حقيقة ان الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن هو الشخصية الاكثر كراهية بين العرب .. حتى بعد تخليه عن منصبه .. كانت خلاصة نتيجة اخر استطلاع راى اجرى في ست دول من منطقة الشرق الأوسط الشهر الماضي ، حيث اختير كأكثر زعيم اجنبى غير محبوب . على النقيض نجد ان الامر قد يكون مختلفا مع الرئيس باراك اوباما في بداية زيارته الى الشرق الاوسط والتي سيخاطب خلالها العالم الإسلامي من القاهرة ، وعلى الرغم من شعبيته المتزايدة التى توازى نجوم الروك الا ان مشكلة اوباما أنه يجب ان يعى ان التماسه ردود فعل إيجابية من البلدان العربية يجب ان ترافقها توقعات من العرب قد يكون من الصعوبه عليه الوفاء بها . نفس الاستطلاع الذى كشف أن 61 ٪ يكرهون بوش ، كشف ايضا ان ما يقرب من نصف العينة نحو 45 ٪ اتخذوا موقف إيجابي من الرئيس الجديد. و الغريب فى الامر انه في منطقة تشتهر بالاستخفاف الشديد للسياسة الأميركية وجد الاستطلاع ان 51 ٪ من أفراد العينة يحملون الامل او بعض منه لخطط أوباما الخاصة بالشرق الأوسط. فيقول شلبى تلهامى Shibley Telhami الباحث الرئيسي فى دراسة الرأي العام العربي لعام 2009 التى قامت بها جامعة ميريلاند مع مؤسسة زغبي الدولية ان "الناس تريد أن تقع في الحب معه ، ويريدون أن يؤمنوا به :" مضيفا ان التوقعات ازاء اوباما " تزداد بشدة ". أوباما سيفوز ببعض الثناء لمجرد ظهوره في القاهرة ، أكبر المدن العربية سكانا (17 مليون نسمة ) ، فخطابه الذى سيلقيه في جامعة القاهرة في قلب مدينة الف عام ، من المرجح أن يولد صورة ايجابية تختلف عن صورة مناهضى امريكا الذين يحرقون علمها وهى الصورة التى طغت في السنوات الأخيرة . سيخطب الرئيس الاميركي وسط دوى التصفيق ، وشباب مصريين يبتسمون .. ولكن يحسب لاوباما توجهه للعالم الإسلامي حينما قال فى خطاب تتويجه رئيسا للولايات المتحدة الافتتاحي " إن الولاياتالمتحدة تسعى الى "طريق جديد للتقدم ، على أساس المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل". وقد رحب البعض بنبره اوباما التصالحية التوافقية بينما قدم البعض الاخر له بعض الشك لمجرد أن جذوره ترجع لأسرة مسلمة وان اسمه الاوسط "حسين" . وقد كانت هناك تعليقات وروىء ايجابية في المنطقة بالنسبة لبعض الخطوات الأولية التى اتخذها اوباما عندما تولى منصبه ، مثل اصداره أمر بإغلاق سجن جوانتانامو ، و اقراره الانسحاب التدريجى للقوات الامريكية من العراق فضلا عن دعوته الى استئناف مفاوضات السلام العربية الاسرائيلية. كما قد تحسنت أيضا العلاقات الامريكية المتوترة مع القادة العرب المعتدلين ، وبدأت في عكس الجهود التي تبذلها الولاياتالمتحدة لعزل الخصوم مثل ايران وسوريا. "أوباما هو بالتأكيد مختلف عن بوش" هكذا اعلن الرئيس المصري حسني مبارك مؤخرا مشيرا الى ان "أوباما هو رجل يولى ألاعمال قدر كبير من الدقة والواقعية والعقلانية". المنحى الدافىء الذى قد يكون بين العرب و اوباما ، لاشك يعد امرا مثيرا للقلق ، للبعض في اسرائيل ، حيث أظهر استطلاع أجري مؤخرا ان 31 ٪ فقط يعتقدون أن أوباما كان المؤيد لإسرائيل. و بعد محادثات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو مؤخرا مع اوباما في واشنطن ، نقلت صحيفة معارييف الاسرائيلية نقلا عن مصدر سياسي اسرائيلي رفيع قوله بإن "إسرائيل لم تعد ابن أميركا المدلل ". الاستقبال الإيجابي للرئيس اوباما في العالم العربي ، يمكن بالتأكيد أن يساعده ، على الأقل في المدى القريب ، مع مختلف المبادرات الرامية إلى إصلاح المصالح الاميركية في المنطقة. . ولكن نبيل فهمي ، السفير المصري السابق لدى الولاياتالمتحدة يقول ان "هناك شرخ هائل فى العلاقات بين أميركا والشرق الأوسط بسبب السنوات الثماني الماضية" ، و يؤكد ان "هناك ثلاث أزمات كبرى : افغانستان والعراق والصراع العربي الاسرائيلي ولتحقيق تقدم فى هذه المسائل يجب ان يكون لديك لاعبين اقليميين لمساعدتك في هذه الامور ". و الصعوبة التى سيواجها اوباما ترتكز على قدرته فى الوفاء بالتوقعات التى ساهم فى ارتفاع شانها ، فقد يكون أوباما أكثر شعبية بين العرب اذا ما نجح فى الضغط على اسرائيل ، ولكن اذا رفضت حكومة نتنياهو اليمينية الجديدة ان تتزحزح ، أو في حالة وقوع هجمات فلسطينية على إسرائيل فان الرئيس الامريكى يخاطر بفقدان تاييد جانب كبير من مؤيدي اسرائيل في الكابيتول هيل ( مقر الكونجرس ). اما القضية الشائكة الثانية : فهي الديمقراطية. فإذا لم يضغط أوباما من اجل مزيد من الحرية في الشرق الأوسط ، فانه سوف يصطدم بنشطاء الديمقراطية فى المنطقة .. و اذا ضغط من أجل التغيير السياسي ، فانه سوف يقوض الدعم المفترض من القادة العرب (المستبدين ) الذين يدعمون جهوده و خططه من اجل التوصل لسلام شامل مع اسرائيل . اما ايران ، فقد قد تكون مسألة أخرى تعترض مسار أوباما فى اتجاهين .. فاذا تصرف بعدوانية ازاء البرنامج النووي للجمهورية الاسلامية ، فان الشارع الاسلامى سيراه يعمل لصالح اسرائيل ، ويمارس سياسة الكيل بمكيالين اذا ما رفض انتقاد ترسانة اسرائيل النووية المشتبه بها. اما اذا كان متسامحا للغاية تجاه طهران فان (المستبدين) العرب واسرائيل سوف يدقون ناقوس الخطر حول الخطر الفارسي . و يقول هنا ديفيد وولش David Welch ، السفير الاميركي السابق لدى مصر "من الواضح أن أوباما يحاول تغيير مسار سفينة الدولة" ، ويضيف "لكن درجة واحدة من الفرق بين سياسة إدارة و سياسة أخرى ليست كبيرة. ، فيمكنك إعادة التغليف أو اجراء التعديلات ، ولكن في ظل الجمهوريين أو الديمقراطيين ، كان هناك نوعا ما من التركيز على بعض الأساسيات." ليس من الواضح ما الذي يريد العرب الاستماع له .. فاستطلاع الرأي الاخير في مصر ، والمملكة العربية السعودية ، الأردن ، المغرب ولبنان والامارات العربية المتحدة يشير الى الامال المرتفعة التى يحملها الشرق الأوسط ازاء أوباما ، لكن ايضا يشير الى ان التشكك في مصداقية الولاياتالمتحدة ما يزال مرتفعا. فقد سجل الاستطلاع ان 18 ٪ فقط يحملون وجهة نظر ايجابية للولايات المتحدة ، بينما هناك 77 ٪ يعكسزن بطرقة او اخرى وجهه نظر سلبية و غير ملائمة إلى حد ما ازاء الولاياتالمتحدة الرسالة واضحة : إن العرب يعطون فرصة لأوباما ، ولكنهم يتوقعون حدوث تغير جوهري في الاتجاه من الولاياتالمتحدة ، فتقول هالة مصطفى ، رئيس تحرير المجلة العربية للديمقراطية "اذا كان سيأتي ليقول' نحن نحترم الاسلام .. وأمريكا ليست ضدك ، فان هذا سيكون مجرد بلاغة كلام "، مشيرة انه "لردم الهوة ، الامر يحتاج الى تغيير بعض السياسات والاضطلاع بدور أكثر نشاطا في حل مشاكل الشرق الاوسط. . انه سيكون شجاعا اذا ما اكد على التحديات الحقيقية التي تواجهنا اليوم ، مثل الحاجة إلى الحرية ، والتسامح ، واحترام الحقوق الفردية وحقوق المرأة والتنوع ". قبل عامين ، كان عدد قليل من شأنه أن يمنح الفرصة لاوباما للفوز بالبيت الابيض ، وذلك يشير حقيقة الى انه سياسي استثنائي. لذا سيكون عليه بالتأكيد ان يعمل من أجل الفوز فى العالم العربي ، وابقائه على الجانب الأميركي. التايم الامريكية - سكوت ماكلويد / القاهرة الثلاثاء ، 02 يونيو ، 2009 تحرير و ترجمة : خالد مجد الدين