شهدت ورشة في قلب الجزائر للتنقيب عن الآثار على بقايا العهدين الاستعماري والعثماني قبل ان ظهور الحقبة الفينيقية. واكتشف خبراء يساعدهم عمال جزائريون متخصصون اولا على عمق 4,5 امتار آثار بداية الحقبة الاستعمارية الفرنسية منذ 1830 قبل العثور على آثار عثمانية. وقال كمال ستيتي مدير اعمال التنقيب والعضو في المركز الوطني الجزائري للابحاث والآثار عن هذه الآثار "كان هنا دكان حداد حرفي وما زال مصهره الحديدي واضحا للعيان". واضاف ان "هذا الموقع يدل على وجود حي حرفيين". وقد بني ذلك الحي العثماني على انقاض حي يعود الى القرون الوسطى وعثر عن اثاره وعدة رفات بشرية عظامها كاملة. ثم ظهرت آثار كنيسة تعود الى عهد المسيحيين الاوائل. وقال فرانسوا سوك المدير الاقليمي للمتوسط في المعهد الوطني للابحاث والحيثيات الوقائية ومقره في نيم (جنوبفرنسا) انها تعود الى القرن الرابع او الخامس ميلادي. وما زالت قاعدة الاعمدة ظاهرة تحد جناح كنيسة يبلغ عرضه 20 مترا تقريبا وفسيفساء على الارض. ولم ييأس العلماء من العثور يوما بعد الحفر على عمق بعض الامتار، على آثار تعود الى حقبة الفينيقيين عندما كان يبنون موانئهم التجارية على طول الساحل الجزائري الممتد على طول 1200 كلم بما فيها "ايكوزيم" اسم العاصمة الجزائرية سابقا. ويرجح علماء الآثار ان تكون "ايكوزيم" قد شيدت في القرن الثالث قبل الميلاد لكن "معلوماتهم حولها محدودة جدا" حسب المعهد الوطني للابحاث والحيثيات الوقائية. وقبل عدة سنوات عثر على مستودع لقطع نقدية خلال عملية حفر في احد شوارع قرب القصبة، يحتوي على نقود تحمل اسم "ايكوزيم" باللغة الفينيقية وطبعت عليها صورة رجل قد يكون الاله الفينيقي "ملقارت" حسب المعهد الوطني للابحاث والحيثيات الوقائية. وترغب السلطات الجزائرية التي تدرك قيمة هذا التراث المكتشف اليوم، في صيانته وتحاول استيعابه في موقع محطة المترو الضرورية لتنمية العاصمة. ودعت السلطات المعهد الوطني للابحاث والآثار الوقائية الى المساهمة في اطار شراكة دولية في هذه العملية التي تشكل تجربة فريدة من نوعها وسط مدينة في المغرب العربي كما يؤكد علماء الآثار الجزائريون والفرنسيون. وكلف هذا الفريق باجراء تقييم دقيق لوضع الاثار المدفونة واهميتها في الشهادة على اكثر من الفي سنة من تاريخ الجزائر العاصمة.