ظريفة جداً »الخناقة« القائمة حالياً بين رئيسي دولتين كبيرتين هما: فرنساوإيران. بدأ الخلاف بين الرئيسين: »نيكولا ساركوزي«، والإيراني:»محمود أحمدي نجاد« منذ فترة، وكان مستتراً ومغلفاً بالورق الحريري.. كما يقولون! أسباب خلاف »ساركوزي« مع »نجاد« هي نفسها التي أبعدت الرئيس الإيراني عن معظم إن لم يكن كل رؤساء الدول الغربية، وغالبية دول العالم بصفة عامة. فالرئيس الإيراني لا يفترق في تعامله بين الأسلوب الدبلوماسي وبين الأسلوب السوقي. فهو يقول كل ما يطرأ علي ذهنه، فيشتم ويهاجم ويتحدي وكثيراً ما يندم علي ما قاله، فنسمعه يعتذر عن سوء الفهم الذي غلّف تصريحاته، ويؤكد أنه كان يقصد عكس ما فهمه معظم من استمعوا إليه! بعض رؤساء الغرب »أخذوا علي خاطرهم« من بعض تصريحات انفلت بها لسان الرئيس الإيراني، لكن الصالح العام أنهي هذا الخلاف بسرعة، إلاّ الخلاف مع الرئيس الفرنسي: »نيكولا ساركوزي« الذي يبدو أنه يستثقل دم »أحمدي نجاد«، بنفس الثقل الذي يزن به »نجاد« دم »ساركوزي«! أي أن »عدم تقبل الآخر« هو أبرز ما يُثمن العلاقة الخفية بين الرئيسين. وبالأمس.. تخلّي الزعيمان اللدودان عن »ورقة التوت« التي تغطي كراهيتهما المتبادلة. والتعرية كانت علي الملأ وتابعتها عيون عشرات الملايين من مشاهدي القناة (2)الفرنسية، التي سعت للحصول علي تصريحات من الرئيس الإيراني عشية ذهابه إلي نيويورك وإلقاء خطابه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة. ليس مهماً تصريحاته التقليدية التي يتحدي بها العالم، ويهدد فيها أمريكا بالدمار، ويتوعد إسرائيل بمحو اسمها من فوق الخريطة. فهذه، وغيرها، تصريحات يرددها في كل خطاب يلقيه، ولكل حديث مع جهاز إعلام خارجي يدلي به. الجديد فقط الذي نطق به الرئيس الإيراني أنه وجه هجوماً مكشوفاً ضد الرئيس الفرنسي »ساركوزي« قائلاً بكل وضوح: »إن الشعب الفرنسي يستحق قيادة وزعامة أفضل من الحالية«. وكانت القناة التليفزيونية الفرنسية قد سألت الرئيس الإيراني عن موعد الإفراج عن الباحثة الجامعية الفرنسية »كلوتيلد ريس« التي تجيد اللغة الفارسية وتعد بحثها عن الحضارة الفارسية القديمة، قد انفعلت من رفض الجماهير في إيران إنتخاب »أحمدي نجاد« لفترة رئاسية ثانية، وشاركت في مسيرة للطلاب الجامعيين في مدينة أصفهان حيث ألقي القبض عليها في أول يوليو الماضي، ثم أفرج عنها في منتصف الشهر التالي أغسطس مع تحديد إقامتها داخل مبني السفارة الفرنسية في طهران، وعدم السماح لها بمغادرة إيران والعودة إلي بلادها إنتظاراً لمحاكمتها التي لم يحدد لها موعد حتي الآن! وأجاب الرئيس الإيراني علي سؤال التليفزيون الفرنسي، واصفاً الرئيس الفرنسي بأنه الرجل الذي يدس أنفه في شئون إيران الداخلية! كما اتهم الإدارة الفرنسية بأنها هي المسئولة عن تأخير تسوية وضع الباحثة الفرنسية المحتجزة في طهران، لأنها أي الإدارة الفرنسية لم تقبل بدورها تسوية أوضاع الإيرانيين المحتجزين في السجون الفرنسية! وسارع الرئيس »ساركوزي« بالرد علي »نجاد« عبر نفس القناة الثانية الفرنسية، وأضاف إليها القناة الأولي الفرنسية ليسمع ويري مشاهدو القناتين رأي رئيسهم في زميله الإيراني. قال »ساركوزي« إنه لن يقبل التهديد، ولن يسمح بالتبادل. فهو ليس الرجل الذي يتصوره نجاد، ويوافق علي الإفراج عن الإيراني: »علي باقيلي راضي« الذي جاء إلي فرنسا وقام باغتيال الرئيس الأسبق للحكومة الإيرانية: »شهبور بختيار«، وأدانته المحكمة الجنائية في باريس عام1994بالسجن مدي الحياة! وأضاف »ساركوزي« أن الفارق هائل بين الإثنين. فالأول مجرم، قاتل، ثبتت إدانته.. أما الثانية »كلوتيلد ريس« 24سنة فهي باحثة جامعية جريمتها الوحيدة أنها تعلمت اللغة الفارسية، وأحبت الحضارة الفارسية التي تكتب عنها بحثاً. وبجاحة الرئيس الإيراني إنه لا يكتفي بطلب الإفراج عن قاتل رئيس الحكومة الإيرانية الأسبق، وإنما يطالب بالإفراج أيضاً عن العديد من المسجونين الإيرانيين عملاء الحرس الثوري الإيراني، وأبرزهم: » مجيد كاكافاند« الذي قبض عليه في فرنسا أثناء قيامه بالاتفاق عبر الإنترنت علي شراء مواد حساسة ومحظور بيعها، أو حملها، أو نقلها! *الاخبار