تحل الجمعة الذكرى 59 لرحيل الشاعر الكبير "على الجارم" الذى لُقب بشاعر العروبة والإسلام لدفاعه فى أعماله عن الوطن العربى والدين الإسلامى. واشتهر الجارم بأنه شاعر المناسبات، لأنه كان يقول الشعر فى كل مجال، كما كان يجمع بين موهبة الشعر والنثر؛ فكان شاعرا، وقاصا، وروائيا، وناقدا، ولغويا، ونحويا، وتربويا. ولد الشاعر "على صالح عبد الفتاح الجارم" فى مدينة رشيد عام 1881، وتلقى تعليمه فى كتاتيب رشيد، ثم انتقل للدراسة بالأزهر الشريف، وبدأت ظهور موهبته الشعرية، وكان من أوائل دفعته، ثم التحق بدار العلوم وتخرج منها الأول؛ فأرسلته الدولة لبعثة إلى جامعة "اكستر" بإنجلترا لمدة ثلاث سنوات درس خلالها علم النفس وعلم التربية والمنطق، وعاد إلى مصر عام 1912. شغل الجارم العديد من المناصب التربوية عُين مدرسا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم نقل منها بعد سنة إلى دار العلوم مدرسا لعلوم التربية، وفى عام 1917 نُقل مفتشا بوزارة المعارف.. ثم رقى إلى وظيفة كبير مفتشى اللغة العربية، وظل فيها حتى 1940، وبعدها أصبح وكيلا لدار العلوم، وظل فيها إلى أن أحيل إلى المعاش عام 1942، وقد تم اختياره ضمن العشرة المصريين الأوائل الذين أسسوا مجمع اللغة العربية. كانت أول قصيدة له كانت بعنوان "الوباء" عام 1895 عندما انتشر مرض "الكوليرا" فى رشيد، كما كتب قصيدة فى الضباب عام 1910 عندما شاهد الضباب فى انجلترا. ومن أبرز قصائده قصيدة "العروبة" التى جاءت من 77 بيتا، والتى ألقاها فى مؤتمر الثقافة العربى الأول الذى أقامته الجامعة العربية فى لبنان عام 1947، وحينما زار بغداد كتب قصيدته المشهورة "بغداد يا بلد الرشيد" فكتب الجارم العديد من القصائد. ليس هذا فحسب بل كانت له جهود فى التعريب إذ عرب كتاب "قصة العرب فى أسبانيا"، وأسهم فى تأريخ الأدب العربى بتأليفه كتاب "تاريخ الأدب العربى" مع آخرين، كما ترك تراثا نثريا يكاد يزيد عن تراثه الشعرى، وكان أبرزها الأعمال النثرية الكاملة التى صدرت فى القاهرة عن الدار المصرية اللبنانية، وتقع فى 1040 صفحة تضمها ثلاثة مجلدات. ألف الجارم مجموعة من الكتب فى التاريخ والأدب منها "الذين قتلتهم أشعارهم"، و"مرح الوليد"، وتتضمن السيرة الكاملة للوليد بن يزيد الأموى، و"الشاعر الطموح" دراسة عن حياة المتنبى. ومن الروايات التاريخية "فارس بنى حمدان"، و"غادة رشيد"، و"هاتف من الأندلس"، و"شاعر وملك"، و"قصة ولادة مع ابن زيدون"، و"نهاية المتنبى". حصل على الجارم على العديد من الأوسمة، حيث منحته مصر وسام النيل 1919، والرتبة الثانية سنة 1935، وحصل من العراق على وسام الرافدين سنة 1936، ومن لبنان وسام الأرز عام 1947، وفى 8 فبراير عام 1949 توفى فجأة عندما كان يستمع إلى أحد أبنائه وهو يلقى قصيدة له فى حفل تأبين محمود فهمى النقراشى.