تخوض الروائية اللبنانية هدى بركات التي تقيم في باريس تجربة النص المسرحي باللغة العامية اللبنانية في "فيفا لا ديفا" الذي يصور امرأة ضائعة في امتداد الوقت وفي اختلاط الحقائق بالاوهام وبالوقائع. وهذا العمل المسرحي الاول للكاتبة اللبنانية، صدر اخيرا عن دار النهار في بيروت ويقع في فصل واحد ومشهد واحد. وتقدم الكاتبة جو اقرب الى الهذيان وفي لحظة استعداد دائمة لهجرة المكان الذي هو لبنان الى مكان آخر. وتتسلق تلك المرأة حبال الذاكرة المثقلة والمغبرة لتعرض تجارب ذلك الماضي السعيد في الستينات والسبعينات حيث كان الوطن لا زال احتمالا او حلما يتحقق على الخشبة كما في الاغنية وتجارب الابداع قبل ان يتحقق فعليا على الارض. وتقول الممثلة وهي تحضر حقيبة سفرها "يمكن كل هاللي كان ما كان... يمكن انا اللي خلقتو براسي باوهامي". وتضيف "يمكن كون شخصية ب.. مسرحية مرقت من زمان". وتعود الملقنة التي تحاول ترشيدها لتؤكد لها دون فائدة: "زمنك مشي فل انتي ضيعتي الكود.. الشيفرة". وتقول هدى بركات لوكالة فرانس برس بخصوص تجربتها المسرحية الاولى ان "حضور هذه المرأة فاجأني. كنت اعمل على رواية جديدة ومع ذلك حضرت هذه المرأة التي تختلط في بالها الامكنة والازمان". وتضيف ان "المسرحية تحتوي على وهم كبير والوهم حاضر في كل رواياتي". وتتابع "لدي احساس وقناعة بان كل تواريخنا تعاني من هويات مرتجة وهذا يعني ان في منطقتنا جزءا كبيرا من الخرافة وفي المسرحية وهم تتركب عليه الحكاية الضائعة بين الحقيقة والوهم". اما عن الشخصية، فتقول هدى بركان "هي غير موجودة في زمنها ونحن كلنا كعرب لا نقرأ زمننا. هذه المرأة لا تعرف اذا كانت في المسرح او في الحياة". وتؤكد انه "في المسرح شيء خاص جدا ويشد اكثر من الرواية باعتباره يجسد بشكل اقوى من الرواية كل الشخصيات التي تقدم في زمن معين". وتتابع "هناك المخاطبة المباشرة ايضا. اما رواياتي كلها فلا يوجد فيها حوارات والناس لا يتحدثون الى بعضهم البعض". وفي مقابلة بين طبيعة الرواية وطبيعة المسرحية ترى هدى بركات ان المسرح اكثر قابلية لعرض هذه الاشكاليات اما الرواية فهي اكثر تعقيدا. وتقول "في المسرح انا بحاجة لان احكي بشكل مباشر و+فيفا لا ديفا+ تنتهي على الخطابة الفارغة التي تلمح ليس فقط الى التقلبات السياسية اللبنانية الاخيرة وانما للثرثرة العربية التي لا علاقة لها بتاريخ فعلي ومتفق عليه". وتؤمن الكاتبة بان مسرحية "فيفا لا ديفا" لن تاخذ "مداها وبعدها الا حين تقدم على الخشبة والهدف من نشرها هي في ان تقدم صوريا". وكشفت هدى بركات انها تعمل على "مسرحية ثانية متعددة الاصوات والازمنة وستترجم الى الفرنسية". واضافت ان هذه المسؤحية الجديدة "تحدث في ثلاثة ازمنة: القدس في زمن المسيح ومرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وفي الزمن الراهن". وتتابع هدى بركات عملها على رواية جديدة تبدأ نهاية القرن التاسع عشر وتنتهي احداثها عشية اندلاع الحرب الاهلية اللبنانية. وصدر للكاتبة مجموعة قصصية بعنوان "زائرات" في 1985 قبل روايتها الاولى "حجر الضحك" (1990) الذي كان باكورة اعمالها تلته اربع روايات صدرت عن دار النهار هي "اهل الهوى" (1993) و"حارث المياه" (1998) و"سيدي وحبيبي" (2004). وبركات التي ترجمت اعمالها الى 14 لغة، حائزة وسام الفنون والآداب الفرنسي الذي تمنحه وزارة الثقافة الفرنسية في 2001 ووسام الاستحقاق الذي تمنحه الرئاسة الفرنسية في 2008.