فى ضوء الأزمة السياسية فى لبنان منذ عدة أشهر وأزمة انتخاب رئيس الجمهورية ودخول لبنان دوامة الاغتيالات السياسية أغتيل أمس 19/9 النائب عن حزب الكتائب والأكثرية البرلمانية أنطوان غانم، وذلك عندما انفجرت سيارة مُفخخة فى منطقة " سن الفيل " شرقى بيروت أدت إلى مقتل ستة أشخاص وإصابة أكثر من 56، وقد اتهمت الأكثرية البرلمانية المناهضة لسوريا النظام السورى بالضلوع فى اغتيال أنطوان غانم، وأكدت إصرارها على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وحمل سعد الحريرى زعيم هذه الأكثرية التى تمثل قوى 14 آذار سوريا ونظام الرئيس الأسد المسئولية مُجدداً بأن المحكمة الدولية التى يعمل مجلس الأمن على إنشائها لمحاكمة المتهمين باغتيال والده رفيق الحريرى والاغتيالات اللاحقة ستحاسب المجرمين القتلة الذين يريدون تعطيل الرئاسة، وفى هذا السياق أكدت الأكثرية مشاركتها فى الجلسة المُقررة لانتخاب رئيس جديد للبلاد الثلاثاء المقبل حتى تفوت الفرصة على الذين يعبثون بأمن لبنان ويعملون على تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية . وغانم هو سابع شخصية سياسية مناهضة لسوريا يُقتل منذ اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريرى فى 14 فبراير عام 2005، وباغتيال غانم سينخفض عدد نواب الأكثرية إلى 68 نائب من 128 من اصل 128 عدد نواب البرلمان، وغانم 64 عاماً هو عضو فى التحالف الحكومى المناهض لسوريا الذى يخوض صراعاً على السلطة منذ نوفمبر وأنطوان غانم هو ثانى نائب من حزب الكتائب يتم اغتياله بعد النائب والوزير بيار الجميل الذى أغتيل فى 21 نوفمبر 2006، ولم يعد لدى حزب الكتائب أى نائب فى البرلمان حيث أن نائبه الثالث نادر سكر انضم إلى صفوف المعارضة وكان آخر انفجار شهدته بيروت أودى فى يونيو الماضى بحياة نائب الأكثرية وليد عيدو، ويأتى انفجار أمس قبل أقل من أسبوع على موعد الجلسة الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية المقبل، ومع أنطوان غانم تكون قوى 14 آذار قد خسرت منذ فبراير عام 2006 ثمانية من شخصياتها، ورأى أحد المحللين أن حادث الأمس كان رسالة قوية للأكثرية ضد أى خطط لانتخاب رئيس بالأكثرية الضئيلة أو للذهاب ضد تطلعات المعارضة . ومن جانبه طلب رئيس الوزراء اللبنانى فؤاد السنيورة من الأممالمتحدة مساعدة الحكومة اللبنانية فى التحقيق فى هذه الجريمة، وكان مجلس الأمن قد اتخذ خطوة من جانب واحد فى مايو بالتصديق على إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة المشتبه بهم فى قتل الحريرى وغيره، كما أدان الرئيس اللبنانى العماد إميل لحود بشدة جريمة الاغتيال ووصفها بأنها حلقة جديدة فى سلسلة الجرائم التى تستهدف وحدة لبنان وأمنه، مُشيراً أن جريمة الاغتيال رسالة واضحة تستهدف التقارب بين اللبنانيين . وقد أدانت الأممالمتحدةوالولاياتالمتحدة ودول أوروبية وسوريا الانفجار الذى أودى بحياة النائب أنطوان غانم، كما أدان مجلس المن الدولى أيضاً هذا الاعتداء الذى يُشكل محاولة جديدة لزعزعة استقرار لبنان فى هذه الفترة الحاسمة جداً، وأدان الرئيس الأمريكى بوش الانفجار مُشدداً على معارضة الولاياتالمتحدة لأى محاولة تهدف إلى ترهيب اللبنانيين فى وقت يعتزمون فيه ممارسة حقهم الديمقراطى فى اختيار رئيسهم بعيداً عن أى تدخل خارجى، وشجب بوش محاولات سوريا وإيران العدوتان اللدودتان للولايات المتحدة فى الشرق الأوسط زعزعة استقرار سوريا إثر هذا الانفجار وتتهم الولاياتالمتحدة سوريا وإيران بدعم حزب الله والتدخل فى الشأن العراقى . وكانت مصادر سياسية قد رجحت ألا يسفر استئناف الاتصالات بين السياسيين اللبنانيين عن نتائج بحلول جلسة مجلس النواب المقررة فى الأسبوع المقبل لانتخاب رئيس جديد للبلاد وزاد استئناف جهود الحوار الآمال بتخفيف أزمة سياسية مستمرة منذ عشرة أشهر قسمت لبنان بين تحالف الغالبية البرلمانية المدعومة من الغرب وحلفائهم العرب والمعارضة المدعومة من إيران وسوريا، ويخشى كثيرون من أن يدفع الفشل فى انتخاب خلف للرئيس إميل لحود المؤيد لسوريا والذى تنتهى مدة ولايته فى نوفمبر البلاد نحو حرب أهلية . وكان رئيس مجلس النواب اللبنانى نبيه برى قد دعا البرلمان المكون من 128 نائباً إلى انتخاب رئيس جديد فى 25 سبتمبر الحالى، لكن من الصعوبة اكتمال نصاب الثلثين ما لم يتفق مُسبقاً على تسوية الأزمة، وأشار مصدر سياسى أنه من غير الوارد التوصل إلى اتفاق فى هذا التوقيت وأمام البرلمان حتى 23 نوفمبر لانتخاب الرئيس الذى يجب وفقاً لنظام التوزيع الطائفى أن يكون مسيحياً مارونياً، وأشارت المصادر إلى أن برى سيدعو إلى جلسة أخرى فى 17 أكتوبر أو نحو ذلك إذا لم تجر الانتخابات الأسبوع المقبل . كما دعا بيان المطارنة الموارنة أمس 19/9 النواب إلى المشاركة فى جلسة انتخاب الرئيس مُحذراً من أنه إذا تعذر تحقيق هذا الاستحقاق الرئاسى فإن مصير لبنان سيكون قاتماً .. وهناك عدة مرشحين سيتنافسون على منصب الرئيس، وأبرز المرشحين من قبل الموالاة هو النائب السابق نسيب لحود، فى حين أن مرشح المعارضة الأبرز هو زعيم أكبر كتلة مسيحية فى البرلمان ميشال عون، والمرشحون المحتمل التوافق عليهم فهم من خارج الساحة السياسية، وهما الوزيران السابقان ميشال أدة وفارس بويز وقائد الجيش ميشال سليمان وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والذين لم يعلن أحد منهم ترشحه إلى هذا المنصب . ويرى المراقبون أن التمديد لولاية لحود فى عام 2004 قد تسببت فى سلسلة من الأحداث المضطربة وأدخلت لبنان فى أسوأ أزمة سياسية منذ الحرب الأهلية التى دارت رحاها بين عامى 1975 و 1990 ، وأعقب التمديد للحود إصدار مجلس الأمن قراراً يدعو إلى انسحاب القوات السورية من لبنان وتلى ذلك اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريرى والذى أدى إلى إنهاء 29 عاماً من الوجود العسكرى السورى . وقد شهدت لبنان مؤخراً العديد من الإنفجارات التى أسفرت عن سقوط عدد من نواب الأكثرية فى البرلمان اللبنانى، فقد سقط أربعة نواب من أعضاء المجلس الحالى فى أقل من عامين .. أولهم النائب جبران توينى ثم النائب ووزير الصناعة السابق بيار الجميل، وبعد ذلك النائب وليد عيدو وآخرهم أمس أنطوان غانم، وتعتبر مصادرالأكثرية البرلمانية أن هذه الإنفجارات تستهدف التأثير على قوتها التصويتية لانتخاب رئيس جديد للبلاد خصوصاً فى ظل السجال الحاد حول النصاب الدستورى لجلسة الانتخاب، حيث تطالب الأكثرية باعتماد نصاب النصف زائد واحد، بينما تبدى المعارضة إصرارها على نصاب الثلثين، والمعروف أن العديد من نواب الأكثرية كانوا قد غادروا لبنان ومازالوا يقيمون فى الخارج منذ اغتيال النائب وليد عيدو . 20/9/2007