بالرغم من الجهود التي تبذلها وزارة الخارجية, ومكاتب التمثيل العمالي بالخارج لحل مشاكل العمالة المصرية, إلا أن كثيرا منهم يشكون من إهمالهم.. وعدم قدرة هذه الجهات علي حل مشاكلهم.. وكثيرا ما تثير الصحف ووسائل الاعلام هذه المشاكل التي قد تستعصي علي الحل برغم تدخل هذه الجهات. والسؤال الآن: كيف نحافظ علي حقوق العمالة المصرية في الخارج؟ يقول السفير احمد رزق( مساعد وزير الخارجية للشئون القنصلية والهجرة): إن مشاكل المصريين في الخارج لها اسباب منها زيادة اعدادهم, ورغم عدم وجود ارقام حقيقية تحصر هذا العدد, لكنها تقريبا تصل الي ما بين6,5 مليون مصري الي7 ملايين بالخارج يقيمون في مجتمعات عديدة, ومن الطبيعي ان تواجههم مشاكل في هذه المجتمعات, وما يبرز علي السطح أو تتناوله وسائل الاعلام هو القليل من هذه المشاكل, وعندنا في الخارجية قطاع قنصلي وغرفة عمليات, وحدة إرشادات السفر ووحدة تلقي الشكاوي وإدارة خدمات المصريين وادارة الاعلام والدبلوماسية العامة, بالاضافة لبعثاتنا في مختلف الدول, والعواصم, والمدن, ويوميا نتعامل مع مئات المشاكل, وبعضها يتم حلها من خلال الآليات, وبالتنسيق مع سلطات الدول المضيفة سواء عربية أو غير عربية, وهناك جهد مبذول ومتابعة من جانب السفارة أو القنصليات, أو البعثات, وهناك مساع مع اطراف المشكلة من الدول المضيفة, وغالبا ما ننجح في حلهما, وقد تكون هذه الاتصالات مع وزارات العمل في الدول المضيفة إذا كانت المشكلة تتعلق بالمستحقات المالية للعمال أو بالخارجية علي المستوي السياسي أو بالجهات الحكومية المختلفة المختصة في الدول المضيفة للمواطنين في الخارج. وهناك بعض المشاكل يحدث إنسداد في معالجتها وبالتالي في هذه الحالة لا حل إلا باللجوء للقضاء, وهذا مكلف ويحتاج لنفقات, ونسبة كبيرة من مواطنينا في الخارج يعملون في مهمة بسيطة ودخلهم ليس كبيرا, ولا يتحمل نفقات المتابعة القضائية وايضا ليس لدي القنصليات المصرية في الخارج الامكانات التي تسمح بذلك, وبالتالي كان من الضروري البحث عن وسيلة لمضمان تقديم المساعدة القضائية لمواطنينا في الخارج, ومن هنا تبرز اهمية مشروع إنشاء هيئة لرعاية المصريين في الخارج, وهذا المشروع موضوع دراسة من جانب لجان مجلس الشعب تمهيدا لعرضه علي المجلس, وهذه الهيئة سيكون لها دور مهم في حل جانب كبير من مشاكل المصريين في الخارج. سألناه: لكن المواطن يشعر بأن هناك بعض التقاعس في الاهتمام بهم وحماية حقوقهم في بعض الدول؟ يجيب: المواطن لايعرف جيدا ماذا تستطيع السفارة ان تفعل وما لا تستطيع ان تفعله, فهو ليس لديه هذه الخلفية, فأحيانا يطرق باب القنصلية في خدمة لاتستطيع ان تقدمها له مثل طلب محام علي سبيل المثال, ويجب ان يعرف المواطن ان القنصليات تتحرك في إطار قوانين, ونظم الدول المضيفة ويجب علينا احترامها ولا نستطيع تغييرها, وهذا الجانب يجب ان يؤخذ في الاعتبار, ومع ذلك فوزارة الخارجية تبذل كل جهودها للدفاع عن المواطنين في الخارج وتعاطف مع كل مشاكلهم للعمل علي حلها لكن كما قلت هناك أمور لا نستطيع ان نتجاوزها. هناك نقطة اخري بخصوص توقعات المواطن نفسه فيما يقدم له من خدمات وقد زادت لان درجة وعية ارتفعت, فقد اصبح أمامه نوافذ عديدة لعرض المشاكل من خلال الصحف, وثورة الاتصالات, والقنوات الفضائية وكلها تظهر زيادة مشاكل المواطنين في الخارج. وهناك نقطة تخص المواطن نفسه فعندما يعرض عليه عقد عمل لايدقق في الالتزامات المترتبة علي هذا العقد, وفي نفس الوقت لايكون علي دراية بالظروف الاجتماعية, والاقتصادية, والسياسية وقوانين العمل في البلد الذي سيعمل به, وبالتالي يفاجأ بانه مطلوب منه اكثر مما كان يتوقعه. دور وزارة القوي العاملة والهجرة: وعن الدور الذي يلعبه المستشارون العماليون لحماية العمالة المصرية في الخارج تقول السيدة عائشة عبدالهادي( وزيرة القوي العاملة والهجرة): إنه يوجد13 مكتبا للتمثيل العمالي في الدول العربية وغير العربية فيها مستشار عمالي, وملحق عمالي واحيانا ملحق اداري, واحيانا يتواجد اكثر من مكتب في الدول التي تزداد فيها العمالة المصرية مثل ليبيا حيث يوجد مكتب عمالي في طرابلس وآخر في بني غازي, وايضا في السعودية هناك مكتب في جدة وآخر في الرياض, وتم مؤخرا فتح مكتب عمالي في سوق العمل السودانية نتيجة وجود عمالة مصرية في السودان وايضا مكتب عمالي في الجزائر لوجود مدرسين هناك, ولنا مكاتب في جنيف, وايطاليا, واليونان. وتقوم مهام هذه المكاتب علي حماية حقوق العمالة المصرية, وحل مشاكلهم من خلال فتح خطوط ساخنة مع الاجهزة المسئولة وهذا يقع علي عاتق المستشار العمالي الذي يلجأ أولا الي الحل الودي, واكثر من90% من المشاكل تحل بالطرق الودية ولو تعذر الحل الودي بعد الاتصال بالقنوات الشرعية يتم اللجوء للحل القضائي, من خلال السفارة التي تضمن الدعم القانوني والفني. أما بخصوص الحديث عن تزايد المشكلات التي يتعرض لها المصريون في الخارج فهذا أمر وارد مقارنة بحجم العمالة في الخارج, والتي تقدر بالملايين, وهذا يدل علي أن المشكلات ضئيلة. وخلال جولاتي في الخارج, والكلام مازال علي لسان وزيرة القوي العاملة والهجرة: يكون علي جدول اعمالي بحث مشاكل العمالة المصرية في الخارج ووضع الحلول لها, واحرص علي لقاء الجاليات المصرية في البلد التي ازورها واستمع لمشاكلهم ونضع خطط عمل للدراسة وايجاد الحلول لها. ومن مهام المستشار العمالي في أي بلد أن يكون علي دراية بسوق العمل في هذا البلد, وقوانين العمل, واهم المهن المطلوبة وتدرج ضمن برامج الوزارة المهن المطلوبة في الخارج. وقد تمكنت من توقيع بروتوكولات عمل لاستقبال المزيد من العمالة المصرية في الخارج, وتقنين اوضاع العمالة الموجودة, علي سبيل المثال في الاردن قمت بالتعاون مع المحكمة الاردنية والسفارة المصرية هناك والتي قامت بدور الكفيل لنحو25 الف عامل مصري بالاردن كخطوة مسبوقة وايضا تم مساعدة الاف العمال في ليبيا. وللحفاظ علي حقوق المصريين في الخارج من المهم ربط سفره بوزارة القوي العاملة التي تقوم بدورها بالتنسيق مع الجهات المعنية بحفظ حقوق المواطن المصري, وتقوم بدور رقابي علي مكاتب التسفير وتتعرض المكاتب المخالفة لعقوبات تبدأ بتحرير محاضر ثم الغلق المؤقت, وذلك في حالة المخالفة لنصوص قوانين العمل, ومطلوب من المواطن المصري ان يوثق العقد الحاصل عليه بختم المستشار العمالي في الدولة المسافر لها, فهناك جهات محظور التعامل معها وهم قلة من أصحاب الأعمال يسيئون التعامل مع المصريين في الخارج, ولذلك لانقوم بتسفير عمالة عن طريقهم, وهذا يوضح أهمية وجود دور للوزارة بالعمالة المسافرة للخارج للحفظ حقوقهم, وأدعو كل مواطن مصري يواجه مشكلته ان يتوجه بالأوراق التي تثبت حقه إلي المستشار العمالي في الدولة الموجود فيها لحماية حقوقه. روابط المصريين هي الحل: يقول الدكتور السيد عليوة أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان: ان سوء معاملة المصريين في الخارج باتت ظاهرة تحمل وجها قبيحا لأوضاع مواطنينا في الخارج سواء الدول العربية أو غيرها وأسبابها في رأيي نقص ثقافة المصريين في الخارج بعادات وثقافة الدول المضيفة وبالتالي يلزم تأهيلهم بالمعرفة اللازمة والثقافة المتسامحة للتعامل مع الشعوب الأخري, ولكن بالطبع لاننسي تقصير الجهاز الدبلوماسي المصري إما بسبب ضغط الوقت, والمسئوليات الرسمية أو بسبب نقص التقدير الكافي للمواطن المصري الذي يلقي الهوان في الداخل والخارج علي يد البيروقراطية العتيقة, و هناك أيضا نقص الخبرات والمعرفة للمواطنين المصريين, والتي تؤهلهم لاحتياجات سوق العمل الدولي, الأمر الذي هبط بمستوي الطلب علي العمالة المصرية للدرجة الدنيا حتي أصبحت العمالة الآسيوية تنافسهم خاصة في الخليج, فضلا عن ان الشعوب المضيفة نفسها تفتقر إلي ثقافة العصر القائمة علي التسامح, وحسن المعاملة والتنافس الشريف. هناك عامل آخر مهم في سوء معاملة الرعايا المصريين في الخارج ويتمثل في التزاحم من جانب الأيدي العاملة المصرية والضغط السكاني الطارد للمصريين بالخارج, وافتقارهم إلي تسجيل روابط ثقافية تقوم بالتعبير عن مصالحهم في الدول المضيفة, وهذه الروابط تقيم علاقات صداقة مع هذه الدول, وتدافع عن مصالح المصريين, وللأسف فإن ضعف المجتمع المدني يعد سمة موجودة في البلاد العربية رغم أهمية دورها. إذن حماية حقوق الإنسان والتقصير وارد من الأجهزة الحكومية في الداخل والخارج, وحتي من سلطات الدول المضيفة والعوامل السابق ذكرها صعبت أوضاع بعض الرعايا في الخارج والحل هو تبني روح عصر العولمة, والتنافسية, والحريات العامة, وحقوق الإنسان, والدور المتزايد للمجتمع المدني وتنشيط دور سفاراتنا في الخارج, وتكوين نوادي المصريين في الخارج لتدافع عن حقوقهم مثلما نري في الدول الأجنبية, ورفع قيمة العمالة المصرية بتأهيلهم لسوق العمل الدولية المتغيرة ورفع المستوي الفكري والثقافي لهم, وأخيرا عقد اتفاقيات حسن معاملة, والمعاملة بالمثل مع الدول التي تسئ معاملة رعايانا واتخاذ مواقف عادلة للدفاع عن مواطنينا إذ أحيانا تهدد مصالح الأفراد وتأتي مصالحهم في الدرجة الثانية حفاظا علي علاقاتنا بهذه الدول, لكن كرامة الإنسان الفرد وحقوقه أصبحت مطلبا أساسيا. وتقول ابتسام حبيب عضو مجلس الشعب: أنا عضو في اللجنة الثقافية بالبرلمان الأورومتوسطي وقد ناقشنا داخل اللجنة مشاكل الرعايا بالخارج واقترحت إنشاء هيئة تقوم بمتابعة مشاكل المصريين في الخارج وممارسات الدول المضيفة ودور الهيئة عرض مشاكل ومطالب المصريين وحلها حتي لانجد المعاملة المهنية الموجودة الآن.