أنهى مرشحو انتخابات الرئاسة الإيرانية حملة انتخابية عنيفة شهدت تلطيخا للسمعة السياسية لم يسبق له مثيل، وحشودا كبيرة في طهران من أنصار رئيس الوزراء السابق المعتدل "مير حسين موسوي" الذي اتهمه القائد في الحرس الثوري "محسن رضائي" بمحاولة شن "ثورة مخملية". ويأمل الإصلاحيون أن تمنع انتخابات 12 يونيو/ حزيران 2009 الرئيس المتشدد "محمود أحمدي نجاد" من الفوز بفترة حكم ثانية. وتوقع محللون أن فوز "موسوي" – 67 عاما - سيزيد من تدفق الاستثمارات الغربية على الجمهورية الإسلامية، مؤكدين أن لديه فرصة أفضل للفوز بالرئاسة. وقال "كليف كوبشان" - من مركز أبحاث اوراسيا لاستشارات المخاطر - إن انتصار "موسوي" سيدفع بعض المستثمرين إلى البدء في استكشاف السوق الإيرانية كخيار محتمل على المدى المتوسط. بينما أعرب آخرون عن اعتقادهم بانتصار "نجاد"، استنادا إلى شعبيته بين الفقراء. وقال رئيس تحرير صحيفة "كايهان" الدولية المحافظة "حامد نجفي" إن الرئيس الحالي "أحمدي نجاد" يتمتع بتأييد كبير في الريف. وبالنسبة للإيرانيين، فهذه فرصة للحكم على سجل "نجاد" الاقتصادي وبرنامج أعماله الاجتماعي الإسلامي المتشدد. وقال أحد المحللين بطهران - طلب عدم ذكر اسمه – إن السباق متقارب بين "نجاد" و"موسوي"، ومن الصعب توقع أن يحصل أي من هذين المرشحين على أكثر من 50 %. وإذا لم يحصل أي من المرشحين ال4 على أغلبية واضحة، فسيخوض المرشحان اللذان يحصلان على أعلى الأصوات جولة ثانية يوم 19 يونيو/ حزيران 2009. خصوم "أحمدي نجاد" اتهموه بالكذب فيما يتعلق باقتصاد إيران، الذي تضرر من ارتفاع الأسعار، وانتشار البطالة. علي أكبر هاشمي رفسنجاني وفي المقابل، اتهم "نجاد" الرئيس السابق "علي أكبر هاشمي رفسنجاني" – القوي النفوذ والمؤيد لموسوي – بالفساد. من جانبه، حث "رفسنجاني" المرشد الأعلى "آية الله علي خامنئي" – في رسالة مفتوحة - على كبح جماح "نجاد"، واستخدام سلطته (خامنئي) للتأكد من أن الانتخابات ستكون نزيهة. من جهة أخرى، حطمت زوجة "موسوي" التقاليد لتشن الحملة علنا وجهرا إلى جانب زوجها، وساعدت في جذب تأييد النساء والإيرانيين الأصغر سنا - الذين لا يتذكرون فترة رئاسته للوزارة في الأعوام الأولى من الثورة الإسلامية التي قامت عام 1979 - حملة "موسوي" أطلقت دفعة للفتيات والشباب في طهران، الذين عبروا عن رغبتهم في تغيير بلادهم، معلنين رفضهم للتشدد والتقييد المفروض عليهم، حيث ألقت نساء بجرأة بالحجاب ورقصن علنا مع الرجال في الشوارع. زوجة "مير حسين موسوي" لكن المحللين يقولون إن من غير المرجح أن يطلق انتصار "موسوي" تغييرا زلزاليا في دولة يتخذ فيها الرئيس الأعلى "خامنئي" القرار بنفسه في القضايا السياسية الرئيسية. وأيا كان من سيفوز بانتخابات الرئاسة الإيرانية، فإنه لن يتمتع سوى بسلطة محدودة في النظام المعقد من حكم رجال الدين والاقتراع الشعبي. ففي استفتاء أجري بعد قيام الثورة الإسلامية عام 1979، وافق الإيرانيون بأغلبية ساحقة على إقامة جمهورية لتحل محل الملكية - التي كانت تدعمها الولاياتالمتحدة - وفي وقت لاحق من ذلك العام أيدوا دستورا جديدا لنظام سياسي يجمع بين عناصر الديمقراطية والزعامة الدينية غير المنتخبة. ومن ثم يصبح الرئيس المنتخب تابعا تماما للمرشد الأعلى المعين. وعلى نفس المنوال، يلقي مجلس صيانة الدستور – المكون من 12 من علماء الدين والقضاة غير الشرعيين غير المنتخبين - بظلاله على البرلمان المنتخب، وللمجلس سلطة رفض أي تشريع يتنافى مع الإسلام، وحق الاعتراض على المرشحين لانتخابات الرئاسة والبرلمان الذين يراهم غير ملائمين للمنصب. وتقول إيران إن ما يترتب على هذا "ديمقراطية إسلامية"، بينما يرى منتقدون أن هذا مظهر "زائف"، حيث لا يتمتع بالسلطة الحقيقية إلا رجال دين غير منتخبين. ونظريا، تجيء سلطة الرئيس في المرتبة الثانية بالمقارنة بسلطات المرشد الأعلى - المنصب الذي يشغله آية الله علي خامنئي منذ عام 1989 – وعلى صعيد الممارسة، تقيد مجموعة من الأجهزة غير المنتخبة - يسيطر عليها في الأغلب رجال دين متشددون - حرية تصرف الرئيس. ودعمت هذه الأجهزة - ومن بينها مجلس صيانة الدستور - الرئيس "محمود أحمدي نجاد" منذ انتخابه عام 2005، لكنها أحبطت سلفه الإصلاحي "محمد خاتمي". والرئيس الإيراني مسئول عن السياسة الاقتصادية، ويتولى إلى جانب وزراء في حكومته إدارة الشئون اليومية للدولة. كما يرأس الرئيس المجلس الأعلى للأمن القومي. ويستطيع توقيع اتفاقيات مع حكومات أجنبية، والموافقة على تعيين السفراء. أما القضايا الأكبر حجما فيتركها للمرشد الأعلى، الذي يعينه مجلس من كبار علماء الدين يتم انتخابه في اقتراع شعبي. آية الله علي خامنئي وللمرشد الأعلى القول الفصل في أمور مثل السياسة النووية، والعلاقات الخارجية، خاصة أي قرار يتعلق بتحسين العلاقات مع الولاياتالمتحدة. وهو الذي يحدد الخطوط العريضة للسياسة الداخلية والخارجية، ويسيطر بشكل مباشر على القوات المسلحة، ووكالات المخابرات، كما يعين رئيس السلطة القضائية، ورئيس هيئة الإذاعة الحكومية، إلى جانب مناصب مهمة أخرى. ويوجد ممثلون شخصيون للمرشد الأعلى في مختلف مؤسسات الدولة والمناطق. (رويترز)