مثلت سنوات الاحتلال الأميركي للعراق، وما أعقبه من عنف متفجر هنا وهناك، فرصة لدخول عشرات العبارات والألفاظ والسلوكيات على حياة الأطفال، فليس غريبا أن تسمع ألفاظ جديدة لم تعتد على سماعها من طفل قد لا يتجاوز عمره ست سنوات أو سبعا، كما ليس غريبا أن تبدأ سلوكيات الأطفال تحاكي وتجاري ما يحدث في هذا البلد، بل ربما تعدى الأمر إلى دخول الطفولة العراقية نفقا مظلما أكثر عتمة، بعد أن بدأت جماعات مسلحة وميلشيات بتجنيد هؤلاء الأطفال بين صفوفها مما يمثل قمة الانتكاسة للطفولة العراقية المعذبة التي دفعت ومازالت الكثير في آتون حروب وحصارات وأزمات عاشها هذا البلد طيلة أكثر من عقدين من الزمن. اللعبة الأكثر شيوعا بين اطفال العراق هي لعبة المقاومة والقوات الأمريكية، الغريب أن كل الأطفال كانوا يريدون أن يقوموا بدور المقاومة، وحلا لهذا النزاع الطفولي، فقد اتفقوا على تبادل الأدوار بين الحين والآخر، والشتمة الأكثر ذيوعا هي "والدك عميل" وما إن تسير في أسواق العاصمة بغداد، حتى تفاجأ بحجم ألعاب العنف المعروضة هناك، الكل يستورد مثل هذه الألعاب دون أي رقيب أو حسيب، وليست هناك من آلية لوقف هذا التدهور السلوكي لدى أطفال العراق إلا من خلال إشاعة ثقافة السلام، وللأسف فإن كل الجهود في هذا الجانب بطيئة إن لم نقل معدومة المفاجأة الكبرى أن أغلب الرسائل التي تصل لقناة الأطفال "سبيس تون" من العراق تطلب مشاهدة أفلام رسوم متحركة ثيمتها الأساسية هي العنف والقتال، وهذا تدهور خطير في السلوكيات. لقد بات أطفال العراق ضحية كل ما جرى، بل إنهم الضحية الأبرز، لقد تغير كل شيء، وصار الطفل من هؤلاء يلعب مع السلاح وكأنه يلعب مع دمية، أما أطفال الأمس فكانوا أفضل حالا، كانت لديهم فرصة للعب والعيش بشكل أفضل، وقد دمرت الحروب عقلية الطفل العراقي، ولا أحد يعرف متى سيمكن معالجة كل ذلك. تجنيد الأطفال ربما بات الملف الأكثر خطورة على شريحة الأطفال في العراق هو ذاك المتعلق بعمليات تجنيدهم من قبل ميليشيات وجماعات مسلحة، بل تعدى الأمر إلى تكليف أطفال أو صبية للقيام بعمليات اغتيال وتفجير بعد أن يتعرض هؤلاء الأطفال لعملية «غسيل دماغ» من قبل تلك الجماعات الإيدلوجية التي وجدت في الطفل العراقي فرصة لتحقيق بعض من أهدافها وغاياتها. فهناك العشرات بل المئات وربما الآلاف من الأطفال العراقيين فقدوا آباءهم وإخوانهم وحتى أمهاتهم عقب الاحتلال الأميركي، هؤلاء لم يجدوا يدا حانية يمكن أن تأخذ بهم وتنقذهم من واقعهم الأليم وتركوا للشارع وظروفه، فجاءت تلك التنظيمات محاولة أن تسد فراغ الحكومة ومنظمات المجتمع المدني ولكن على طريقتها الخاصة، حيث بدأت بعمليات تجنيد هؤلاء من خلال إقناعهم بأهمية الثأر لأحبائهم أولا، وبعد ذلك يتطور الأمر إلى دخول الإيدلوجية الدينية المتشددة في إقناع هؤلاء الصغار بتنفيذ عمليات مسلحة ويتعرض هؤلاء الأطفال في نهاية الأمر الى السجن أحد المسجونين وعمره 12 عاما فقط حاول تفجير نفسه والسبب هو الانتقام من الشرطة أو آخرين تنكروا في زيها والتي قتلت أباه على فراشه وهو في الثالثة من عمره