أن تقوم إحدي الوزارات بغلق مصنع ما ومصادرة منتجاته فهذا وارد وأن تقوم جهة أخري بغلق محل ما فهذا منطقي.. لكن أن تقوم وزارة الصحة والمحافظات المختلفة بغلق مئات وآلاف المنشآت الطبية والمراكز الصحية فهذا يعني أن هذه المستشفيات وتلك المراكز ارتكبت مئات الآلاف من الأخطاء بحق المرضي وربما تكون تسببت في قتل العديد منهم دون معرفة الأسباب. والهدف الوحيد من وراء ذلك هو حالة السعار والجشع المادي الذي أصاب هؤلاء الناس فأصبحوا لايفرقون بين المال ونشوة إلحاق الضرر بالمريض الذي ذهب اليهم بحثا عن الشفاء. باختصار شديد أصبح لدينا مستشفيات ومراكز طبية تحت بير السلم تعمل بدون تراخيص وبلا أجهزة ويديرها مع الأسف أطباء وأحيانا أشخاص لا يجيدون القراءة والكتابة. لقد أغلقت وزارة الصحة أكثر من620 منشأة طبية ومركزا صحيا منذ بداية عام2009 وحتي الآن ومعظم هذه المنشآت تعمل بدون إمكانات وبلا أجهزةوبلا تجهيزات طبية ولا يتوافر فيها الحد الأدني للأمان الطبي وفي عام2008 جري غلق اكثر من800 منشأة أما عام2007 فقد شهد غلق1256 منشأة طبية وبقراءة بسيطة لهذه الارقام خلال عامين ونصف العام فقط نجد أن هذه المنشآت التي وضعت وزارة الصحة يدها عليها بالتأكيد قد ألحقت الضرر بمئات الآلاف من المرضي, حيث إن المركز الواحد من هذه الاماكن يتردد عليه عدة آلاف من البشر شهريا ويجمع من المبالغ ما لا حصر له وهناك آلاف المراكز والعيادات الخاصة والمستشفيات التي ربما ترتكب العديد من المخالفات ولا تطالها يد وزارة الصحة. وبرغم جولات وزير الصحة المكوكية وحديثه المستمر عن الاهمال الطبي وقرارات العقاب التي يصدرها دائما.. كل ذلك لم يكن رادعا فضلا عن القوانين.. لكن بين السطور هناك تفاصيل أخري كثيرة فهناك بعض المسئولين الكبار يرفضون إصدار قرارات بغلق بعض المنشآت, الطبية فمثلا كانت هناك حملة بمحافظة الاسكندرية وتم ضبط نحو63 منشأة مخالفة ورفض المحافظ إصدار قرار بغلق هذا العدد وطالب بتخفيضه وهذا الأمر تكرر في مرحلة سابقة في أسيوط وسوهاج وغيرهما من المحافظات.. الأمر الآخر أن هناك ضغوطا تمارس بشدة بهدف وقف الغلق وذلك من كبار الاطباء وأعضاء مجلسي الشعب والشوري والأدهي من ذلك أن أجهزة شرطة المرافق واللجان الطبية يتعرضون للضرب والاهانة اثناء التفتيش كل ذلك يخلف سؤالا مهما هل نحن نريد بلدا نظيفا ونريد فعلا الأمان العلاجي للناس أم أن البيزنس هو سيد الموقف في كل شيء؟ السؤال ألقيت به علي مسامع الدكتور طارق الغزالي حرب الأستاذ المرموق ومدير مستشفي الهلال التخصصي الذي فاجأني بأن المستشفيات تشهد حالة من الفوضي نتيجة للتدهور الأخلاقي والقيمي في المجتمع وأن مهنة الطب لم تسلم من ذلك فهناك حالة من العبث والفوضي الشديدة دخلت إلي هذا القطاع بسبب تقاعس الدولة عن تطبيق القوانين وهذا أدي بشكل طبيعي إلي ظهور ما يسمي بالتجارة بالصحة وهذه التجارة أدت إلي أن الطب النظيف أصبح نادر الوجود وكون البعض يردد أن لدينا أطباء عظاما وأكفاء جدا فهذه خرافة خاصة بين الأجيال الجديدة وجيل الوسط فالطبيب الشاب يري أستاذه يجمع الملايين وهو عاجز عن تدبير نفقات حياته ربما تندهش لو قلت لك إنني لدي عمال نظافة في المستشفي يتقاضون أكثر من الطبيب إذن المسألة كلها تتلخص في جدول الأجور المعكوس في مصر منذ سنوات طويلة.. هناك أخطاء كبيرة يجب أن تصحح. * سألته.. هل يعني أننا أصبح لدينا مستشفيات ومراكز طبية يمكن أن نسميها مستشفيات بير السلم؟ ** بالتأكيد وأصبحت منتشرة جدا بدليل قرارات الغلق والايقاف وذلك فضلا عن ممارسات النصب علي الناس, فمثلا بعض أخصائيي العلاج الطبيعي يقومون بطبع روشتة طبية ويعلق لافتة ويمارس العمل الطبي وعندي مثال صارخ علي ذلك فهناك أحد خريجي كلية العلاج الطبيعي فتح مركزا للعلاج باستخدام الموجات الصوتية وبدأ يدعي أنه يعالج مشاكل الرحم وهذا منتهي العبث وقد أبلغ عنه بعض الزملاء وأعتقد أنه جري اتخاذ إجراء ضده, وهناك أيضا أخصائي آخر بمنطقة6 أكتوبر بالحي السابع يدعي أنه متخصص في الأمراض العصبية وهو خريج علاج طبيعي, هناك مراكز مستشفيات تفتتح وتعمل بالمناطق العشوائية وهي تفتقد حتي الأنبوبة الأوكسجين ويجمع أصحابها المبالغ الطائلة من دم المرضي ولا يقدمون لهم خدمة حقيقية.