فى زيارة هى الأولى منذ أكثر من نصف قرن لوزيرة خارجية أمريكية، تعتزم كونداليزا رايس زيارة ليبيا قبل نهاية العام الحالى. وبالرغم من تحفظ مصادر الخارجية على تأكيد موعد زيارة رايس ،إلا أن دافيد فولي المتحدث باسم دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أوضح أن "الوزيرة أعلنت أنها تعتزم زيارة ليبيا في وقت ملائم وأن أحد أهداف زيارة ديفيد ولش الحالية إلى طرابلس خلق الظروف المواتية لهذه الزيارة". وكشف فولي النقاب عن لقاءات جرت بين ولش ومسئولين ليبيين في أوروبا في الآونة الأخيرة، بيد انه لم يحدد تاريخ هذه اللقاءات أو المواضيع التي تطرق إليها الجانبان. زيارة رايس التى توقع مسئولون أمريكيون أن تتم خلال شهر اكتوبر المقبلهى ا لأهم حيث تمثلرايس أرفع مسئول أمريكى زار ليبيا منذ أن بدأ تحسن العلاقات ،بعد أن قبلت ليبيا المسؤولية عن تفجير طائرة "بان أمريكان" فوق لوكربي باسكتلندا عام 1988 مما أدى إلى مقتل 270 شخصا. ويعتبرجون فوستر دالاس هو آخر وزير خارجية زار ليبيا في عام 1953، وكان عدة مسؤولين أمريكيين قد زاروا ليبيا بعد تطبيع العلاقات بين البلدين في مايو العام الماضي، من أبرزهم جون نجروبونتي نائب وزير الخارجية، وفرانكس فراجو مستشار البيت الأبيض لقضايا الإرهاب. مسئول أمريكى رفيع آخر فى زيارة حالية لليبيا وهو ديفيد وولش مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأوسط ،والذى وصل الى طرابلس أول امس، الثلاثاء 22/8في زيارة تستغرق ثلاثة أيام. زيارة وولش تهدف إلي تعزيز التعاون وتوطيد العلاقات بين البلدين ،الى جانب تحديد موعد لزيارة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس إلي ليبيا. زيارة وولشهى اول زيارة يقوم بها مسئول أمريكى لليبيا منذ إطلاق سراح الممرضات والطبيب البلغار الستة المدانين بتعمد إصابة أطفال ليبيين بفيروسالإيدز من السجن في 24 يوليو الماضى. وولش والوفد المرافق له إجتمع مع عبد الرحمن شلقم أمين اللجنة الشعبية العامة الليبية للإتصال الخارجي والتعاون الدولى . خلال الإجتماع تم بحث ومناقشة العلاقات الثنائية القائمة بين ليبيا والولاياتالمتحدة في جميع المجالات خاصة الإقتصادية والسياسية والتعليمية والثقافية والسبل الكفيلة بدعم وتعزيز التعاون المشترك بين البلدين ،وكذلك التعاون القائم بينهما في مكافحة الإرهاب. الجانبان بحثا أيضاً الإعداد لعدد من الإتفاقيات الإقتصادية بين البلدين خاصة منع الإزدواج الضريبي وحماية تشجيع الإستثمار، كما تم التطرق ايضا إلى عدد من القضايا الدولية والإقليمية ذات الإهتمام المشترك بما في ذلك العراق وفلسطين ولبنان ودارفور وافغانستان وإتفق الجانبان على إستمرر الزيارات بين البلدين. وقالت مصادر ليبية مسئولة للشرق الأوسط إن عبد الرحمن شلقم قد تلقى دعوة رسمية من كونداليزا رايس لزيارة الولاياتالمتحدة. وولش اجتمع بمستشار الأمن الوطني الليبي المعتصم معمر القذافي في طرابلس، والتقى أيضاً في بنغازي بسيف الإسلام القذافي الذى لفت الإنتباه مؤخراً بتصريحاته حول إختلاق ليبيا لقضية الممرضين البلغاريين. ولم يجتمع المسئول الأميركى بعد مع الرئيس الليبى العقيد معمر القذافي، علما بأن مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جون نجروبونتي لم يلتق أيضاً القذافي خلال زيارته في شهر أبريل الماضي لطرابلس. زيارة وولش جاءت في إطار التحسن الواضح في العلاقات الليبية الأمريكية،واعتبرها المراقبون بمثابة الخطوة قبل الأخيرة لاستكمال التطبيع الكامل بين البلدين . زيارة ولش تزامنت أيضاً مع دعوة لافتة أيضاً أطلقها سيف الإسلام القذافي نجل القذافى إلى وضع دستور للبلاد، وكان آخر دستور في ليبيا يعود إلى العهد الملكي. وكانت واشنطن لمحت أكثر من مرة إلى ضرورة أن تبادر ليبيا إلى إصلاحات سياسية واقتصادية، وربطت مصادر في واشنطن بين تأجيل زيارة رايس إلى ليبيا أكثر من مرة وتحقيق تقدم في مجال الإصلاحات، حيث كان من المقرر أن تزور المسئولة الامريكيةطرابلس في يوليو العام الماضي بيد أن تلك الزيارة أرجئت، حيث أصرت واشنطن كذلك على ضرورة الإفراج عن الممرضات البلغاريات. كما أن السفيرة الأمريكية جين كريتز التي عينها الرئيس جورج بوش في يونيو الماضي سفيرة في ليبيا، لم يحدد حتى الآن موعد مثولها أمام مجلس الشيوخ (الكونجرس) من أجل إقرار تعيينها، وكريتز كانت نائبة رئيس البعثة الدبلوماسية الأمريكية في إسرائيل، وظل منصب سفير الولاياتالمتحدة في ليبيا شاغرا منذ 35 سنة. ويقول بعض أعضاء الكونجرس إنهم سيعترضون على تعيين سفير في ليبيا إذا لم تتم تسوية تعويضات ضحايا ملهى ليلي في برلين جرى تفجيره في الثمانينات وكان من رواده جنود اميركيون، ويعتقد أن ليبيا كانت تقف وراء تلك العملية. ويذكر أن العلاقات الليبية الامريكية شهدت مرحلة طويلة من القطيعة وتبادل الاتهامات التى وصلت حد شن غارة عسكرية أمريكية على حى العزيزية فى ليبيا عام 1986 استهدف بيت العقيد معمر القذافى شخصياً ،إلا أن السنوات الأربعة الماضية قد شهدت جملة من الخطوات السياسية ، بدأت بتخلى طرابلس عن أسلحتها النووية بالكامل ، وتعويضها لضحايا طائرة لو كربى ، وتبعه بعد ذلك فتح الإدارة الأمريكية لمكتب إتصال لها فى طرابلس ، ثم رُفع اسم ليبيا من قائمة الدول الداعمة للإرهاب الذى تصدره وزارة الخارجية الأمريكية قبل أن يعلن الرئيس الأمريكى جورج بوش مؤخراً تتويج هذه الخطوات بتعيين سفير أمريكى فى العاصمة الليبية طرابلس. مسؤولون أمريكيون أكدوا الأسبوع الماضى ان واشنطن تسعى الى علاقات أوثق مع ليبيا الان بعد أن وجدت قضية الممرضات البلغاريات طريقها الى الحل وان أول مؤشر ملموس على ذلك سيكون على الأرجح زيارة وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس هذا العام لطرابلس، التى يصفها مسؤولون أمريكيون بأنها ستكون مؤشرا قويا على بدء عهد جديد. وأشاروا الى وجود خطط أخرى متوقعة لتعزيز التبادل الثقافي والتعليمي بين البلدين بالاضافة الى زيادة الروابط التجارية مع هذا البلد المصدر للنفط .وقال شون مكورماك المتحدث باسم الخارجية الامريكية " العلاقات الان على مسار مختلف تماما." عددا من الخبراء يقولون ان الطريق الى الأمام قد لا تعترضه مشكلات، لكنهم أشاروا الى طبيعة الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي التي لا يمكن التكهن بها وإحجام البعض في الكونجرس الامريكي عن اقامة علاقات أوثق مع ليبيا الى أن يتم حل قضايا التعويضات النهائية المتعلقة بضحايا أمريكيين سقطوا في هجمات ليبية خلال الثمانينيات. ويأتي التحرك نحو تحسين العلاقات في وقت تسعى فيه واشنطن الى دعم العلاقات مع كبار منتجي النفط بسبب أسعار النفط المرتفعة،وتملك ليبيا احتياطات نفطية كبيرة،ويمارس كبار رجال الاعمال أيضا ضغوطا على ادارة الرئيس جورج بوش مشيرين الى الصفقات التي اقتنصتها الشركات الفرنسية والشركات الاخرى التي ترتبط حكوماتها بعلاقات أوثق مع ليبيا. بعض المراقبين يحذرون من أنه ما زالت هناك قضايا بين الخصمين السابقين يمكن أن تتسبب في عرقلة الخطط الرامية لاقامة علاقات أوثق ولا سيما فيما يتعلق بالتعويضات النهائية لضحايا حادث تفجير طائرة الركاب الامريكية التابعة لشركة بان أمريكان فوق بلدة لوكيربي الاسكتلندية عام 1988 بالإضافة الى هجوم وقع عام 1986 على ملهى ليلي في برلينالغربية يرتاده عسكريون أمريكيون. ويعطل الكونجرس تمويل الانشطة الدبلوماسية الامريكية في ليبيا بسبب النزاع حول التعويضات ، بينما يؤكد مجلس الشيوخ على أن عملية ارسال أول سفير أمريكي الى طرابلس منذ عقود من المتوقع أن تكون صعبة. وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد سارع بزيارة ليبيا الشهر الماضى في مسعى لتعميق العلاقات السياسية والتجارية بين البلدين ، بعد المساعدة في حل أزمة الممرضات البلغاريات .حيث رأى المراقبون أن بهذه الزيارة يسعى ساركوزي للحفاظ على النفوذ الفرنسي في ليبيا فيما سارعت القوى الغربية الاخرى من وتيرة التقارب مع طرابلس بدورها وقامت واشنطن بزيادة وجودها الدبلوماسي هناك بشكل منتظم. المراقبون يصنفون زيارات المسئولين الأمريكيين لليبيا بأنها تأتى فى إطار أن ليبيا منطقة غنية بالنفط وقريبة من اسواق مهمة جدا لاوروبا، وبالتالي هناك سباق ملحوظ يدور بين الولاياتالمتحدةالامريكية والبلاد الاوروبية على المصالح الاقتصادية والنفطية هناك،وتريد امريكا ان تؤمن لنفسها قسطاً من النفط الليبي الذي يعتبر مصدرا رئيسيا واساسيا لالمانيا، وايطاليا، وفرنسا واسبانيا وغيرها من دول رئيسية في الاتحاد الاوروبي. 23/8/2007