أسعار العملات الأجنبية والعربية أمام الجنيه المصري اليوم    صدمة لمواليد الثمانينيات، دراسة تكشف سقف العمر النهائي للأجيال الحالية    أطاح ب 6 وزراء، تعديل وزاري في موريتانيا يشمل 11 حقيبة وزارية    طقس مصر اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025.. أجواء حارة ورطوبة مرتفعة مع فرص لهطول أمطار    فلسطين.. الاحتلال ينسف مباني جديدة في المناطق الشمالية الشرقية لمدينة غزة    أب يقتل أطفاله الثلاثة ويطعن زوجته الثانية في جريمة مروّعة بالدقهلية    درة وعمرو عبد الجليل ومحمد لطفي أبرز الحاضرين في افتتاح مهرجان بورسعيد    عاجل بالصور زيارة تاريخية.. ملك إسبانيا، والملكة ليتيزيا، في رحاب معابد الأقصر    ياسر ريان: الزمالك قادر على الفوز بالدوري بشرط الاستمرارية.. وعمرو الجزار أفضل مدافع في مصر    دونجا: عبدالقادر مناسب للزمالك.. وإمام عاشور يمثل نصف قوة الأهلي    دعاء الفجر|تعرف على دعاء النبي بعد صلاة الفجر وأهمية وفضل الدعاء في هذا التوقيت.. مواقيت الصلاة اليوم الجمعة    الصحفيين تكرم المتفوقين دراسيا من أبناء صحفيي فيتو (صور)    بمزج الكلاسيكي والحديث، عمرو دياب يتألق في حفل خاص على سفح الأهرامات (فيديو)    تغطية خاصة | مذبحة أطفال نبروه.. صرخات قطعت سكون الليل    طريقة عمل الناجتس في البيت، صحي وآمن في لانش بوكس المدرسة    فيدان: إسرائيل التهديد الأكبر على سوريا.. وأي عملية توسعية محتملة نتائجها الإقليمية ستكون كبيرة جدًا    مصطفى عسل يعلق على قرار الخطيب بعدم الترشح لانتخابات الأهلي المقبلة    هيئة المسح الأمريكية: زلزال بقوة 7.8 درجة يضرب "كامتشاتكا" الروسية    واشنطن تجهز مقبرة «حل الدولتين»| أمريكا تبيع الدم الفلسطيني في سوق السلاح!    نقيب الزراعيين: بورصة القطن رفعت الأسعار وشجعت الفلاحين على زيادة المساحات المزروعة    بيان عاجل من الترسانة بشأن حادثة الطعن أمام حمام السباحة بالنادي    هل يقضي نظام البكالوريا على الدروس الخصوصية؟.. خبير يُجيب    سعر السكر والأرز والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    موسم انفجار راشفورد؟ برشلونة يضرب نيوكاسل بهدفين    رسميًا.. الاتحاد السكندري يعلن إنهاء تعاقد أحمد سامي وإيقاف مستحقات اللاعبين    أمينة عرفي تتأهل إلى نهائي بطولة مصر الدولية للإسكواش    انخفاض سعر الذهب عيار 21 عشرجنيهات اليوم الجمعة في أسيوط    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 19 سبتمبر 2025    سادس فيتو أمريكي ضد وقف إطلاق النار في غزة خلال عامين    ميلونى: تدشين نفق للسكك الحديدية تحت جبال الألب يربط بين إيطاليا والنمسا    بعد رباعية مالية كفر الزيات.. الترسانة يقيل عطية السيد ويعين مؤمن عبد الغفار مدربا    صور.. افتتاح الدورة التاسعة لملتقى «أولادنا» لفنون ذوي القدرات الخاصة بالأوبرا    دينا الشربيني ل"معكم": تارا عماد نفذت مشاهد انتحارية في "درويش".. جريئة في الاكشن    بإطلالة جريئة.. أحدث ظهور ل ميرنا جميل داخل سيارتها والجمهور يعلق (صور)    بحضور الوزراء والسفراء ونجوم الفن.. السفارة المكسيكية بالقاهرة تحتفل بعيد الاستقلال الوطني "صور"    الأسورة النادرة ساحت وناحت.. مجدي الجلاد: فضيحة تهدد التراث وكلنا سندفع الثمن    مصر والإمارات توقعان 5 مذكرات تفاهم لتعزيز التعاون بقطاع الطيران المدني    حي علي الصلاة..موعد صلاة الجمعة اليوم 19-9-2025 في المنيا    محافظ قنا يناقش آليات تقنين أراضي الدولة والتعامل مع المتقاعسين    خليكي ذكية ووفري.. حضري عيش الفينو للمدرسة في المنزل أحلى من المخبز    أوفر وخالٍ من المواد الحافظة.. طريقة تجميد الخضار المشكل في البيت    ضبط عاطل بحوزته كمية من المخدرات وسلاح ناري بكفر الشيخ    رضا عبدالعال منفعلًا: «منهم لله اللي غرقوا الإسماعيلي»    شروط النجاح والرسوب والدور الثاني في النظام الجديد للثانوية العامة 2026-2025 (توزيع درجات المواد)    السجن المشدد 7 سنوات والعزل من الوظيفة لموظف بقنا    4 أبراج «حظهم حلو مع كسوف الشمس 2025».. يشهدون أحداثًا مهمة ويجنون الثمار مهنيًا وعاطفيًا    بمكونات متوفرة في البيت.. طريقة عمل الكيكة الهشة الطرية للانش بوكس المدرسة    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم كل ما تحتاج معرفته    الشوربجى: اهتمام كبير برفع مستوى العنصر البشرى .. ودورات تدريبية متخصصة في الذكاء الاصطناعي    صندوق التنمية الحضرية "500 ألف وحدة سكنية سيتم طرحها خلال المرحلة المقبلة"    "حافظوا على الحوائط".. رسالة مدير تعليم القاهرة للطلاب قبل العام الجديد    بالصور.. جامعة الفيوم تكرم المتفوقين من أبناء أعضاء هيئة التدريس والإداريين    زيارة مفاجئة لرئيس المؤسسة العلاجية إلى مستشفى مبرة مصر القديمة    التمثيل العمالي بجدة يبحث مطالب 250 عاملًا مصريًا بشركة مقاولات    الرئيس الكازاخي لوفد أزهري: تجمعني علاقات ود وصداقة بالرئيس السيسي    «نعتز برسالتنا في نشر مذهب أهل السنة والجماعة».. شيخ الأزهر يُكرِّم الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    هنيئًا لقلوب سجدت لربها فجرًا    الدفعة «1» إناث طب القوات المسلحة.. ميلاد الأمل وتعزيز القدرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رضوان السيد يكتب: محكمة الحريرى.. المعنى السياسى والقانونى

أعلنت الأمم المتحدة عن قيام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان فى أول مارس 2009. وكما تعودنا خلال السنوات الثلاث الماضية، ثارت عواصفُ متضاربةٌ بشأن المحكمة قياماً ومساراً، وبشأن إمكانية توصلها إلى نتائج تتعلق بكشف حقيقة الجرائم المرتكبة بدءاً باغتيال رفيق الحريرى، والسياسيين والإعلاميين والأمنيين الآخَرين الذين جرى اغتيالهم بعده، وفى السياق نفسِه. ولكى نستطيع تقدير معنى وأهمية المحكمة والمحاكمة، تنبغى العودة قليلاً إلى الوراء، وقراءة الأصول والخلفيات التى دفعتْ بها وإليها.
فقد عرف لبنان فى تاريخه الحديث عشرات جرائم العنف والاغتيال السياسى. وباستثناء رياض الصُلح، ما جرى التحقيق فى أى من الجرائم السياسية تلك، أو أنّ التحقيق ما توصَّل لنتيجة. لكنْ منذ أواسط السبعينيات - تاريخ الدخول العسكرى السورى إلى لبنان - حامت الشُبهة دائماً حول السلطة السورية، طبعاً باستثناء الرئيس رشيد كرامى الذى اتُّهمت «القوات اللبنانية» باغتياله.
إذا كان الترقُّب على مشارف انتخابات 2005، أحد أسباب اغتيال الحريرى؛ فإنّ قيام المحكمة قبيل انتخابات 2009، سيكبح الجناة عن العودة لذلك.
قبل الحرب الأهلية عام 1975 كانت الاغتيالات تحدث فى سياقين متوازيين، داخلى وإقليمى؛ خاصة للشخصيات البارزة، بمعنى أنّ المحاور العربية، ومواقف الساسة اللبنانيين إزاءها كانت عاملاً مؤثّراً فى الاغتيال. أمّا بعد التدخل السورى فى لبنان، فكانت الشخصيات المُغتالة ذات مواقف من الوجود السورى بلبنان، بنظر السلطات السورية على الأقلّ. لكنْ رغم هذا السياق العامّ؛ فإنّ اغتيال الحريرى كان له سياقُهُ الخاص.
فالمعروف أنّ الرئيس الراحل حافظ الأسد اشتدّ عليه المرض بعد عام 1997، وأنّ ابنه - الرئيس فيما بعد - بشار الأسد، بدأ يُعدُّ العُدّة لخلافته، ومن ضمن ذلك الإصرار على المجىء بالعماد أميل لحود، قائد الجيش اللبنانى إلى الرئاسة بلبنان، ثم الإصرار على التمديد له بعد نهاية ولايته الأولى عام 2004. وفى عام 2000 انسحب الإسرائيليون من لبنان إلى الحدود الدولية باستثناء منطقة مزارع شبعا للإشكالية القائمة حولها بين سوريا ولبنان.
فازدادت الضغوط على السوريين للانسحاب من لبنان إذ لم يبق مبررٌ لذلك داخلياً، أو يتّصل بالصراع العربى - الإسرائيلى. وكان الطرف المسيحى، والذى يضم البطرك والجنرال عون و«القوات اللبنانية»، هو الأوضح معارضةً لبقاء الجيش السورى فى لبنان. وكانت القوى اللبنانية المتحالفة مع السوريين (ومنها «حزب الله» و«أمل») تُعارضُ ذلك وتتصدّى له. بينما كانت وجهةُ نظر الحريرى أنه يمكن تدبير الأمر بالاتفاق مع السوريين للانسحاب إلى البقاع من جهة، وتخفيف التدخل فى الشأن اللبنانى الداخلى من جهةٍ أخرى.
ورغم الضغوط المتبادَلة، وبينها اللبنانى الداخلى والإقليمى والدولى؛ فإنّ السوريين ما انزاحوا قيد أُنملة، وأعطوا إشارةً واضحةً فى ذلك بالإصرار على التمديد للرئيس لحود، وازدياد التدخل فى مفاصل الإدارة الداخلية والأمنية اللبنانية. وفى الوقت ذاته جاء القرار الدولى رقم 1559، والداعى للانسحاب السورى من لبنان، ليزيد من هواجس السوريين، وإحساسهم بإمكان فقد لبنان.
وزاد الطين بلّة أنّ لبنان كانت أمامه انتخاباتٌ نيابيةٌ فى ربيع عام 2005، وكان «الاستقلاليون» المسيحيون، والذين كان رفيق الحريرى يتجه للتحالُف معهم - يؤمّلون الحصول على الأكثرية فى البرلمان. وفى هذا الظرف بالذات تم اغتيال الحريرى فى 14 شباط (فبراير) 2005.
وأمام هذا المدّ الشعبى الزاخر (ثورة الأرز أو 14 آذار) ما كان من الممكن عدم التحقيق فى اغتيال الحريرى ورفاقه. بل إنه صار واضحاً أنه إنْ لم يطمئنّ الجمهور إلى «العدالة»؛ فإنّ النظام العامّ قد يتهدد. لكنّ جبهة 14 آذار، وازتْها جبهة 8 آذار الموالية لسوريا ووجودها أو نفوذها.
ووسط هذا الانقسام الحاد، ما كان من الممكن للقضاء اللبنانى أن يقوى بمفرده على معالجة هذا الملف، خاصة بعد أن استمرت الاغتيالات وأحداث التفجير، والتهديدات العلنية بالقتل والتصفية من هذا الجانب أو ذاك.
ما معنى المحكمة وما دلالاتها؟ بالطبع كان للمحكمة سياقُها أو سياقاتُها. فمقتل الرئيس رينيه معوَّض عام 1990 ما أدّى إلى تحقيقٍ دولى أو حتّى لبنانى جادّ. فبعد عام 2000 كان مطلوباً دولياً وإقليمياً من سوريا أن تخفّف وجودَها العسكرى والأمنى داخل لبنان، وأن تكتفى بالنفوذ السياسى من خلال أنصارها (وهم كُثُر). لكنّ السوريين رفضوا الحديثَ فى ذلك.
ثم إنهم أصرُّوا على الإبقاء على لحود. ولا يمكن بدقّةٍ اليومَ معرفةُ ما كانوا هم وأنصارُهُم يفكرون فيه آنذاك. هل كانوا يعتقدون وسط سيطرتهم على الأمن والقضاء بلبنان أنّ الاغتيال سيكون أثره خفيفاً كالأحداث السابقة؟ إذا كانوا يعتقدون ذلك فهم مخطئون فى التقدير، لأنّ «تكليفهم» بالوجود فى لبنان سُحب منذ عام 2000.
ثم إنّ الجمهور المسيحى كان ضدَّهم منذ مدة، ومقتل الحريرى سيجعل المسلمين أيضاً يتحولون ضدَّهم. وبذلك فقد أخطأ تقديرهم بالخارج والمحيط والداخل. ومن جهةٍ أُخرى فإنّ الحياة السياسية اللبنانية ما كان يمكن لها أن تستمرّ، أى أن يستمرّ النظام؛ إن ظلَّ السياسيون جميعاً مهدَّدين استناداً إلى مواقفهم العلنية من هذا الطرف أو ذاك.
ولذلك فقد وُجدت للاستقلال سياقاتُهُ الإقليمية والدولية والمتجلية فى ضرورة خروج السوريين من لبنان. وإذا كان يُرادُ أن يبقى النظام اللبنانى قائماً على قدميه؛ فقد كان لابُدَّ من الوقوف فى وجه الجرائم ضد السياسيين، أو ينهار النظام أو يتغيَّر، بحسب ما كان مقرَّراً له، قبل الخروج العسكرى السورى.
إنّ المحكمة سواء أكانت دوليةً أم محليةً لن تُحدث عجائب. فالموتى لن يعودوا. بيد أنّ الله سبحانه وتعالى يقول: «ولكم فى القصاص حياةٌ يا أُولى الألباب». فمتابعة العمل على كشف الجُناة أدَّت إلى استمرار الحياة الوطنية والسياسية، وبعثت الأمل فى إمكان الخروج من الدوّامة: النزاعات الداخلية المسلَّحة، والاغتيالات والتفجيرات.
والذين يحاولون التأثير على مجريات الحياة السياسية بلبنان عن طريق القتل، يعرفون الآن أنّ أفعالهم ستنكشف، وقد يُحاسَبون عليها. وإذا كان الترقُّب على مشارف الانتخابات النيابية عام 2005، بين أسباب اغتيال الحريرى؛ فإنّ الإعلان عن قيام المحكمة، على مشارف انتخابات عام 2009، قد يدفع الذين مارسوا العنف من قبل، دونما رادع، أن يفكّروا مرتين قبل العودة لذلك.
المصدر: جريدة الاتحاد الإماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.