنهاء الحرب مع روسيا    الإسماعيلي يجدد عقد إبراهيم عبد العال حتى 2029    غدا.. ضعف المياه بحى شرق وغرب سوهاج لأعمال الاحلال والتجديد    افتتاح مسجدين جديدين بالفيوم وسط استقبال شعبي واسع    كلية التربية بجامعة قناة السويس تعلن قواعد التنسيق الداخلي للالتحاق بقسم التربية الفنية للعام الجامعي    نيابة باب شرقي تطلب تحريات اتهام شخص بهتك عرض طفل في الإسكندرية    د. يسري جبر: حديث السقاية يكشف عن تكريم المرأة ومكانتها في البيت والمجتمع    الجيش اللبناني يُشارك في إخماد حرائق بقبرص    وزير العمل عن دمج وتوظيف ذوي الهمم: قضية تحتاج تكاتف المؤسسات    ترامب يطلب من رئيس الفيدرالي خفض أسعار الفائدة من جديد    ب"فستان قصير"..أحدث ظهور ل نرمين الفقي بمنزلها والجمهور يغازلها (صور)    هل يقبل عمل قاطع الرحم؟ د. يسري جبر يجيب    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    وكيلة "الصحة" توجه بتوسيع خدمات الكُلى بمستشفى الحميات بالإسماعيلية    طريقة عمل الكيكة، هشة وطرية ومذاقها لا يقاوم    الكابتشينو واللاتيه- فوائد مذهلة لصحة الأمعاء    برنامج تأهيلي مكثف لنجم الهلال السعودي    محافظ الجيزة يوجه بضبط «الاسكوتر الكهربائي للأطفال» من الشوارع    استشهاد شخص في استهداف طائرة مسيرة إسرائيلية لسيارة في جنوب لبنان    عامل يقتل زوجته ويدفنها خلف المنزل تحت طبقة أسمنتية بالبحيرة    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    شقيقة مسلم: عاوزة العلاقات بينا ترجع تاني.. ومستعدة أبوس دماغة ونتصالح    ضبط 596 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة خلال 24 ساعة    وزارة الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    بعد إثارته للجدل.. أحمد فتوح يغلق حسابه على "إنستجرام"    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى نظيره السنغالي    عالم أزهري يدعو الشباب لاغتنام خمس فرص في الحياة    مواعيد مباريات الجمعة 25 يوليو - الأهلي ضد البنزرتي.. والسوبر الأردني    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    «مشتغلش ليه!».. رد ناري من مصطفى يونس بشأن عمله في قناة الزمالك    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    الآلاف يحيون الليلة الختامية لمولد أبي العباس المرسي بالإسكندرية.. فيديو    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر وإثيوبيا ومياه النيل
نشر في أخبار مصر يوم 08 - 10 - 2009

منذ نحو ثلاثين عاما،‏‏ أرسلت إثيوبيا احتجاجا إلي مصر‏‏ تعترض فيه علي حفر ترعة السلام،‏ بزعم أنها ستقوم بنقل مياه النيل إلي إسرائيل،‏ وقد نفت مصر وقتها ذلك الأمر نفيا قاطعا،‏ ورأي البعض أن مجرد التفكير فيه يعتبر مساسا بالأمن القومي‏.‏
ومنذ بضعة أسابيع حدث العكس،‏ حيث اتهمت بعض وسائل الإعلام المصرية إثيوبيا بالتخطيط لنقل مياه النيل إلي إسرائيل،‏ وقد اندهش وزير المياه الإثيوبي من هذا الادعاء‏، قائلا في لهجة يشوبها العتاب والاستنكار‏:‏ إن النيل ليست له أجنحة ليطير بها ويغير مساره في اتجاه إسرائيل وهناك اتهام آخر وجهته بعض وسائل الإعلام المصرية إلي إثيوبيا‏ وهي أنها تقيم السدود الضخمة لأعمال التنمية علي النيل الأزرق‏‏ بما قد يعوق تدفق مياه النيل إلي مصر‏، وقد نفي رئيس الوزراء الإثيوبي هذا الإدعاء أيضا في مناسبات عديدة‏.‏ ولكي تقطع الحكومة الإثيوبية الشك باليقين‏، قررت أن تؤكد نفيها لتلك الإدعاءات بشكل عملي علي أرض الواقع‏،‏ فقامت منذ سنوات باستضافة وزير الري المصري ووزير الري السوداني وبعض الخبراء‏ وقامت بعد ذلك باستضافة وفد إعلامي وبرلماني مصري كبير‏ من مسئولي ومحرري الصحف القومية والحزبية والمستقلة ومن أعضاء مجلسي الشعب والشوري‏ وحلق الجميع بالمروحيات فوق منابع النيل الإثيوبية‏.
وتأكدوا من عدم وجود لتلك السدود الكبيرة المزعومة‏،‏ واتفقت إثيوبيا مع مصر وقتها علي إنشاء عدد من السدود الصغيرة لغرض توليد الكهرباء والتي لاتؤثر علي صة مصر‏،‏ من بينها سد تكيزي الذي أثير حوله الجدل في الفترة الأخيرة‏،‏ ومن الطبيعي أن يتساءل البعض‏‏ مادامت أن إثيوبيا قد تعاملت معنا بهذا القدر الكبير من الصراحة والوضوح‏،‏ إذن فما هي حقيقة المشكلة معها‏‏ والتي أطالت أمد المفاوضات التي تجري حاليا بين دول حوض النيل إلي مايقرب من ست سنوات؟
إن المشكلة مع إثيوبيا ظهرت فجأة بعد أن قررت مصر بناء السد العالي‏،‏ ووقعت مع السودان اتفاقية عام 1959‏ التي توزع الحصص بينهما‏، دون إشراك إثيوبيا‏ فكان الرد الإثيوبي علي ذلك فوريا‏ بأن لجأت إلي مكتب استصلاح الأراضي الأمريكي لعمل دراسة لإقامة عدد كبير من السدود علي النيل الأزرق لأغراض التنمية‏،‏ وقد وافقت الحكومة الأمريكية علي المطلب الاثيوبي بشكل فوري أيضا‏ ردا علي اتجاه مصر وقتها نحو الاتحاد السوفيتي‏ وابتعادها عن الولايات المتحدة الأمريكية‏.‏
ورغم مرور نحو خمسين عاما علي الدراسة الأمريكية‏ يتم إنشاء سوي سد واحد فقط صغير‏‏ من بين‏33‏ سدا أقترحت الدراسة إقامتها علي النيل الأزرق لتوليد الكهرباء ولري نحو مليون فدان هناك‏.‏
إذن هي مفاجأة حقا أن نستنتج مما سبق‏ أنه لاتوجد خطورة إثيوبية من الناحية العملية‏ علي حصة مصر من مياه النيل‏ وأن ماحدث في الماضي لايزيد علي كونه نوعا من العتاد السياسي‏‏ أو الضغط السياسي‏ مارسته إثيوبيا‏ لحث مصر علي معاونتها في حل مشاكلها المائية المستعصية‏ وفي إنقاذ الشعب الإثيوبي من الفيضانات المدمرة ومن نوبات الجفاف الطويلة والمجاعات‏،‏ فالأمطار الغزيرة التي تسقط في فصل الصيف ومياه الأنهار الداخلية والخارجية ومخرات السيول والمياه الجوفية‏،‏ كل تلك الموارد المائية الهائلة‏ الشاردة والجامحة تحتاج إلي بنية تحتية ضخمة لترويضها وإدارتها وحسن استغلالها‏.‏
وقد تكون زيارة السيد رئيس مجلس الوزراء المرتقبة إلي إثيوبيا في بداية الثلث الأخير من شهر أكتوبر الحالي‏‏ ومعه عدد من السادة الوزراء والمستثمرين‏‏ فرصة للتركيز علي مشروعات استغلال الموارد المائية المتاحة هناك‏‏ بخلاف مياه النيل بالطبع‏ لأغراض التنمية الزراعية‏‏ وعدم ترك المجال لدول أخري للقيام بهذا العمل‏‏ لأن مردود مثل تلك المشروعات الزراعية علي الشعب الإثيوبي‏ يكون أكبر بكثير من مردود أي مشروعات استثمارية أخري ممكن أن تقام هناك‏‏ لأنها تمس حياته وأمنه واستقراره‏‏ وتمثل بالنسبة له الملجأ الملاذ‏ وفي تقديري أننا إذا نجحنا في إقامة بعض المشروعات الزراعية هناك‏‏ فإن ذلك سيخفف من تشدد الموقف الاثيوبي إزاء قضايا مياه النيل‏.
وبمناسبة بدء مرحلة جديدة من العلاقات المتميزة مع إثيوبيا،‏ قد يكون من المناسب إنشاء ادارة خاصة بأثيوبيا في وزارة الخارجية‏‏ علي غرار الادارة الأخري الخاصة بكل من السودان وليبيا وإسرائيل‏،‏ وغيرها من الدول ذات الأهمية بالنسبة لمصر‏،‏ خصوصا وأن كميات مياه النيل التي تأتينا منها تبلغ نحو ستة أضعاف كميات المياه التي تأتينا من جميع دول حوض النيل الأخري‏.‏
أرجو ألا يظن البعض أن السبب في حرص مصر علي وجود تعاون دائم‏‏ وعلاقات طيبة مع إثيوبيا وغيرها من دول حوض النيل‏ هو الخوف علي حصتنا الحالية من مياه النيل،‏ والتي تقدر ب‏55.5‏ مليار م 3‏ سنويا‏، فلا أحد يستطيع المساس بتلك الحصة‏، فهي حق تاريخي مكتسب لنا محصن بأحكام القانون الدولي والأعراف الدولية‏ ومحصن أيضا بموانع طبيعية جغرافية وهندسية،‏ وإنما يعود حرص مصر علي استمرار علاقاتها الطيبة مع تلك الدول‏ إلي احتياجها في المستقبل إلي حصص اضافية أخري‏‏ عن طريق إنشاء مشروعات أعالي النيل‏ بالتعاون معها وقد تم النص علي ذلك صراحة في الرؤية المستقبلية للموارد والاستخدامات المائية التي وضعتها مصر حتي عام 2050، وفي النهاية أتمني أن تستمر مصر في اتباع أسلوب الدبلوماسية الهادئة‏‏ في تعاملها مع إثيوبيا وغيرها من دول حوض النيل‏‏ والذي انتهجته طوال سنوات العقد الأخير‏والبعد كلية عن أي تصعيدات إعلامية‏،‏ وأتمني أيضا أن تتحري بعض وسائل الإعلام الدقة‏ عند تناولها لموضوعات مياه النيل بصفة عامة‏ ومايتعلق منها بملف العلاقات المصرية الإثيوبية بصفة خاصة‏ للحفاظ عليها من أية شوائب‏.‏
نقلاً عن جريدة الأهرام المصرية*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.