«الوطنية للانتخابات» تعلن إنتهاء التصويت في 31 مقرًا بالخارج    شيخ الأزهر يستقبل مدير كلية الدفاع الوطني ويتفقان على تعزيز التعاون المشترك    أحمد سالم ب كلمة أخيرة: استحقاق شهادات ال 1.5 تريليون جنيه اختبار صعب    غرفة التطوير العقاري تكشف عن خطوات محاسبة المطورين غير الجادين (فيديو)    بعثة الاتحاد الأوروبي تزور متحف ملوي ومنطقة بني حسن الأثرية بالمنيا    الكرملين يحذر من تأثير مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا    ريتشارد شيميرر: ترامب يضغط على نتنياهو لتنفيذ وقف إطلاق النار في غزة    تعرف على أصوات محمد صلاح وحسام حسن فى جائزة ذا بيست    تشكيل برشلونة أمام جوادالاخارا في كأس ملك إسبانيا    ضبط قائد سيارة ملاكي للسير عكس الاتجاه وتعريض المواطنين للخطر بالجيزة    «البكالوريا الفنية».. شهادة جديدة لطلاب التعليم الفني بدءًا من العام المقبل    محمد رمضان عن وفاة والده: وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو (فيديو)    محافظ الجيزة يشارك في فعاليات الندوة العالمية لدار الإفتاء المصرية    الصحة توضح ضوابط استخدام عقار «التاميفلو» لعلاج الإنفلونزا    ضبط تاجري تموين لاستيلائهما على 2 طن سكر بدمنهور    افتتاح الدورة السابعة من مهرجان القاهرة للفيلم القصير بحضور يسري نصر الله وعائشة بن أحمد    «التموين» تنتهي من صرف مقررات ديسمبر بنسبة 70%    أنطوان سيمنيو بين السيتي واليونايتد.. من يحسم الصفقة؟    أمم إفريقيا - استدعاء لاعب نهضة بركان لتعويض مدافع أندرلخت في قائمة السنغال    لا إغلاق لأى مصنع.. خطة للتقنين ودعم العمالة وإبقاء تبعية هيئة القطن ل «الاستثمار»    الجيش الألماني ينهي مهمة نظام باتريوت لحماية المجال الجوي للناتو في بولندا    غزة تشهد جحيما إنسانيا.. الهيئة الدولية لدعم فلسطين تحذر من نقص المساعدات وعرقلة إدخال الكرفانات    نظر قضية المتهم بقتل زوجته فى المنوفية بسبب خلافات بينهما يناير المقبل    الأردن والسويد يؤكدان ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في غزة    رئيس هيئة المحطات النووية يشارك في فعاليات المنتدى العربي السابع    إقبال في اليوم الثاني من إعادة انتخابات مجلس النواب 2025 بالأردن    ما حكم من يتسبب في قطيعة صلة الرحم؟.. "الإفتاء" تجيب    خبر في الجول - بينهم الزمالك.. رضا هيكل يدرس عروضا مختلفة قبل حسم مستقبله    الكشف على 1208 مواطنين ضمن القافلة الطبية بقرية أبو جازية بالإسماعيلية    وزير الثقافة يعتمد أجندة فعاليات الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية    التأمين الصحى الشامل.. خطوات الاشتراك ومزايا الرعاية الطبية المتكاملة للأسرة    افتتاح متحف قرّاء القرآن الكريم بالعاصمة الجديدة: هنو يشيد بتقدير الدولة للقراء.. والأزهري: خطوة للحفاظ على الهوية الدينية    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    حلمي عبد الباقي يرد على توجيه اتهامات له في التحقيق: غير صحيح    نداهة فرسان الشرق بالرقص الحديث في مسرح الجمهورية    البورصة تخسر 22 مليار جنيه بختام تعاملات منتصف الأسبوع    أردوغان: انتهاكات إسرائيل لأراضي سوريا أكبر تهديد لاستقرارها    إغلاق ملف فيتوريا رسميًا.. تسوية نهائية بين المدرب واتحاد الكرة في «CAS»    الندوة الدولية الثانية للإفتاء تدين التهجير القسري وتوضِّح سُبل النصرة الشرعية والإنسانية    ذا بيست.. دوناروما أفضل حارس مرمى في العالم 2025    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل جواهرجى البحيرة إلى يوم 12 يناير    اعتدى على أطفال وصورهم.. تجديد حبس مدرب أكاديمية الكرة بالمنصورة    الصحة تُحذر من تخزين المضاد الحيوي واستعماله مرة أخرى    * رئيس هيئة الاستثمار يثمن دور "نَوَاه العلمية" في تعزيز الابتكار والمعرفة ويؤكد دعم الهيئة المستمر للقطاع العلمي    «المصدر» تنشر لائحة النظام الأساسي للنقابة العامة للعاملين بالتعليم والبحث العلمى    هل تلتزم إدارة ترمب بنشر ملفات إبستين كاملة؟ ترقّب واسع لكشف الوثائق قبل الجمعة    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    جولة مفاجئة لمدير "تعليم الجيزة" في مدارس العمرانية    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد مسار شامل للتطوير وليس إجراءً إداريًا    الزمالك يجدد ثقته في نزاهة جهات التحقيق في أرض أكتوبر ويؤكد التزامه الكامل بالقانون في قضية أرض أكتوبر (بيان رسمي)    دغموم: الزمالك فاوضني من قبل.. وأقدم أفضل مواسمي مع المصري    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    «التضامن الاجتماعي» تعلن فتح باب التقديم لإشراف حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    قانون العمل الجديد يُلزم أصحاب العمل بإنشاء دور حضانة لرعاية الأطفال    مديرية الطب البيطري بالقاهرة: لا مكان سيستوعب كل الكلاب الضالة.. وستكون متاحة للتبني بعد تطعيمها    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر في سوق العبور للجملة    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمة
تحيا النجمة
نشر في أخبار الأدب يوم 27 - 03 - 2010

في زيارتي الأخيرة لبيروت للمشاركة في ندوة »بيروت في الرواية ... الرواية في بيروت« التي نظمتها الجامعة اللبنانية، وهي من الندوات المهمة التي حضرتها في السنوات الأخيرة، وقد حظيت وعن حق باهتمام كبير علي جميع المستويات من حيث تنوع الجمهور، وعمق النقاش، وسعة التغطية الإعلامية، أسعدني الحظ بمشاهدة أحدث أعمال الكاتبة اللبنانية المرموقة هدي بركات. وهو عمل مسرحي بعنوان «تحيا النجمة Viva la Diva»، وإن كان العمل يحمل العنوان الفرنسي المسجوع، فنحن في بيروت، التي تشكل فيها الهوية اللغوية تجليا من تجليات إشكاليات الهوية اللبنانية الأعم، كما أن المسرحية في مستوي من مستويات المعني فيها هي مسرحية بحث لبنان عن هويته الثقافية قبل هويته الوطنية. ولكني آثرت أن أترجم العنوان إلي معادلة العربي تخليصا للغة العربية من العجمة التي تهب عليها من حدب وصوب. لأن الديفا في العنوان هي الممثلة المسرحية الكبيرة التي تحظي بقدر من الاعتراف والمصداقية، ومقدار كبير من النجومية. وقد عرض العمل علي مسرح بابل في الحمرا ببيروت، وقدمته فرقة لاباراكا، وأخرجه نبيل الأظن، ومثلته الفنانة رندة الأسمر. وهو عمل من نوع المنولوج الدرامي، أو مسرحية الممثل الواحد، أو في هذه الحالة الممثلة الواحدة.
وتقدم لنا المسرحية منولوج نجمة مسرحية لبنانية كان لها علي المسرح ماض مزدهر عريق، ثم خبت. تستدعي ذكرياتها عن المسرح وعما جري له وللبنان، وتقيم حوارا دراميا دالا مع قرينتها المسرحية التي تتمثل في صورتها الشخصية الكبيرة المؤطرة والمعلقة وراءها والتي تشغل حيزا كبيرا ومتميزا في الفضاء المسرحي. ولكي يكتسب هذا الحوار وقعا مسرحيا يوسع من أفق دلالاته، ولا يبدو وكأنه نوع من حوار الطرشان أو كأن الممثلة تجدث نفسها عمد العمل إلي تحريك الصورة نسبيا في نوع من تشكلات الوجه وتشوهاته التي تذكرنا بأعمال الرسام الانجليزي الكبير فرانسيس بيكون المولع بتقلصات الوجوه وتشوهاتها. بصورة ترهف من درامية الحوار، وتضفي علي استعادة الماضي مسحة كابوسية. وتوشك المسرحية أن تنقسم إلي قسمين، وإن كانت تدور كلها دفعة واحدة، أي تقدم عصارتها دفعة واحدة للمشاهد دون أي فواصل أو استراحات. يعتمد أولهما علي استدعاء ذكريات الممثلة في نوع من النوستالجيا الشفيفة أو الحنين الرقراق المبطن للماضي العريق، الذي يضفي عليه استحالة استعادته وإمعانه في البعد ألقا غامضا وغير حقيقي، حينما كانت تقوم بتمثيل الأدوار المسرحية الكبري من أنتيجون وكورديليا والليدي ماكبث حتي (ذباب) سارتر، مرورا بالعديد من الأدوار الكبيرة التي مثلتها في الماضي حينما كان لبيروت مسرح كبير، وعالم ثقافي مستقر.
في هذا القسم الأول اعتمد العرض المسرحي علي الحوار بين ذاكرة الممثلة واستدعاءاتها، والذاكرة بطبعها خؤون، وبين تصحيحات الصورة الشخصية التي توشك أن تكون شاهدا مستقلا علي التاريخ استخدم فيه المخرج اللامع نبيل الأظن امتعاضات الصورة واشمئناطاتها للكشف عن مدي تشويه أي نوستالجيا للماضي بتجميله غير الحقيقي. وكشفت فيه الممثلة في بعض الأحيان عن براعة وحضور آسرين. أما القسم الثاني، والذي ينتقل بنا إلي زمن الانهيارات منذ الحرب الأهلية اللبنانية وحتي اليوم، فقد بدأ بالانهيار الرمزي للعالم القديم، حينما انهد الستار الذي كان يشكل خلفية المسرح والذي علقت عليه صورة الممثلة الشخصية، وانتقل بنا المشهد إلي خلفية المسرح التي تبدو ببلقعها وكأنها تجسيد للخراب، وإلي مجموعة من شاشات الفيديو التشويشية التي تجسد شيئا من التشوش لا فيما ترويه لنا البطلة فحسب، وإنما في كل ما يدور حولها وحولنا منذ ذلك الزمن الذي انهار فيه العالم القديم مع اندلاع الحرب الأهلية، ولم يقم بعد عشرين عاما علي انتهائها علي انقاضه عالم جديد بعد، تستطيع أن تحقق فيه البطلة/ ولبنان معها/ نفسها من جديد. فكل ما بقي لها بعد تمثيلها لكلاسيكيات المسرح العالمي في السابق، هو أن تقوم الآن بدبلجة مسلسل مكسيكي للاستهلاك العربي المحلي. وشتان بين الوضعين.
من وراء هذين القسمين وعبر هذا النص المسرحي الجميل الذي كتبته هدي بركات تتخلق استعارات هذا العمل المسرحي الذي أغناه المخرج بلغته الحركية والبصرية الموفقة. حيث استطاع أن يوظف كل أدوات المسرح ولغاته الحركية واللونية والسمعية والبصرية، وأن يستخدم تقنية الشاشات المتعددة والفيديو والصور المتحركة ليغني عبرها النص دون الاستجابة لغواية التعديل فيه. وهي غواية سهلة وخاطئة معا. فالمخرج المسرحي الجيد يحترم النص، ويثريه بلغته التأويلية التي توسع أفق دلالاته وتساهم في تخليق مستويات متعددة من المعني تحت سطح أحداثه. لذلك استطاع إخراج نبيل الأظن أن يحيل تلك الممثلة إلي استعارة للبنان بأكمله، ماضيه المؤتلق وحاضره الكابي والمترع بالإشكاليات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.